اقتصاديات  : العمالة الاجنبية

اقتصاديات : العمالة الاجنبية

عباس الغالبي
على الرغم من قناعتي ويقيني ان لاغرابة من الظواهر الغريبة سواء أكانت سياسية أو مجتمعية أم اقتصادية في المشهد العراقي الحالي المتطلع الى حرية وديمقراطية ينعم فيها بعد ردح من زمن التسلط واللهاث وراء فسحة بحرية ، أقول على الرغم من ذلك إلا ان مالمسته وانا ابحث عن مرجعية قانونية

أو مؤسساتية تنظم عمل وجود العمالة الاجنبية في العراق على غرار ماموجود في دول العالم الاخرى حقاً أنه يصيب الدهشة والاستغراب في ظل وجود أكثر من جهة حكومية من شأنها ان تتولى تنظيم عملية دخول وخروج واقامة وعمل العمالة الاجنبية على وفق قانون خاص يراعي وجود الظواهر المتلازمة في الاقتصاد العراقي والتي تشكل عقبات أمام الرخاء الاقتصادي للفرد والمجتمع .
والعمالة الاجنبية هي ظاهرة ليست بالجديدة على المشهد العراقي ، بل شكلت حضوراً مهماً في كثير من الفترات الزمنية الماضية ، إلا انها وظفت في حينها توظيفاً سياسياً ، كان ينسجم مع تطلعات السلطة آنذاك أكثر من أنسجامه مع حيثيات الاقتصاد والواقع المعيش ، وعلى حين غرة برزت من جديدة خلال الاعوام القليلة الماضية بعد عام 2003 ، حيث شهدت الكثير من شركات القطاع الخاص والاعمال وحتى المؤسسات الحكومية وجود عمالة الاسيويين بشكل لافت للنظر من دون ضوابط أو قانون يرتب عملية وجودهم في سوق العمل العراقية .
وعلى الرغم من اتصالنا بالجهات التي كنا نظن انها مسؤولة عن هذا الملف كوزارة العمل والشؤون الاجتماعية والتخطيط والصحة بحثاً عن الاحصائيات والضوابط الاخرى ، إلا اننا فوجئنا بعدم درايتهم بهذه الظاهرة التي تتحرك في معاملات السوق المحلية ، حيث تشير الدلائل الى ان بعض شركات القطاع الخاص هي من تتولى عملية استقدام العمالة الاجنبية على شكل فرق ومجاميع ، وتبدأ بتوزيعهم قي سوق العمل باسعار كيفية ومن دون أدنى ضوابط ، لكن اللافت للنظر انهم يستقدمون للعمل في المنطقة الخضراء وسط بغداد بحسب جوازاتهم ، حيث سنحت لي الفرصة ان أطلع على نماذج من ذلك .
ومن هنا فأن اللاقانون في هذه الجدلية هو الاكثر بروزاً في ظل بروز ظاهرة البطالة التي ارتفعت مستوياتها بشكل كبير خلال الاعوام الاخيرة ، حيث ان هذه الشركات تستقدم العمالة الاجنبية لمؤسسات المنطقة الخضراء في ظل البطالة الكبيرة ولاسيما لاعمار الشباب القادرين على العمل ، بل تتعدى ذلك لنشرهم خارج أسوار المنطقة الخضراء سعياً لتحقيق هامش الربح في ظل غياب البيئة القانونية التي تنظم هذه العملية التي تؤثر في سوق العمل العراقية ، حيث تشير المعطيات الى تدني أجور العمالة الاسيوية بالقياس الى العراقية ، ماقد يضع مبرراً لاستقدامهم واستثمار فرصة غياب القانون .
ولكن يبقى ان نقول ان هذه الظاهرة بحاجة الى قانون يضع في الاعتبار مستويات البطالة ونوعية العمل لهذه الافواج التي تستهويها سوق العمل العراقية مع الاخذ بنظر الاعتبار الجوانب الصحية والقانونية الاخرى ، وتحديد الجهة المؤسساتية المسؤولة عن هذا الملف على غرار ماموجود في دول المنطقة والعالم الاخرى .