كاتب سجن 12 مرة

كاتب سجن 12 مرة

محمد ابراهيم محمد
في حياة كل منا لحظات من النجاح واخرى من الفشل ، وغالبا ما يكون سبب ذلك يعود لمدى النشاط والذكاء والفاعلية الشخصية في حالة النجاح ، لكن قد يكون العكس في بعض الاحيان اذا ما كان الانسان خاملا كسولا غبيا ، لكن في الكثير من الاحيان يكون للحظ والبخت دور كبير في النجاح او الفشل ، وهذا ما رافق الدبلوماسي موسى الشابندر ،

كان نوعا من النحس التصق به وابى مفارقته ولا علاقة لشيء او لعاطفة او مال في ذلك وانما بسبب الحظ العاثر الذي لازمه هذا الشابندر الذي جمع قلبه بالزواج من سيدة لبنانية جميلة . و موسى الشابندر شخصية بشوشة لا تفارق وجنتيها الضحكة والابتسامة والنكتة حتى تعرض بسببها للمضايقات وملاحقات....

كانت العلاقات بين المانيا وايطاليا متينة وتقفان موقف العداء من النظام الاسباني بقيادة الجنرال فرانكو.
كان أول السجون التي دخلها الوزير موسى حينما كان سكرتيراً لسفارة العراق ببرلين وتم استدعاؤه الى بغداد عام 1936 من قبل رئيس الوزراء بكر صدقي وقد اجتاحه السرور والفرح و كان أمله أن يحظى بمقابلة كريمة لما قدمه من خدمات للعراق ويمنح منصباً عالياً، وما ان وصل الى بغداد حتى تم ايداعه السجن العام ببغداد بتهمة الخيانة بالاتصال بالجنرال فرانكو الاسباني ودخوله في صفقات بيع السلاح للاسبان .وان ميول بكر صدقي لالمانية معادية لتوجهات البريطانيين. وبرغم ذلك فقد تمت تبرأته واخلي سبيله وقد كان قصدهم من ذلك ابعاده عن منصبه هناك.
وكان الشابندر مولعا بحب مصر كثيراً وفي احدى زياراته هناك وقع بيد الانكَليز ثم سجن في سجن العباسية. وفي حادثة اخرى قامت السلطات البريطانية باعتقاله ونقله الى روديسيا ثم اعادته الى مصر ثانية ثم تم ترحيله الى ايران تمهيداً لأرساله الى احد السجون في بغداد ، وهذا يعني ان موسى الشابندر قد زار اكثر السجون في اوقات متقاربة . فمن سجن روديسيا ( جنوب افريقيا ) ثم الى سجن الاسكندرية في مصر ثم سجن في ايران ثم الى احد سجون بغداد . ان مصيبة هذا الرجل هو انه لم يرتكب خطأ ولم يرتكب جرما سوى انه اتهم بتأييده للحركة الانقلابية التي قام بها رشيد عالي الكيلاني عام 1941ا . كما قام البريطانيون بإعتقال 35 شخصًاً وقائدا عسكريا بتهمة الانقلاب او الموالاة للانقلابيين .وكان هذا الوزير السفير الخفيف الظل ، البشوش موسى الشابندر ضمن هؤلاء ، وبقي في السجن حتى تمت تبرأته من قبل المحكمة اخيرا من جميع التهم الملصقة به ، بعد سنوات قضاها في السجون ضاعت من عمره وتمت مكافأته بعد هروب الكيلاني الى خارج العراق . فقد تم نقله بعد ذلك الى السفارة العراقية في واشنطن . وقد عرض عليه فاضل الجمالي في حينه منصب وزارة الخارجية فاعتذر عن قبوله . وبعد فترة عرض عليه الباشا نوري السعيد رئيس الوزراء نفس المنصب. .لقد تولى منصب وزارة الخارجية مرتين في العهد الملكي .
وبعد قصة حب جميلة تزوج بلبنان من فتاة لبنانية فأنجبت له محمود وغيدة ، وقد نصحهما ان يكونا بعيدين عن السياسة ومتاعبها والاعيبها وتركهما يكملان دراستهما في امريكا اثناء وجوده هناك وان يختارا طريقهما ليشقوه بأنفسهم بعيداً عن السياسة ثم ذكرهما بآلام السجون وضياع العمر.