سامي عبد الحميد يسلط الضوء على الحياة المسرحية في العراق

سامي عبد الحميد يسلط الضوء على الحياة المسرحية في العراق

عامر صباح المرزوك
ضمن منشورات دار المدى للثقافة والنشر بدمشق صدر مؤخرا للباحث الأكاديمي والفنان سامي عبد الحميد كتابه (أضواء على الحياة المسرحية في العراق : آراء نقدية وتحليلية للظواهر المسرحية خلال القرن العشرين).

أراد (عبد الحميد) من كتابه هذا أن يجمع آراءه النقدية وتحليلاته وتجربته في المسرح العربي والعراقي التي تبلورت عبر أكثر من خمسين عاما ، وبين في مقدمة الكتاب ان هذه الآراء قابلة للنقاش والتصحيح وهذا ما يدلنا على سعة صدر الباحث كونه رجلا أكاديميا يعي معنى ما يقول وما يكتب .
انطلق المؤلف من تأصيل هوية المسرح العراقي في خمسة دراسات احتواها الفصل الأول للكتاب ، وهي التي تمثل البدايات الثقافية والمسرحية في العراق وارتباطها بمعهد الفنون الجميلة في أربعينيات القرن المنصرم ، ويتسلسل المؤلف في ذكر أهم التواريخ والوقوف عند أهم رجالات المسرح الذين زرعوا بذرة المسرح العراقي . ويمكن تحقيق هوية وطنية للمسرح في العراق عن طريق إثبات السمات الخاصة في النص وفي العرض وفي المكان وفي التعليم ، وعندما تتناول النصوص واقع المجتمع بصدق أو تتناول حقبة تاريخية أو شخصية معروفة ومشهورة . إما في الفصل الثاني فقد تناول التوجهات الجديدة في المسرح العراقي ابتداءً من (طريقة ستانسلافسكي) التي لم يتعرف عليها المسرحيون العراقيون الا في منتصف الخمسينيات حينما نشر المؤلف في مجلة (السينما) العراقية ترجمة لكتاب (ديفيد ماكرشاك) عن (الطريقة) وبعض المقالات التي توضح عناصرها ، وعندما عاد (جاسم العبودي) من بعثته بشيكاغو اخذ ينادي بضرورة اللجوء إليها وتطبيق مفرداتها ، وهي إشارة ذكية من مؤلف الكتاب بأنه قد سبق العبودي بتعريف طريقة ستانسلافسكي للمسرحيين العراقيين .
وحتى فيما يخص التعرف على (برشت) فكان المؤلف هو أول من عرج على نظرية المسرح الملحمي عبر مقالة قد ترجمها ونشرها في مجلة (السينما) عام 1956م ، ومن ثم بشر (إبراهيم جلال) عندما عاد من بعثته الدراسية من أمريكا أوائل الستينيات بأفكار برشت التي اطلع عليها أثناء دراسته .
وحول أزمة النص المسرحي العراقي توصل (عبد الحميد) إلى ان هناك مؤثرات عديدة أدت إلى تباين واضح بين وفرة النصوص المسرحية الجديدة وبين الطلب عليها ، أولها عامل الاستسهال فالمخرج يستسهل الركونة إلى نص أجنبي مترجم تتوافر فيه كل عناصر الجودة ، وان المسرح في العراق عبر أكثر من قرن من تاريخه الحديث لم يستطع ان يرسي تقاليد واضحة فيما يخص التأليف المسرحي ، زد على ذلك انه ما يزال تجريبيا في جميع جوانبه الفنية ومنها التأليف ، والمعروف ان التجريب قد يخطئ أو يصيب . وراح الفصل الثالث على ذكر تجارب مميزة في مسرحنا ، وهي مقالات قد سبق للمؤلف نشرها في الصحافة العراقية وهي : الملحمية في المفتاح والراية ، التجريب في الطوفان والحصار وتموز ، طليعية طه سالم التي افتقدناها ، كتابات جليل القيسي مرآة لروح العصر ، خمسة مخرجين اخرجوا ماكبث ، حقي الشبلي ويوليوس قيصر وجعفر السعدي ، واقعية الشريعة بين قاسم محمد وفاضل خليل ، صلاح القصب ومسرح الصورة .
ختم الكتاب بأربع دراسات حول مسارات المسرح في العراق التي قسمها المؤلف إلى : مسار المسرح التجاري ، ومسار فرقة الدولة ، ومسار مسرح الشباب ، ومسار المسرح الأكاديمي .
وبهذا قد أصاب الباحث والفنان الأكاديمي سامي عبد الحميد بان يؤصل لهوية المسرح العراقي وخاصة ان الأمم تفتخر بأصلة فنها المسرحي ، بعدما أصبح المسرح فنا كونيا تشترك فيه البلدان في مختلف أنحاء العالم.