لنتذكر اكبر جمعية خيرية في تاريخ العراق الحديث..جمعية حماية الاطفال

لنتذكر اكبر جمعية خيرية في تاريخ العراق الحديث..جمعية حماية الاطفال

د . اياد يونس عريبي
تأسست جمعية حماية الاطفال في 20 اذار عام 1928 بعد ان تم اتفاق مجموعة من الوجهاء والاطباء على الشروع في هذا العمل الخيري ، بهدف تقليل وفيات الاطفال عامة والسعي بكل الوسائل الفنية والاجتماعية لتربيتهم بصورة صحيحة وتحسين النسل ومساعدة العائلات الفقيرة ، وكان لهذه الجمعية (19) فرعاً في جميع انحاء العراق واغلبية هذه الفروع مستوصفات خاصة بها.

كان هدف الجمعية هو التذليل من انتشار العادات القبيحة التي تأخذ ضحاياها من الارواح البشرية وعلى الاخص الاطفال ، واستشراء عادات غير جيدة مثل الجري حفاة وايديهم ووجوههم وثيابهم وسخة الى اقصى حد ، ان مجرد تعليم القواعد الصحية وضرورة النظافة بصورة عامة لا يكفي, بل يجب ان تكافح المدارس العادات القبيحة المنتشرة بين السكان واحدة واحدة واستبدالها بالعادات الصحية، وكانت غاية الجمعية كما حددتها (المادة الخامسة والرابعة والعشرون) من نظامها الاساسي "التقليل من وفيات الاطفال عامة والسعي بكل الوسائل الفنية والاجتماعية لتربيتهم بصورة صحية وتحسين النسل ومساعدة العائلات الفقيرة وذلك بتوزيع الحليب وسائر الاحتياجات اللازمة لتربية الطفلوللإرضاع الصناعي واجراء المداواة مجاناً وتوزيع الملابس على الاطفال.
من المفيد ان نذكر ان المؤسسين للجمعية هم (الحاج ياسين الخضيري , ابراهيم محمود الشابندر, طاهر محمد سليم ، حسن رضا ، سامي شوكت ،سامي سليمان ،ابراهيم عاكف الالوسي ، صائب شوكت وعبد الحميد الباجة جي)
اما بالنسبة لتمويل الجمعية ، فقد استمدت الجمعية مقومات وجودها من تبرعات المحسنين وهبات الحكومة والاوقاف وامانة العاصمة والبلديات وتعهدات الاعضاء الشهرية والاعانات واليانصيب الذي كان يعد واردها الرئيس كما واصدرت الجمعية طوابع خاصة بها, وذلك للحصول على مورد مالي شبه ثابت , لأنها ترعى امور خيرية , وقد اخذت الفكرة من جمعية الهلال الاحمر في تركية وجمعية مكافحة السل في سورية, ومن موارد الجمعية الاخرى هو توزيع الشارات على الجمهور, لجمع الاعانات في الاعياد والمناسبات الوطنية,وهنالك مورد غير ثابت للجمعية هو اقامة الحفلات الموسيقية والتمثيلية في بغداد والالوية الاخرى , ومثال ذلك اقامت جمعية حماية الاطفال حفلتين موسيقيتين أحياها الموسيقي التركي زين العابدين بك على مسرح الثانوية المركزية , على ان يخصص ثلاث ارباع من ريع الحفلتين لمنفعة الجمعية.
كان لهذه الجمعية دور فاعل في حياة المجتمع البغدادي , عن طريق نشاطاتها المتميزة، والتي تركت اثر ايجابي في نفوس الناس ، فقد اسفرت جهودها عن انشاء اربعة مستوصفات في مناطق الاعظمية والكرادة الشرقية والكرخ وباب الشيخ ، فضلا عن افتتاح مستشفى خاص لمعالجة الاطفال والنساء واشرف على افتتاحه الملك غازي عام 1936وقد حققت الجمعية نجاحاً ملموساً في عملها الامر الذي شجع اعضاءها لتوسيع فروعها وتقديم خدماتها لأكبر عدد من الاطفال ، فافتتح لها فرع نسوي في لواء الموصل عام 1937، وكانت الهيئة التأسيسية تتكون من نساء الذوات وتراستها فخرية عمر نظمي.
وكان اكبر مستشفياتها هو مستشفى حماية الاطفال(المركز) في منطقة باب المعظم وقد احتوى عام 1957 على (157)سريراً، وهو يقوم بوقاية ومعالجة مراجعيه من الاطفال وايواء الاطفال اللقطاء والعناية بهم، اما لقطاء الألوية الاخرى فيودعون في المستشفيات الحكومية، ومستشفيات الامومة والطفولة عند العثور عليهم، ثم يرسلون الى هذا المستشفى والمستشفى مؤجر لوزارة الصحة ببدل ايجار سنوي مقداره (1375) دينار يصرف في الغالب على توسيع بناية المستشفى وتحسينها من أجل تقديم خدمات افضل للمواطنين.
يعد الدكتور (عبد الله قصير) الأب الروحي لجمعية حماية الاطفال والتي كان لها الدور الأساس في رعاية الطفل العراقي , وقد اسهم في رفع مستوى الطب والاطباء ورعاية الاطباء اثناء مدة عضويته في مجلس النواب , ونقابة الاطباء وقد نشر مقالات كثيرة واحاديث دورية في الاذاعة لتوعية الامهات في السبل الصحيحة للعناية بالأطفال.
وتأسس الفرع النسوي لجمعية حماية الاطفال في بغداد في 12 اذار عام 1945، بهدف انشاء جيل صحيح التربية عن طريق العناية بالأطفال والحوامل ، وتألفت الهيئة الادارية للفرع النسوي من( الرئيسة اسيا توفيق وهبي، ونائبة الرئيسة عصمت بهاء السعيد والسكرتيرة صبيحة الشيخ داود والعضوات سرية الخوجة وشفيقة الباجة جي وسعاد العمري وممدوحة الفارس ، وناهدة الحيدري، ومائدة الحيدري ).
اصدرت الجمعية مجلة صحية ادبية تربوية باسم (الام والطفل) وقد صدر عددها الاول في 15 تشرين الاول عام 1946 ، وتألفت اول هيئة ادارية للمجلة من المحامي نشأة السنوي مديراً مسؤولا ، وبهاء الدين نوري رئيسا للتحرير ، وكانت تصدر شهرياً وهي ادبية نسائية كما تألفت هيئة التحرير من السيدة عصمت بهاء السعيد ، ومائدة الحيدري وبهية فرج الله والدكتورعبد الامير علاوي والدكتور كمال السامرائي ، وقد اخذت المجلة على عاتقها نشر الوعي الصحي والتربوي والنفسي والحقوقي , لمصلحة افراد الاسرة بعامة والام والطفل خاصة عن طريق ابوابها الثابتة , ومقالاتها المتنوعة التي أسهم فيها الكتاب والحقوقيين المعنيون بشؤون ثقافة الام والطفل , والذين توزعت مهامهم بين تقديم الاستشارات الطبية والقانونية في ركن بريد القراء والمقالات الاجتماعية التربوية ، شغل دور الادب حيزاً مناسباً من القصائد والقصص الجميلة ذات الصلة بموضع الام والطفل كالحب والعاطفة والصحة.

عن رسالة ( الجمعيات الاجتماعية والدينية والفنية في بغداد )