اغتيال مشذوب ليس حدثاً جديداً

اغتيال مشذوب ليس حدثاً جديداً

علاء المفرجي
بماذا فكر قاتله، قبل أن يضع يده على زناد سلاحه، هل كان يعرف علاء مشذوب، هل أبصر صورة لكتاب له، هل صادف يوماً أحد تلامذته، يقيناً إن كل ما يعرفه قاتل علاء مشذوب عنه إنه ليس سوى مهمة أوكل بتنفيذها من قبل أسياده، ويجب أن ينجزها بسرعة وبحذر.

هل هي مصادفة أن تشترك جريمة اغتيال علاء مشذوب بتفاصيلها مع جريمة اغتيال المخرج السينمائي الهولندي ثيو فان كوخ حفيد الرسام الأشهر عام 2015 بسبب اخراجه فيلم فيه نقد للاسلاميين .. فقد اغتيل بطريقة وحشية وهو يقود دراجته الهوائية بعد ان رماه قاتله بعدة طلقات نارية وبرك عليه صدره واشبعه طعنات بالسكين.. بينما أجهز قاتل علاء عليه بثلاث عشرة إطلاقة على جسده بنفس السادية التي مارس بها قاتل كوخ جريمته... يحمل علاء مشذوب الدكتوراه بفن السينما، مثلما كان كوخ مخرجاً سينمائياً... ويقيناً كان دوافع القتل واحدة، فكوخ وجه سهام كاميرته الى المتطرفين، وهو مافعله علاء عندما حشد كلماته اليهم.
عندما أيقن أعداء الحياة أن لاسبيل لاسكات أصوات المثقفين المعارضين الا بتصفيتها، كانت طريقة القتل متشابهة للجميع فعلى مدى السنين الماضية وباحصاء بسيط لكل عمليات قتل الكتاب المعارضين تثبت ذلك.. وأيضاً مع بيانات التسويف أو الادانة الكلامية من قبل القيمين على الأمر كانت تحمل نفس الديباجة بل كانوا يشيعون القتيل بهتافات لاتتطابق مع ماتضمر قلوبهن السوداء.
الكثير من المثقفين العرب المعارضين قتلوا بنفس البصمة: مولود فرعون أديب وكاتب جزائري يكتب باللغة الفرنسية، وهو أحد أعلام المقاومة الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسى، اغتيل عام1962 في مقر عمله على يد متطرفين من عصابة منظمة الجيش السري الفرنسية المعروفة بـ«أويس» والتي كانت تمارس جرائم الاختطاف والقتل ليلاً ونهاراً، لتفقد الجزائر باغتيال مولود أحد رموزها الأدبية المناضلة. غسان كنفاني روائي وقاص وصحفي فلسطيني اغتيل في بيروت وهو ما يزال في السادسة والثلاثين من عمره، ومعه ابنة أخته لميس ذات التسعة عشر عاماً. في انفجار سيارة مفخخة. رسام الكاريكاتير الفلسطينى ناجي العلي، الذي كان أحد روّاد التغيير السياسي برسومه الكاريكاتيرية اغتاله مسلحون مجهولون في لندن في عام 1987. فرج فودة كاتب ومفكر مصري علماني أثارت مؤلفاته وآراؤه الفكرية الكثير من اللغط، أطلق شابان من الجماعة الإسلامية الرصاص عليه. جمال حمدان وهو أحد أعلام الجغرافيا المصريين، اشتهر بكتاباته عن فضح أكاذيب اليهود من خلال كتاب «اليهود إنثروبولوجياً» عثر على جثته والنصف الأسفل منها محروقاً عام 1993م. وغيرهم الكثير.
ونضيف على هذه القائمة علاء مشذوب الذي كان من الأدباء العراقيين البارزين وأصدر مجموعات قصصية وروائية عدة، بينها الحنين إلى الغربة، زقاق الأرامل، جريمة في الفيسبوك، فوضى الوطن وشيخوخة بغداد. ويحمل مشذوب شهادة الدكتوراه في الفنون الجميلة، وامتازت كتاباته بالجرأة في عرض ونقد قضايا البلد وهموم المواطنين. ونال على هذه الكتابات عدة جوائز عراقية ودولية.
بالإضافة إلى نشاطه الأدبي، شارك الكاتب المغدور في العديد من التظاهرات الشعبية التي طالبت بتحسين الخدمات ومحاربة الفساد.

ذات صلة