عبد الوهاب  يتحدث عن الحب .. والبرد .. والحرب!

عبد الوهاب يتحدث عن الحب .. والبرد .. والحرب!

لطفي رضوان
منذ ايام عاد عبد الوهاب من اوروبا.. طاف بخمس دول فيها وقيل ان الرحلة كانت على نفقته، وقيل انها كانت"عزومة"والله اعلم.. المهم انه عاد واننا قابلناه وانه وزوجته تكلما بصراحة.
"يقولون عني انني بخيل وكسول، وساثبت لك انهم على حق! فلتؤجل موعدنا الى الساعة السابعة والنسق مساء حتى ارتدي ملابسي مرة واحدة..

اذ انني مدعو للعشاء على مائدة دولة جميل مردم.. ولا داعي لان ارتدي"اللي على الحبل"مرتين في اليوم الواحد".
هذا ما قاله لي صديقي محمد عبد الوهاب عندما اتصلت به وطلبت منه موعدا نتحدث فيه عن رحلته الاخيرة في اوروبا.
وفي الموعد المحدد كنت في بيته بالزمالك.. ان تغييرا جوهريا قد حدث في الشقة الانيقة، فمثلا اللوحة الزيتية الكبيرة التي كانت تزين حجرة الاستقبال، لزوجته السابقة السيدة اقبال نصار، قد رفعت وحلت مكانها لوحة زيتية رائعة لزوجته السيدة نهلة القدسي، ولن اتغزل في اللوحة، فقد اعود اليها في فرصة اخرى، لاعرضها على القراء ملونة!
وشيء آخر تغير في الشقة.. القهوة والشكولاته.. فقد كان عبد الوهاب لا يعني كثيرا بتقديم تحية لضيوفه، حتى يكون الخادم خلفك بالقهوة والشكولاته وهذا تغير خطير – في نظري – لانه سيكلف عبد الوهاب اكثر من ثلاثة جنيهات في الشهر!
***
ولم اجد عبد الوهاب.. وجدت زوجته السيدة نهلة القدسي جالسة تدخن سيجارة وقد ارتدت فستانا انيقا الى اقصى حد،"شيك"الى اقصى حد، ووجدت على وجهها ابتسامتها المشرقة دائما.
قالت لي: ان محمد يستعد لاستقبالك وهو"مختلس"في اختيار ربطة العنق الملائمة"!
ثم ضحكت وهي تقول:"تصور.. انني اجد مشقة في التفاهم مع مستخدمي هذا البيت.. كانني من اواسط افريقيا، مما يضطرني الى التحدث باللغة العربية الفصحى.. وطبعا احس بانني شيخ معممة وانا اتحدث بها".
واستطردت تقول:"لماذا لا توجد اللهجات بين اقليمي الجمهورية العربية المتحدة!".
قلت: كيف يمكن ذلك؟
اجابت:"بان تتحدثوا انتم بلهجتنا.. وكفى الله المؤمنين شر.. اللخيطة"!.
***
وجاء عبد الوهاب، العريس الذي اقام الدنيا واقعدها عندما طلق وعندما تزوج وعندما لحن اغنيتيه الاخيرتين...
قال لي:"ان عدسة المصور دسيسة خطيرة تحاول الاساءة الي، فقد اظهرتني مرة وكأنني"بائع طرشي"وليس محمد عبد الوهاب.. ان رأس مالي يا صديقي في فني وشكل واناقتي، وقد ضاع ثلثا رأس المال في صورة واحدة، لهذا ارجوك ان توصي العدسة بي خيرا"!
وطمأنته، ثم جرى بيننا هذا الحديث..
* كيف كانت رحلتك الاخيرة!
- ظاهرة غريبة لمستها في رحلتي.. كان الجو باردا الى اقصى حد ومع ذلك لم اشعر به، لم اشعر"باللسعة"التي نشعر بها هنا من برد القاهرة، ذلك لان كل مكان في هولندة مثلا مكيف.. لهذا لا نشعر بوطأة البرد ابدا..
"ثم النظافة يا صديقي.. نظافة اللسان، والبيت والشارع والسينما!
ثم تصرفات الناس.. الجمهور هناك ليس بينه صاحب عيون جريئة"!
"وقد قابلني في لاهاي صديقي القانوني العظيم الدكتور عبد الحميد بدوي ودعاني لزيارة محكمة العدل الدولية، وزرتها خلال نظر احدى القضايا الدولية.. وطبعا لن اسهب، لانني لم افهم شيئا سوى ان المصري عبد الحميد بدوي يتمتع باحترام بالغ هناك وهذا مما شرفني".
"وعرف الناس انني من مصر.. نسوا انني موسيقار مرموق وانني مش عارف ايه... وتذكروا شيئا واحدا.. انني من بلد ناصر فكانت الحفاوة بي".
* هل رأيت مظاهر تدل على قرب نشوب الحرب الثالثة؟
- رأيت مظاهر تدل على استحالة نشوب الحرب الثالثة.. رأيت الخراب الذي انزلته الحرب الثانية لا يزال كما هو في معظم البلدان التي رزتها، وسمعت الناس في خمس دول زرتها، يستنكرون مجرد التفكير في قيام حرب جديدة وما دامت الشعوب لا تريد الحرب فثق ان الحرب لا تجرؤ على القيام"!.
* هل ستظهر في فيلم جديد؟
- اقول لك الحق ولا شيء غير الحق.. انني خائف من السينما بعد طول هجري لها.. اصبحت اخشاها كما خشيتها قبل فيلمي الاول"الوردة البيضاء"ومبعث خوفي هو شوق الجمهور لرؤيتي في السينما.. ومع ذلك فلا زلت انتظر الفرص التي تلائم عبد الوهاب.
***
وانتقل الحديث الى السيدة نهلة:
* اراك لا ترتدين"الشوال"هل انت من اعدائه؟
- انا لا احب الشوال.. ثم انني لا اجري وراء اية مودة من المودات، انني ابحث عما يلائمني شخصيا بغض النظر عن انه مودة او غير مودة.
* لماذا ترافقين زوجك في خطواته.. في عمله؟
- احب ان اقضي معه اطول فترة ممكنة.. وانا لا اتدخل في عمله مطلقا، فقط اسمع وارى.
* وهل هي مراقبة!
- ابدا.. انا اعرف مهمة زوجي واعرف مهنته.. واعرف انه معبود النساء بصفة خاصة، وان له معبجات لا حصر لهن.. وانا لا اغار عليه منهن.. لان عمله يتطلب ملاطفة الناس من سيدات ورجال.
* ماذا تحبين في عبد الوهاب؟
- شخصه.. صوته.. فنه.. ملابسه... ضحكته.. تكشيرته.. كل ما فيه..

عن صحيفة آخر ساعة 1961