عادل الهاشمي رائد النقد الموسيقي والغنائي العراقي

عادل الهاشمي رائد النقد الموسيقي والغنائي العراقي

شاكر فريد حسن
عادل الهاشمي، شيخ النقّاد الموسيقيين العراقيين، الذي رحل على حين غرة في القاهرة قبيل حضوره مهرجان الموسيقى العربية عام 2011، إثر نوبة قلبية حادة داهمته في غرفته الخاصة بفندق"أم كلثوم».
يعد عادل الهاشمي من القامات الإبداعية الشامخة والأعلام النقدية البارزة في الحقل الموسيقي،

وقد شكّل مرجعاً مهماً للباحثين والمشتغلين في قضايا وشؤون الموسيقى العربية لما امتلكه من دراية ومعرفة ووعي فني وثقافة موسوعية وتجربة غنية وثرية في هذا المجال، تاركاً بصمات واضحة على الثقافة النقدية الموسيقية العراقية والعربية والإنسانية الحديثة.
ورغم جحافل الاحتلال والبؤس والهزيمة التي تتربص بالذات العربية، ظل ايمان عادل الهاشمي بالحياة يتعاظم، وغاب عن الدنيا مخلفاً كل هذا الصدق والوضوح والتحدي والعطاء الثر والأسئلة التي تغرس نصالها المستفزة في الخاصرة العربية المكلومة.
عادل الهاشمي ناقد موسوعي بارع، ومتذوق وقّاد للموسيقى والاغنية، اتصف بالصراحة والجرأة والعلمية والجهر برأيه الموسيقي، ولعب دوراً فاعلاً في تنمية وترقية الذوق الموسيقي والفني في الذائقة الشعبية العراقية والعربية. اشتغل مدرساً للموسيقى في معهد الدراسات الموسيقية والنغمية وكلية الفنون الجميلة في العاصمة العراقية - بغداد، وكان عضواً في لجنة فحص الأصوات الغنائية، وعمل محرراً ومشرفاً على الصفحات الفنية في عدد من الصحف والمجلات العراقية، منها"الثورة"و»الجمهورية"و»ألف باء»، واشتهر بعموده الاسبوعي"المرفأ الموسيقي"في صحيفة الجمهورية البغدادية.
رأى الهاشمي أن الأغنية العراقية في المرحلة الراهنة والحاضرة أصبحت فائضاً اعتراضياً للحياة العراقية، وإن الغناء العراقي تأثر بالمناخ الذي كان سائداً قبل الاحتلال، وهو غناء تشظي، غناء مثلوم وناقص، وغناء ترك مرتكزاته التاريخية والأساسية في حفظ الذات العراقية، وهذا الغناء أصبح غناءً غرائزياً بعيداً عن التعبيرية والجمالية والوصفية، التي تميّز بها الغناء العراقي في مراحله السابقة، وسقط في بئر التكرار وبئر العدمية. وحرص الهاشمي على أساسيات الموسيقى وفنونها ووظائفها الجمالية الراقية الأصيلة، ونادى بالحفاظ على التراث الغنائي العراقي الجميل، واستعادة المجد والوهج للأغنية العراقية.
أثرى عادل الهاشمي المكتبة الغنائية والموسيقية العراقية والعربية بأعمال ودراسات رائدة ومهمة، أبرزها : الموسيقى العربية في ألف عام، الموسيقى والغناء في عصر الإسلام وحتى احتلال بغداد، العود العربي بين التقليد والتقنية، فن التلاوة أصوات وأنغام، أصوات وألحان كردية وسواها. وهذه الأعمال والمؤلفات التي وضعها وخلفها وراءه هي كنزٌ من كنوز الثقافة الموسيقية العراقية والعربية، وإرثه الموسيقي هو ذخر للعراق والوطن العربي، محفوظاً في الذاكرة الجماعية للشعب العراقي، وسوف يحافظ هذا الشعب ومثقفوه ومبدعوه على هذا التراث حفاظه على ذكرى وتراث المتميزين والمتفردين والروّاد الخالدين من أبنائه البررة، الذين برعوا في مجالاتهم المختلفة. فالوداع يا نخلة ودوحة العراق الباسقة، ويا فقيد النقد الموسيقي العراقي، والرحمة على روحك التي عانقت باريها واحتضنها التراب العراقي الغالي.