بمناسبة صدور كتاب عنه حسين الرحال ... أسرته ونشأته

بمناسبة صدور كتاب عنه حسين الرحال ... أسرته ونشأته

قيس ادريس
تنحدر اسرة حسين الرحال من عائلة عربية الأصل وهي عشيرة "البو عبيد، فهو حسين بن علي صائب بن سليم بن عبدالرحمن, تعرف أسرته بآل يحيى، الذين يعودون إلى بلدة "راوة"، وتنحدر من عائلة عربية الأصل وهي عشيرة "البو عبيد" أحد فروع قبيلة الدليم الزبيدية.

وكان للعمل التجاري دور في انتقال جده عبدالرحمن إلى بغداد للسكن فيها كونها مركزاً تجارياً مهماً, إذ كانت أسرته تعد من طبقة التجار "الجلبيون" أبان القرن التاسع عشر لامتلاكهم أسطولاً كبيراً للسفن الشراعية ينقلون بواسطته البضائع من مـناشئها إلى الأسواق الخارجية عـبر نهري دجــلة والـفرات وشــط الـعرب والـخلـيج العربي حتى المحيط الهندي والبحر الأحمر.توفي عبد الرحمن عام 1839, وكان أبنه "سليم" أول من عُرف بـ "الرحال", نسبةً لرحلاته التجارية ما بين (العراق ونجد والحجاز والهند ومصر وسوريا), ورحلات أسلافه الذين كان لهم باعٌ طويل بالتجارة.
اختلفت الآراء حول تسمية الرحال فقسم من الروايات التاريخية تنسبها إلى بلدة "الرحالية" الواقعة غربي بحيرة الرزازة ضمن لواء الرمادي, وأن والد حسين الرحال قـــد جـــــاء مــــن تــــلك الــــمــــنـــطــــقـــــة, ولـــــكـــن أشـــــار أحــد أفــــراد أســـــــــرة آل رحــــال وهــــــــو "مــــــــهــــــــــدي الـــــــرحـــــــال (1891-1975)( هو مهدي بن محمد صالح بن سليم الرحال, ولد في بغداد, أصبح ضابطاً في الجيش العثماني, وعمل في عدة جبهات أثناء الحرب العالمية الأولى, ثم أنضم للجيش العربي بقيادة الأمير فيصل بن الحسين, ساهم في تأسيس الجيش العراقي وأصبح ضمن قياداته, وقد تزوج من سنية الرحال شقيقة حسين الرحال, إلا أن زواجهما تكلل بالفشل, فتزوج من امرأة أرمنية والتي أنجبت له الفنان النحات خالد الرحال), أنـــهــــــم جــاءوا إلــــــــى بــــــــــغــــــداد مــــن قـــــــرية راوة, وهذا يدل على أنهم ليسوا من "الرحالية" فالأرجح أن التسمية جاءت نتيجة لرحلاتهم التجارية.
خسرت عائلة الرحال معظم ثرواتها في عهد سليم الرحال لا سيما بعد منافسة التجار البريطانيين وتفوقهم بسبب مراكبهم المتطورة, فضلاً عن تعرض المراكب التجارية العائدة لسليم الرحال إلى عاصفة بحرية قوية أدت إلى تدميرها. توفي سليم الرحال عام 1878, وكان له بنت وولدان هما "محمد صالح" و"علي صائب" وهو والد حسين الرحال, وقد دخل سلك القوات العسكرية العثمانية وتدرج في الترقيات حتى أصبح من القيادات العليا للمدفعية "ميرآلاي", إذ عرف بنزاهته الكبيرة.
