مطابع الموصل في العهد العثماني

مطابع الموصل في العهد العثماني

بهنام فضيل عفاص
1- مطبعة الأباء الدومنيكان التي أُسست في حدود سنة 1858م.ومن اهم مطبوعاتهاكتاب خلاصة في أصول النحو، بطريقة جديدة تسهِّل مأخذها للمبتدئين:القس يوسف داود الزبونجي، في 169 صفحة عدا الفهارس، ثم أضاف إليها نبذةً في (كليلة ودمنة)؛ فيصبح الكتاب في 180ص، 1859م.

والكتاب مقسم إلى خمسة كتب، وفي كل كتاب عدد من الفصول والأبواب؛ خصِّص الأول لعلم الصرف، والثاني للاسم، والثالث للحروف وما يلحق بها، أما الرابع فقد خصَّصه للجُمَل، بينما ذكر في الخامس ما بقي من أبواب النحو وما يتعلق بالوقف.ولهذا الكتاب أهمية خاصة؛ حيث إنه أول كتاب يطبع في العراق في مواضيع لغوية ونحوية، وبأسلوب حديث وميسَّر، لتيسير دراسة اللغة لطَلَبَتِها.تتواجد نسخة من هذا الكتاب في مكتبة المتحف العراقي دون ذكر المؤلف، ويبدو أن السبب هو كتابة اسم المؤلف في خاتمة الكتاب وليس على غلافه.كما ذكره الأستاذ (كوركيس) عواد في كتابه "مباحث لغوية" دون ذكر المؤلف.


2- مطبعة الدومنيكان الحديثة:
التي أُسست بين سنتي 1860-1861.وأول كتاب يطبع فيها هو كتابٌ دينيٌّ، يحمل عنوان "رياضة درب الصليب"، 1861م، وكتاب آخر في علم الجغرافيا يحمل نفس العنوان، طبع - أيضاً - سنة 1861م، أما سنة 1863م فقد شهدت طبع كتاب اسمه "تمارين في القراءة العربية للمبتدئين".
ثم توالى طبع الكتب على اختلاف أنواعها وتعدد موضوعاتها، وقد رأينا، ولكثرة ما طُبع في هذه المطعبة خلال ما يقرب من خمس وأربعين سنة، ولتعدُّد الطبعات - أن نتَّبع في تنظيم فهرست مطبوعاتها طريقة المواضيع، كي يسهل للباحث أن يطَّلع - وبسهولة - على مختلف النواحي في نتاجها ومطبوعاتها. والجدير بالذكر أن أكثرية الكتب المطبوعة في هذه المطبعة قد حُفظت نسخة منها في خزانة خاصة لدى الآباء الدومنيكان، في ديرهم الواقع في مدينة الموصل، بينما تشتتت أكثرية النسخ المطبوعة، وضاع قسمٌ كبيرٌ منها.

