الحكومة الإلكترونية وإدارة الدولة

الحكومة الإلكترونية وإدارة الدولة

علي نافع حمودي
منذ عام 2003 وحتى يومنا هذا نسمع ونقرأ الكثير من التصريحات والأخبار التي تشير إلى إن العراق سيشهد ولادة الحكومة الالكترونية وما تمثله من ثورة في عالم ما زلنا نحبو خطوتنا الأولى فيه إن لم تكن خطوة بدائية .

والحكومة الإلكترونية تشير من حيث تسميتها إلى استخدامات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الحياة العامة للناس، مثل شبكات ربط الاتصالات الخارجية ، مواقع الإنترنت ، ونظم الحاسب الآلي بواسطة الجهات الحكومية. كما أن تبنّي الحكومة الإلكترونية يؤثر على العلاقة الأساسية بين الجهات الحكومية من جانب، والمواطنين وأعمالهم من جانب آخر على النحو الذي يجعل من مفهوم الحكومة الإلكترونية هي إعادة ابتكار الأعمال والإجراءات الحكومية بواسطة طرق جديدة لإدماج المعلومات وتكاملها وإمكانية الوصول لها عن طريق موقع إلكتروني والمشاركة في عملية الشراء وأداء الخدمة وتفعيل ذلك وتحديثه يوميا أو كلما حصلت متغيرات ، كما أنها أيضا" عملية تحويل طبيعة إدارة الشؤون العامة بالتأثير على العلاقة والمسؤولية بين الدولة والفرد.
ويمكننا القول بأن الحكومة الإلكترونية ليست هي الحل لفشل الجهود التنموية ، وللبيروقراطية المتفشية في مفاصل الدولة لدرجة الترهل الإداري بسبب التراكمات الإدارية التقليدية المتوارثة ، والروتين الحكومي هو السمة البارزة ليس في العراق فقط بل في أغلب الدول العربية التي تجد في استخدام التكنولوجيا حالة أكبر من أن يستوعبها هذا العقل أو يركن إليها في تنفيذ أعماله الإدارية اليومية .
وبالتأكيد فإننا لا يمكن أن ننتظر ولادة الحكومة الالكترونية في العراق في السنوات المقبلة لأسباب عدة تأتي في مقدمتها عدم وجود بناء معرفي سليم لمفهوم التكنولوجيا في مراحل مبكرة من حياة الإنسان ونقصد بها هنا المراحل الدراسية الابتدائية والمتوسطة أو بعبارة أدق لم تستخدم وزارة التربية العراقية مفهوم التداول الالكتروني للمعلومة والمعرفة حتى بين أقسامها ومديرياتها ومازالت تتبع الطرق التقليدية في ذلك وما تمثله من هدر للوقت والطاقة والجهد معا يضاف إلى هذا كله ما يخلفه من وثائق تحتاج لتخزين وحيز مكاني كبير ويكبر مع كل عام .
لهذا للحكومة الإلكترونية أثران أساسيان أولهما ، أنها تحدث تحويل في الإجراءات الحكومية ، مثال ذلك ، توفير الخدمات الحكومية بصورة أسرع وبتكلفة أقل. هذه المكاسب تعود إلى إعادة تنظيم الإدارة الداخلية والإجراءات ودمج وتكامل قواعد المعلومات للهيئات الحكومية. من هذا المنطلق يستفيد المواطن كعميل وليس كطالب فضلا أو معروفا، إذ يزيد احتمال تلبية احتياجاته. كما أنها تخدم أيضا" الإعمال التجارية التي يتحول أصحابها إلى عملاء للخدمات الحكومية وموردين لخدمات وسلع للحكومة في آن واحد. وتخدم الحكومة الإلكترونية الحكومة نفسها من خلال خفض التكلفة والمصاريف وغلق باب الرشوة والفساد والتعامل المباشر بين المواطن والموظف وما يشكله من إمكانية حدوث محسوبية هنا أو هناك.
الأثر الثاني لتطبيق الحكومة الإلكترونية هو تطوير نظام إدارة الحكم والشؤون العامة وإيجاد علاقة جديدة بين المواطنين والدولة في إدارة شؤون الدولة ، من خلال مجموعة من المكونات منها :عملية جمع المعلومات كأساس لتطور السياسات ونشرها على المواطنين عن نتائج المشاورات في السياسات وفي مجالات عديدة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وغيرها .
كما ويمكن تأسيس قاعدة بيانات متكاملة تتسم بالنزاهة والشفافية ويطلع عليها الجميع وهي تخدم الكثير من الفعاليات كالانتخابات على سبيل المثال لا الحصر وتساعد في نفس الوقت واضعي الخطط على ضوء معطياتها .
إلا أن تطبيق هذه المكونات يحتاج إلى إرادة سياسية والتزام حقيقي باستخدام نظم المعلومات الإلكترونية للنهوض بنظام إدارة الحكم والشؤون العامة.
والأثر الأول يمكن تحقيقه على المدى القصير، والكثير من الدول مثل الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا والبرازيل وعدد محدود من الدول العربية يحصدون حاليا فوائد استخدام التكنولوجيات الحديثة. أما معظم الدول العربية فأمامها الآن مسؤولية الاستثمار في استخدامات نظم المعلومات الإلكترونية حتى يمكنهم إحداث التغييرات في الإجراءات الحكومية.
لهذا نجد بأن الدعوات التي نسمعها عبر وسائل الإعلام حول مفهوم الحكومة الالكترونية لا تتعدى أمنيات يحلم بها كل مواطن مخلص ولكنها كما قلنا تحتاج لثورة إدارية تبدأ من المدارس الابتدائية في العراق .