تزوج "علي صائب" من "شفيقة النفطجي", وأنجبا ولدين هما "حسين"و"محمد", والأخير أصبح مهندساً فيما بعد, وبنتين هما "سنية"(ولدت في بغداد عام 1903, وتزوجت أبن عمها مهدي الرحال وبسبب معاملة الأخير السيئة لها تركته وعادت إلى بيت والدها وبقيت دون أن يطلقها زوجها), و "أمينة" ( ولدت عام 1914, وتعد من رائدات العمل التطوعي في العراق, إذ رأست وهي طالبة في دار المعلمات وفد المرأة العراقية مع جميلة الجبوري إلى المؤتمر النسائي الشرقي المنعقد بدمشق في تموز عام 1930, تخرجت من دار المعلمات عام 1931, ثم أصبحت معلمة في الدار نفسها, وهي من أوائل السافرات إذ تخلت عن النقاب عام 1932 بتأييد من أخيها "حسين الرحال", وهي أول عراقية حصلت على إجازة سوق لقيادة السيارة, وأول امرأة مارست مهنة المحاماة في العراق بعد تخرجها من كلية الحقوق عام 1943, وقد تزوجت من الشخصية التقدمية "عوني بكر صدقي" أحد أصدقاء أخيها حسين في حلقته الماركسية, توجهت نحو العمل السياسي مبكراً, وأسهمت بنشاطات الحركة الوطنية, وانتمت إلى صفوف الحزب الشيوعي العراقي في المدة ما بين (1941-1943), أصبحت مديرة لمتوسطة العمارة للبنات في 18تموز 1945, ثم مشرفة تربوية في المدة (1958-1963), تم فصلها بعد انقلاب 8 شباط 1963 وتعرضت للمضايقات من قبل السلطة آنذاك, ثم عادت لممارسة المحاماة في المدة (16كانون الثاني 1964-20أذار 1972). ). توفي "علي صائب الرحال" عام 1928 بعد معاناة طويلة مع المرض إذ كان قد أصيب بشلل نصفي قبل وفاته بعدة سنوات.
ولد حسين الرحال في بغداد بمحلة "باب الشيخ" عام 1901, وقد اختلفت المصادر حول تأريخ ولادته، إلا أننا اعتمدنا التأريخ المذكور أعلاه بالاستناد إلى الوثائق الرسمية إذ أن مديرية التقاعد العامة اعتمدت في كتابها المرقم (4816), والمؤرخ في 13 شباط 1957 بأنه من مواليد 1901, وبالاستناد على قـول حـسين الرحـال نـفسـه: "عدت من ألمانيا وكـان عــمـري ثـمـانـية عـشر عـامـاً", وقــد عـاد فـي أواخـــر عــام 1919.
تلقى حسين الرحال بدايات تعليمه في الكتاتيب, وبعد إنشاء مدرسة "اللاتين" الابتدائية عام 1908 في بغداد، التحق بها وتعلم اللغة الفرنسية فيها, ثـم الـتـحق بالمـدرسة الـسلطانيةعام 1914 وفيـها تأثر حـسين الرحـال بأفـكـار أسـتاذه "أرسين كيدور", والـذي كـان له دور في زرع الـبـذور الأولــى للفـكــر الاشـــتراكـي العلمي (الماركـسي) في ذهـــن حسين الرحال.
كان والد حسين الرحال قد ذهب إلى ألمانيا في بعثة عسكرية عام 1914, وقد دُهشَ بما شاهده من تطور وتقدم فسعى إلى أرسال أبنه حسين في بعثة للدراسة هناك, وذلك قبل أن يكمل دراسته الثانوية في المدرسة السلطانية, إذ توجه إلى ألمانيا مع أول قطار ذاهب إلى هناك, بعد افتتاح خط سكة حديد بغداد – برلين عام 1916.
وكـان حـسـين الـرحـال فـي سـفـره تلك يـحـمـل رسـالـة مـن قـريـبـه (زوج عـمـتـه) "صـبـيـح نشأت" موجهة إلى "توفيق الخالدي" الذي كان يقيم في برلين آنذاك لإكمال دراسته, وقد تم له فعلاً الاتصال بـتوفيق الخالدي بعد ما أستقر حسين الرحال بحي ميتهMitta" " في برلين, وقد تأثر حسين الرحال بالأفكار التقدمية التي يحملها
الخالدي الذي كان يجتمع بالطلاب العراقيين والعرب هناك, إذ أعتاد الأخير أن ينظم في بيته يوم واحد في الأسبوع وقد أختار يوم الأحد مخصص لتلك الاجتماعات شارحاً فيه مزايا النظام الجمهوري بالقياس إلى النظام الملكي, وكان يرى أن هذا النظام هو الأصلح للبلد.

عن كتاب ( حسين الرحال ... )