في 5 تشرين الثاني 1966..افتتاح ملعب الشعب ومباراة لا تنسى

في 5 تشرين الثاني 1966..افتتاح ملعب الشعب ومباراة لا تنسى

اعداد : ذاكرة عراقية
رغم ان الملعب الدولي كان يشكل حاجة اساسية للحركة الرياضية في العراق لعدم امتلاك العراق ملعبا بمواصفات دولية يسع لاعداد غفيرة من المتفرجين. الا ان انشاء ملعب الشعب تعود قصته الى حضور الزعيم عبدالكريم قاسم رئيس الوزراء المباراة النهائية لدوري الجيش بين فريقي القوة الجوية والفرقة الثالثة. وبعد إنتهاء المباراة إجتمع الزعيم باللاعبين،

وطلب منهم أن يعرضوا عليه إحتياجاتهم، وكل مشاكلهم، فطلب بعض اللاعبين دوُراً سكنية، والبعض الآخر طالب بتحسين ظروفه المعيشية، وحين وصل الدور للاعب إلبرت خوشابا قال له: نحن بحاجة ماسة إلى ملعب دولي ياسيادة الزعيم فملعب الكشافة ملعب صغير، وبائس..
فضحك الزعيم، وقال: إتدللوا، راح نبنيلكم ملعب كبير.
فكان ملعب الشعب بعد ان أتفق الزعيم مع شركة كولبينكان!.. وكان من المؤمل انشاء ملعب آخر مماثل في جانب الكرخ وتحديدا عند موقع ملعب الادارة المحلية بالمنصور.
في أواخر عام 1959 أستقبل الزعيم عبد الكريم قاسم (رئيس وزراء الجمهورية العراقية) بمكتبه في وزارة الدفاع وفداً رفيعاً من مؤسسة (كالوست كولبنكيان) للاعمال الخيرية والتعليمية والفنية والعلمية التابعة لرجل الأعمال الأرمني الراحل في عام 1955 كالوست سركيس كولبنكيان فحوى اللقاء كان يخص عرض الشركة الذي قدمته لحكومة العراق، والقاضي بمنح نسبة من المُنحة الثابتة من النفط العراقي المخصصة لها لتنفيذ مشاريع تنموية وإعمارية في بغداد، على أن يكون اختيار تلك المشاريع ونوعيتها للحكومة العراقية، والريع”من حصة العراق النفطية”مقدما من الشركة التي تحتكر خمسة بالمائة منه.وأخيرا تمخضت عن تلك الاتفاقية صروحا مقترحة من قبل حكومة العراق وممولة من قبل مؤسسة (كالوست كولبنكيان) وهي:

المتحف العراقي – المسرح الوطني – مدينة الطب - ملعب الشعب الدولي لكرة القدم اضافة الى ما يقارب من الـ100 زمالة دراسية عراقية لأرقى الجامعات في الولايات المتحدة وبريطانيا لتخريج الكفاءات التي تخدم الوطن. كما ان الاعلان التاريخي عن انشاء ملعب الشعب الدولي كان قد جاء من خلال خطاب الزعيم عبد الكريم قاسم الذي ألقاه في ملعب الكشافة بتاريخ 21نيسان/أبريل من عام 1960 وأمام أكثر من 15 ألف مواطن والذي أعلن فيه انشاء ملعب جديد بالعراق اسمه ملعب الشعب.

