أسابيع مجلس الاعمار الثلاثة..  صفحة عراقية لامعة

أسابيع مجلس الاعمار الثلاثة.. صفحة عراقية لامعة

رفعة عبد الرزاق محمد
شرعت وزارة توفيق السويدي الثالثة قانون مجلس الاعمار رقم 23 لسنة 1950 ، بعد مخاض عسير استمر نحو اربع سنوات ، تدخلت فيه جميع تفاصيل المشهد السياسي المضطرب ، غير ان اهمية تأسيسه كانت الغالبة على كل ذلك .فضلا عن التطورات الاقتصادية التي شهدها العراق والمتمثلة اولا بازدياد ايرادات النفط وشروط البنك الادولي لمساعدة العراق..

لم تكن واردات النفط للعراق تسمح بالقيام باعمال عمرانية كبرى ، فلما تسلم نوري السعيد وزارته (الحادية عشرة) في ايلول 1952 ، ودخل المفاوضات مع شركات النفط العاملة في العراق التي اثمرت عن اتفاقية تاريخية هي اتفاقية شباط 1952 التي الزمت الشركات باعطاء العراق نسبة 50% من صافي ارباحها التي تحصل عليها اضافة الى امتيازات اخرى ، وقدرت ايرادات النفط بموجب الاتفاقية ما لا يقل عن 50 مليون دينار سنويا ، وبسبب هذا التغيير الكبير في الايرادات اجرت وزارة السعيد تعديلا لقانون الاعمار اصبح بموجبه 70% من صافي ما يرد العراق من واردات شركات النفط لاعمال مجلس الاعمار ، كما وضعت قانونا اخر خصصت مبلغ مقداره 155مليون و374 الف دينار لتنفيذ منهج مشاريع مجلس الاعمار للسنوات الخمس المقبلة ( 1951ــ 1956 ) والمتضمن القيام باعمال هندسية جبارة في مقدمتها مشاريع الري للسيطرة على فيضانات دجلة والفرات التي كانت من اسباب التردد باقامة المشاريع في المناطق التي كانت مهددة بالفيضان ومنها العاصمة بغداد نفسها .
وما كادت الحكومة العراقية تتسلم حصصها من النفط كاملة واصبح الامر حقيقة وليس خيالا ، شرع مجلس الاعمار في تنفيذ منهاجه ، وبدأ العراق يدخل صفحة جديدة من الاعمار والبناء ..
بدأت كبرى الشركات العالمية تتنافس بينها للحصول على فرص المشاركة في مشاريع مجلس الاعمار في العراق ، حتى ليمكن القول ان الحكومة العراقية في العهد الملكي في الخمسينيات قد نجحت نجاحا غير مسبوق في الجانب الاقتصادي ، كما كان له اعظم الاثر في تطور مقدرات العراق بكل صورها ، ولكنها ــ اي الحكومة العراقية ــ اخفقت في توجهها السياسي الذي بدا واضحا في الصراعات السياسية المختلفة والتراجع عن تحقيق الحريات العامة !
الحديث عن مجلس الاعمار ، حديث عن تجربة فريدة في تاريخ العراق الحديث ، واصبحت المشاريع التي تم تنفيذها من الشواخص العمرانية والحضارية الجديرة بالتنوية والتذكير .ومن الجميل ذكره ان الحكومة العراقية في العهد الملكي اعتادت في سنواتها الثلاث الخيرة ان تجعل من ربيع كل سنة موسما لافتتاح مشاريع مجلس الاعمار ، فتقيم احتفالات واسعة سميت (اسبوع الاعمار) للسنوات 1956 و 1957 و 1958 ، على النحو الذي ساذكره في هذه الفذلكة السريعة التي تقدم للتذكير فقط ..