3- المطبعة الكلدانية:
أسس هذه المطبعة روفائيل، ابن القس بطرس مازجي الأمدي، وهو كلداني من آمد - ديار بكر - ومن عائلة غنية، كان وحيداً لأبيه القس بطرس مازجي، ولما شبَّ قصد (باريس) وترهَّب في دير (اللعازاريين).
وقد أراد أن يستغل ثروته في أعمال خيرية وعلمية، لخير أبناء طائفته، فقدم الموصل سنة 1863م، وكانت مركزاً للبطريركية آنذاك، وجلب معه مطبعة حديثة من (باريس)، مع جهاز تشغيلها، ثم اشترى لها بيوتاً عديدة، وعمَّرها وجعلها مركزاً لمطبعته، وتقع اليوم قرب دار البطريركية في الموصل، في محلَّه الشيخ محمد، ولا زالت معروفة عند بعض الناس - وحتى يومنا هذا – باسم: المطبعة.
ثم أقدم على تزويدها بحروف عربية وكلدانية وفرنسية، مع مسابك حديثة، واستقدم لها عمالاً نشيطين، كان أكثرهم من الذين تعلموا هذه المهنة في مطبعة الدومنيكان.
وقد كان لتأسيس هذه المطبعة صدًى حسناً في الأوساط الأدبية والدينية الموصلية؛ فأنشد فيها الشاعر المعروف شهاب الدين العلوي المليسي يقول:
قَدْ تَمَّ فِي عَامِ يُمْنِ إِنْشَاءُ دَارِ الطِّبَاعَهْ
وَالْحَمْدُ للهِ تَمَّتْ لِلْمَوْصِلِ الاسْتِطَاعَهْ
عَلَى إِذَاعَةِ فَضْلٍ بَيْنَ الْبِلادِ مُضَاعَهْ
ثم قال مادحاً مؤسسها:
ذُو الهِمَّةِ النَّدْبِ رُوفَائِيلُ الْبَدِيعُ الْبَرَاعَهْ
أَعطى بها المال منا وَلَمْ يَكُنْ مَنَّاعَهْ
وقد بدأت هذه المطبعة فور تأسيسها بطبع بعض الكتب الدينية والطقسية باللغة الكلدانية، ثم أخذت تطبع بعض الكتب الأدبية والتعليمية باللغتين العربية والفرنسية.
غير أن وفاة مؤسسها بمرض الهواء الأصفر (الكوليرا) سنة 1865م[57] أصابها بضربه قاسية؛ فتوقفت قليلاً، ولكنها سرعان ما عاودت نشاطها، وذلك بهمَّة المطران عبد يشوع الخياط، الذي تولى الإشراف عليها، وذلك في حدود سنة 1869م، وقام بطبع بعض الكتب المهمة من تأليفه.
وفي سنة 1878م تكاتف البطريرك إيليا عبو اليونان الموصلي مع المطران عبد يشوع الخياط على تجديدها وبعثها؛ فراحت تطبع من جديد الكثير من الكتب على اختلاف أنواعها، وعلى الأخصِّ الدينية والتعليمية منها.
واستمرت حتى سنة 1898م، وذلك عندما توفي البطريرك الخياط، الذي كان يرعاها رعايةً خاصةً، فتوقفت وبيعت بعض أدواتها إلى مطبعة الحكومة (الولاية) في الموصل.
ثم لم يلبث أن بعثها من جديد - وبنفس الاسم - البطريرك يوسف عمانوئيل الثاني، بعد تسلمه منصب (البطريركية) بقليل؛ حيث قام بنقلها سنة 1904م إلى المدرسة الكلدانية، واشترى لها حروفاً ولوازم جديدة، وبدأت بطباعة بعض الكتب المدرسية والدينية، غير أن نشوب الحرب العظمى الأولى جعلها تتوقف من جديد وللمرة الثالثة.
4- مطبعة الولاية:
أُسست هذه المطبعة بعد مدة قصيرة من تأسيس مطبعة الولاية في بغداد، وذلك في سنة 1875م، وقد أسسها (تحسين باشا) والي الموصل، وجلب أدواتها من الأستانة.
ويبدو أن الغاية من تأسيسها كان لطبع منشورات حكومية، وبيانات رسمية، وأمور تجارية، وتقاويم سنوية؛ وذلك لأننا لم نعثر على كتب مهمة طبعت فيها إلا فيما بعد، وبعد مدة طويلة من تأسيسها.
ومما يُذكر؛ أن الآباء الدومنيكان - بما لهم من خبرة في الطباعة - قد ساعدوا في تأسيسها وتسيير أعمالها في البداية، وزوَّدوها بما لهم من حروف مختلفة.
ومن الذين تولوا إدراتها نذكر: (رؤوف الشربتي)، و(علي بك) و(رؤوف أفندي ابن محمد أفندي)، و(حسن فائق بك)، و(خير الدين العمري)، وأكثرهم من الموصليين المعروفين.
5- مطبعة نيوني:
وهي مطبعة يدوية، أسَّسها (فتح الله سرسم)، وشريكٌ له ماهرٌ في الطباعة، يدعى (عيسى محفوظ)، وقد جلبوا المطبعة من (باريس) مع أدواتها، كما جاؤوا لها بحروف عربية ولاتينية.وقد نُصبت في منطقة تجارية في الموصل، تدعى (سوق الصرَّافين)، قرب (باب السراي)، وكان ذلك سنة 1910م.ويبدو أن الغرض الأول من تأسيسها كان لطبع جريدة "نينوي"، التي أصدرها فتح الله سرسم سنة 1909م، ثم استغلت أيضاً لطبع بعض الكتب والمنشورات التجارية.وعند وفاة فتح الله سرسم؛ باع ابنه حصَّته من المطبعة إلى شريكهم عيسى محفوظ؛ فأصبحت المطبعة تعرف بمطبعة محفوظ، ولمدة قصيرة.وخلال الحرب العظمى الأولى؛ انتقلت هذه المطبعة إلى بغداد، وجاؤوا بمحرك بخاري لها لتنشيط أعمالها. وأهم الصحف التي طبعت فيها:
1- جريدة "نينوي": فتح الله سرسم، 1909م.
2- جريدة "النجاح": محمد توفيق، 1910م، وهي لسان حال حزب (الحرية والائتلاف) المعارض.
3- جريدة "حكة باز" (أي: المهذار)، 1911م، وهي صحيفة فكاهية انتقادية.
أما أهم الكتب التي طبعت فيها فهي:
1- بدائع الأفكار .. ياخود الحكمة والأدب، للترك والعرب:
فاضل الصيدلي الموصلي، في 32 ص، 1911م، ويتضمن شذرات عربية أدبية مشروعة باللغة التركية.