أرقام عن ملعب الشعب:
- كلفة البناء (1 مليون دينار عراقي) - المساحة الاجمالية 200 ألف متر مربع
- السعة الاجمالية 45 ألف متفرج - مضمار لالعاب القوى مغطى بالتارتان
- يحتوي على 18 بوابة دخول موزعة على الجهتين -أبراج إنارة ترتفع عن الأرض بمسافة 55 مترا على وفق المواصفات العالمية.
- مساحة خارجية لوقوف السيارات تبلغ 40 الف متر مربع تسع لوقوف 4 الاف سيارة
يوم استوعب الملعب 85 الف متفرج:
من غرائب ملعب الشعب ايضا فعلى الرغم من كونه ملعبا مخصصا شبه كليا لكرة القدم وقضى جل عمره بمبارياتها مع بعض الفعاليات المعدودة التي ذكرناها الا أن ما يـُشهد له أن أكبر نسبة حضور جماهيري في تاريخه شهدها ليس لمباراة كرة قدم ولكن لنزال مصارعة بين عدنان القيسي ومصارع كندي بلغت نسبة الحضور فيه الى 85 الف متفرج!! والسبب ان الملعب سعته القصوى 50 ألف لكن نزال المصارعة كان وسط حلبة صغيرة في منتصف ساحة اللعب أي أن للجمهور مساحات متاحة بالنزول الى أرضية الملعب بالكامل.
ويقول اللاعب العراقي السابق قاسم محمود الملقب بقاسم زوية عن ذكرياته لذلك اليوم الرياضي الكبير :
مازلت استذكر بمحبة كبيرة افتتاح ملعب الشعب ومباراتنا مع نادي بنفيكا واذكر ايضَا ما كان قبل هذا اللقاء اذ اننا كنا نتدرب في مدرسة التدريب الرياضي في معسكر الرشيد التابع لالعاب الجيش وكان التدريب صباحًا وعصرًا، ثم قل عندما دخلنا في اسبوع المباراة وقبل يوم من المباراة دخلنا معسكرًا في فندق (تايكرس بالاس) في شارع الرشيد.. وهذه المباراة لها طعم لان الفريق البرتغالي كان عالميا وظهر صيته وكان اللاعبون فيه مشهورين ولهم وزن وعندما جاءوا، رأيناهم... هم صحيح لاعبون مميزون ولكنهم لم يختلفوا عنا كأجسام ولن ينقصنا سوى التدريب الصحيح الذي تواكبه المنتخبات العالمية، وما اريد ان اذكره هنا اننا كنا قد سافرنا قبل وقت من هذه المباراة الى تركيا للمشاركة في بطولة المجلس العسكري جلبنا احذية ذات نتوءات (استدات) بارزة على غير ما كان موجودا في العراق من احذية (الاديداس والبوما) ذات (الاستدات)غير البارزة، وقد استخدمنا الاحذية التركية لان الثيل كان (ثخينا)، وكانت تحدث صوتًا قويًا مزعجًا يضرب في الرأس وعندما قال لنا ابراهيم الشيخ مدير العاب الجيش تفضلوا رئيس الجمهورية يريدكم على المنصة ان تسلموا عليه اخذونا من وراء الملعب فنزعت الحذاء وانتعلت مداسا بدلا عنه.
ويضيف قاسم مستذكرًا هدفه الذي كان علامة فارقة في حياة ملعب الشعب حيث انه الهدف العراقي الاول في شباك مرماه: المدرب المرحوم عادل بشير كان يستأنس برأي اللاعبين فحين قال لي انا الذي العب في مركز خارج اليسار مع من تنسجم قلت له: اريد البير خوشابا لأننا نلعب معًا في فريق المصلحة، والهدف الذي سجلته جاء من هات وخذ بيني وبين البير على مدافعي بنفيكا ومن ثم سددت الكرة قوية لتذهب الى المثلث وتهز الشباك، لا اقول انني لم افرح ولم اشعر بسعادة.. بل فرحت وشعرت بسعادة لاسيما ان الهدف سجل في مرمى حارس مرمى عالمي ومن بين مدافعين لعبوا في كأس العالم، لم اشعر بعد المباراة بالفرح بقدر ما انزعجنا كفريق كامل من الهدف الثاني الذي سجله (بنفيكا) والذي كان بسبب سهو من المرحوم حامد فوزي حارس مرمانا حيث كان يتكلم مع المدافعين قبل تنفيذ الضربة التي كانت من وسط الساحة وقد اثر علينا كثيرا هذا الهدف وكنا نتمنى ان نخرج متعادلين لان التعادل له قيمته، شعرت بطعم الهدف الذي سجلته ولكن الهدف الثاني اذهبه، وما يجب قوله ان الفريق كان عائلة واحدة وعلى الرغم ان فيه لاعبين اميين ولكنهم كانوا يجيدون اللعب في مراكزهم ويلتزمون جدا بتعليمات المدرب. واكد قاسم : هذا الهدف والافتتاح الجميل لملعب الشعب يجعلني كل عام استعيد ذكريات الماضي، وافرح عندما اسمع ان الناس تذكرني بخير كأنجاز عمل جيد وافتخر ان الناس تمتدحني.