الاسبوع الاول (نيسان 1956)
افتتح الملك فيصل الثاني مشروع الثرثار العملاق وهو اهم مشروع للحكومة العراقية على مختلف ادوارها ، افتتحه الملك يوم الخامس من نيسان 1856 باحتفال حضرته وفود من مختلف اناء العالم لاهميته الستراتيجية في درء فيضان دجلة وتخليص بغداد من الغرق ، صممه مكتب السادة كود وشركاه ونفذته شركة بلفور بيتي وشركة زبلن الالمانية ، ويتضمن حفر قناة بطول 62 كم تصل دجلة بمنخفض الثرثار واقامة سدة كونكريتية على دجلة مقابل مدينة سامراء لامرار المياه الى المنخفض واقامة ناظمين على القناة المذكورة وصدر نهر الاسحاقي ، وكلف المشروع نحو 17 مليون دينار .
وفي اليوم نفسه ، وعلى نهر الفرات جرى افتتاح مشروع الحبانية لخزن المياه في منخفض الحبانية من خلال جدول يصل الفرات بالمنخفض ( جدول الورار) بانشاء سدة على الفرات هي سدة الرمادي نفذتها شركة هرسنت الفرنسية بكلفة مليون و395413 دينارا . وجدول لاعادة المياه من البحيرة الى الفرات عند الحاجة مع ناظمه ، وجدول يصل البحيرة بهو رابي دبس لاستخدامه عند امتلاء البحيرة في موسم الفيضان . ومن مشاريع الاسبوع الاول للاعمار افتتاح جسر الكوفة وجسر طويريج وطريق الحلة ــ النجف في يوم 7 نيسان ومصفى القير في الموصل والف بيت في منطقة الطوبجي .

الاسبوع الثاني( آذار 1957 )
افتتح يوم 23 آذار 1957 جسر الملكة عالية وكلفته مليون وستمائة الف دينار وسمي فيما بعد بجسر الجمهورية ، وفي اليوم نفسه افتتح جسر الائمة الذي يربط الاعظمية بالكاظمية بكلفة مليون و300 الف دينار ( شركة سمنس وكتانة) . ووضع الحجر الاساس لمشروع اسكان غربي بغداد وعهد به الى شركة تاجريان بانشاء الف و250 دارا ، وكانت الحكومة قد عهدت الى شركة دوكسيادوس اليونانية بناء 2500 دارا وينتهي العمل سنة 1960 .
وعهد الى شركة هوكتيف بانشاء ثلاث محطات كبيرة للكهرباء في كركوك والبصرة وبغداد . وافتتح يوم 25 اذار1957 طريق بغداد ــ المحمودية وطريق الحلة ــ المحاويل وطريق بغداد ــ الفلوجة وطريق طاسلوجة ــ دوكان . وفي يوم 26 اذار افتتح مشروع المسيب الاروائي الذي احيا مئات الالاف من الدونمات الزراعية . كما افتتح يوم 28 اذار معمل السمنت في سرجنار في لواء السليمانية . وفي الموصل افتتح يوم 27 اذار جسر الخازر في الموصل ووضع الحجر الاساس لمعمل السكر في الموصل وافتتاح معمل الغزل والنسيج فيها .

الاسبوع الثالث ( نيسان 1958 )
افتتح في هذا الاسبوع العديد من المشاريع المهمة مثل معمل الغزل والنسيج في معسكر الرشيد ( 26 نيسان) ومشروع اسكان الوشاش ،ومعمل السكر في الموصل (27 نيسان) وطريق الحلة الديوانية (29 منه) وسايلو حبوب البصرة ( 27 منه ) ومصرف الرميثة وجسر السماوة ومعمل السمنت في حمام علي والمجموعة الثقافية في الموصل . وجسر السكك الحديد في بعقوبا ومنشات النفط في الناصرية وطريق كركوك طقطق . وجسر العمارة وجسر الموصل وطريق العمارة البصرة وطريق بغداد الحلة ، كما وضع الحجر الاساس لمشروع كهرباء المنطقة الجنوبية ( 27 منه) وفندق كربلاء (29 منه) ..