مع حسين قدوري

مع حسين قدوري

باسم حنا بطرس
مؤرخ موسيقي
منذ المؤتمر الأول للموسيقى العربية المنعقد في القاهرة عام 1932 الذي تدارس بكل عمق وجدية في مختلف جوانب الموسيقى نظرياً وتحليلياً ومقارنة، اتضح ان التربية الموسيقية للاطفال هي نقطة الانطلاق وحجر الزاوية في ارساء ركائز البناء الموسيقي في أي مجتمع كان.

مع تعاقب أنعقاد المؤتمرات الموسيقية، بدءاً بمؤتمر عام 1964 المنعقد في بغداد الذي أوصى بضرورة استحداث مجمع قومي عربي للموسيقى، ومن ثم توالي مؤتمرات المجمع بعد تأسيسه عام 1975، وكذلك مؤتمر بغداد الدولي للموسيقى بدوراته الأربع، صدر العديد من التوصيات في حث الاقطار العربية على إقامة المسوحات الميدانية لمصادر الموسيقى الشعبية، ومن بينها موسيقى الاطفال، ووضع الدراسات اللازمة لها مع ذلك كله، كان زميلنا حسين مهدي صالح قدوري، المولود عام 1934 في قضاء المسيب في محافظة بابل، قد انهى دراسته الاعدادية عام 1954 حيث كنا زملاء هذه الدراسة، وهو يرنو إلى الموسيقى، فكان دخوله معهد الفنون الجميلة ببغداد ليتخرج فيه عام 1960 عازفاً على آلة الڤبلونيل Violoncello ليشق طريقه في معترك الحياة الموسيقية ضمن تشكيلات مصغرة حتى الفرقة السمفونية الوطنية.
وبرغم النجاح الذي حققه في هذا الميدان من العمل الموسيقي، فقد كان يتوخى الاستزادة المعرفية في الموسيقى، وبخاصة في الموسيقى الفطرية التي نشأ وترعرع على تربتها.. ومع دخوله ميادين العمل الاذاعي اتجهت عنايته الى تلحين اغاني للاطفال حتى صار له فيها رصيد كبير، وصار بالتالي في موقع الصدارة في هذا المضمار.
جاء الزمن ليحقق حسين قدوري طموحه، وذلك حين التحق بالدراسة التخصصية في هنكاريا عام 1973 حيث قضى سنتين كاملتين ليعود إلى الوطن محصناً بالمعرفة العلمية في التربية الموسيقية للاطفال، ليبدأ مرحلة جديدة حين وجد ضالته في المركز الدولي لدراسات الموسيقى التقليدية بدائرة الفنون الموسيقية في وزارة الثقافة والاعلام، ليشرع بعملية المسوحات الميدانية متجولاً في ارجاء عديدة من العراق، في القرى والارياف والبوادي فجتمعت لديه حصيلة غنية من لعب واغاني الاطفال الشعبية، ليصدر الجزء الثاني من مسلسل كتاب لعب واغاني الاطفال الشعبية في العراق.
وجاءت امامه فرصة جديدة حين صار عضواً في اللجنة الوطنية العراقية للموسيقى ليدخل من خلالها ميدان عمل المجمع العربي للموسيقى، فأسهم بتقديم دراسات في مجال اختصاصه في مؤتمرات المجمع السابع والثامن والتاسع والعاشر، المنعقد على التوالي عام 1981 (الجزائر) عام 1983 (بغداد) عام 1985 (تونس) وعام 1987 (الخرطوم) فضلاً عن اسهاماته بمؤتمري بغداد الدولي للموسيقى (الثالث : عام 1982 والرابع : عام 1986).
وندوة بابل الدولية الاولى للموسيقى.
هكذا – اذن، اندفع حسين قدوري بكامل حيويته المعهودة في تناول الموضوع عبر قنوات عديدة، فنشرت له مجلة المأثورات الشعبية التي تصدر عن مركز التراث الشعبي لدول الخليج العربية في الدوحة بدولة قطر، كما نشرت مجلة القيثارة التي اصدرتها دائرة الفنون الموسيقية ومجلة الموسيقى العربية التي يصدرها المجمع العربي للموسيقى دراسات قيمة في مجال اختصاصه.
ومن الجدير بالذكر فوز مساهمته باسم العراق في منبر موسيقى الطفل العربي الذي نظمه المؤتمر التاسع للمجمع العربي للموسيقى في تونس عام 1985.
وتجدر الاشارة ايضاً ان حسين قدوري مرشح من قبل وفد العراق في الدورة الحالية للمجمع العربي للموسيقى، من بين مرشحين عراقيين وعرب آخرين، لنيل درجة الاستاذية الفخرية المقرر منحها من قبل المؤتمر الحادي عشر للمجمع (1989) تقديراً لاسهاماته الجادة والمتطورة في النشاط الثقافي الموسيقي في المجمع المذكور.
واخيراً، فبعد اطلاعي على مسودة الجزء الثالث من كتابه لعب واغاني الاطفال الشعبية في العراق، يسرني وبحكم معايشتي له ان اشيد بجهود الزميل الاستاذ حسين قدوري التي بذلها بصبر واناة وعزيمة صادقة في اعداد هذا الجزء الذي اقل ما يقال فيه انه سِفْرٌ موسوعي حافل بالدراسات التحليلية والمقارنة ليأخذ موقعه بصدارة في المكتبة العربية.

مقدمة الجزء الثالث من كتاب
لعب واغاني الاطفال الشعبية