اقتصاديات : ما الذي نفذ من الموازنة؟

اقتصاديات : ما الذي نفذ من الموازنة؟

 عباس الغالبي
تتحدث معطيات الواقع عن مستويات انجاز متدنية بطيئة تسير سير السلحفاة، في وقت تشكو المؤسسات الحكومية من وزارات وهيئات وحكومات محلية من بيروقراطية متأصلة من قبل وزارة المالية الجهة القطاعية المشرفة والمسؤولة على صرف التخصيصات المالية للموازنة العامة للدولة، ويبدو أن هذه الإجراءات البيروقراطية ليست وليدة اليوم بقدر ما هي سياقات قديمة حديثة، لكنها تلقي بظلالها على مشهد التنفيذ لحيثيات الموازنة ولاسيما الاستثمارية منها.

ومن الضرورة بمكان أن نشير إلى أن التأخير الذي أصاب عملية إقرار الموازنة في مجلس النواب هو الآخر جعل المشاريع التي تضمنتها الموازنة الاستثمارية مازالت تراوح في مكانها، ولم يلمس المستهلك أية بوادر معينة على صعيد القطاع الخدمي أو الإعماري او الإنتاجي ، ما جعل نسب الانجاز والتنفيذ في حيثيات الموازنة أسيرة الإجراءات التشريعية ومعها الحكومية التي تتعلق بوزارة المالية.
وإذا ما عرجنا على هذه الإجراءات لابد إن نشير إلى أن المالية قد حصرت جميع خطابات الضمان بمصرف التجارة العراقي، في وقت تشكو المصارف الخاصة من تضييق السماحات إلى حدود الثلاثة ملايين دولار فقط من دون مبررات عملية لوزارة المالية إلى هذا التحديد في وقت تعلم المصارف الخاصة عن استعدادها الكامل لفتح خطابات الضمان بأي سقف مالي أسوة بالمصارف الحكومية التي تنفرد بهذه الخاصية والتي يعدها الكثير من الاقتصاديين والمصرفيين على وجه الخصوص أنها تقييد لحركة المنظومة المصرفية الخاصة، وانحياز لمثيلاتها الحكومية، وهذا بطبيعة الحال مؤشر لسياسة مصرفية مرتبكة غير مدروسة، حيث أن هذا الشعار العريض الذي تتذرع به المصارف الخاصة لتراجع أدائها قبالة المصارف الحكومية من الضروري أن تتعامل معه الحكومة بشكل جدي لوضع الادعاءات قي نصابها الصحيح.
ولم تتوقف المعوقات عند الإجراءات البيروقراطية لوزارة المالية، بل تتعدى ذلك إلى القدرة والإمكانية التنفيذية للأجهزة الحكومية والتي ترتبط بالإرادة الوطنية للتنفيذ التي عادة ما تصطدم بإبعاد سياسية وأخرى ذاتية، حيث نرى أن الأعوام المنصرمة شهدت تلكؤاً في كثير من الوزارات والمحافظات بعض لافتاً للنظر وبحاجة إلى وقفة ليست تأملية وإنما حسابية عقابية بضوء المعطيات التي لمسناها على أرض الواقع، ناهيك عن آفة الفساد المالي والإداري التي تتغلغل في جسد المؤسسات الحكومية حد النطع القاتل، والتي تجعل من الموازنة تسير عرجاء لا تؤدي مؤداها، ولا يصل منها إلى المستهلكين سوى النزر اليسير، وهذه الطامة الكبرى التي درجنا على التعامل معها كمراقبين مع أشاراتنا وتذكيرنا وتحليلنا ونقدنا لكثير من المعطيات التي تخص سير الموازنة الاستثمارية، أو من خلال تعرضنا لمجمل الاختلالات والمشكلات التي تعاني منها القطاعات الاقتصادية.
ويبقى أن نقول إن العام الحالي قضى منه نصفه الأول ومازالت الموازنة لم تفصح عن نفسها والأرقام غائبة عن مراكز التحليل والاستطلاع وبعيدة عن وسائل الإعلام، وهذا الأمر يعد خللاً في مستويات التنفيذ والانجاز من شأنه ان يؤثر على الجانب الخدمي والاعماري والاقتصادي بشكل سلبي.