اندبندنت: نساء يخاطرن بحياتهن للالتحاق بمحتجين يطالبون بتغيير سياسي

اندبندنت: نساء يخاطرن بحياتهن للالتحاق بمحتجين يطالبون بتغيير سياسي

 ترجمة حامد أحمد
مرة أخرى تحدى محتجون في العراق تهديدات العنف للالتحاق والمشاركة بمظاهرات شعبية معادية للحكومة عمت مناطق العراق المختلفة . من بين آلاف المواطنين الذين نزلوا الى الشوارع للمطالبة بأصلاح النظام السياسي هنّ من النساء وطالبات الجامعات . بعد عقود من الحروب والعنف والحصار التي ألقت بتبعاتها على نساء هذا المجتمع بالذات ، فإن ما يحصل من مشاركة المرأة في هذه الاحتجاجات يعد تطوراً متميزاً .

نساء مضى عليهن وقت طويل وهن مهمشات ولا يصدر لهن صوت وسط تقاليد اجتماعية محافظة ، وقد قررن الآن بان يوصلن أصواتهن للأخرين . وبتعبير منهن عن غضبهن وهن يشاهدن العنف الذي يتعرض له المحتجون العزل عبر شاشات التلفاز ومواقع التواصل وكذلك حالات القتل التي وقعت بين صفوفهم فقد قررن الكف عن صمتهن والخروج للالتحاق بالاحتجاجات .
مريم 23 عاماً ، مواطنة محتجة من بغداد قالت " نحن نريد وطناً حقيقياً ، نريد دولة مدنية ، ونريد استرجاع أموالنا التي سُرقت ."
نور 20 عاماً ، متظاهرة من ميسان قالت إنها قررت المشاركة بالاحتجاجات لأنها لم تكن أبداً مقتنعة بالوضع الذي يعيشون فيه . وأضافت بقولها : " لا يمكن لي أبداً أن أقبل بأن اأحكم من قبل أشخاص تكون أحزابهم موالية لبلدان أخرى ، يتبعون اجنداتهم الخاصة ومصالحهم الشخصية . الرغبة الحقيقية للعيش في بلد حر هو السبب الرئيس الذي جعلني أنزل الى الشارع ."
حقيقة كون المظاهرات بدون قائد ولا تنتمي لأي حزب ، هو ما شجع الفتيات الأخريات من اتخاذ هذا القرار . هدى 29 عاماً ، ناشطة بيئية من بغداد ، تخوفت في بادئ الأمر من احتمالية مصادرة الاحتجاجات كما حصل في السنوات السابقة ولكنها اطمأنت عندما أدركت أن موجة الاحتجاجات هذه لا تتبع أي أجندة سياسية .
رداءة التعليم كان عاملاً آخر من عوامل تحفيز الاحتجاجات . عُلا ، طالبة مدرسة ثانوية من محافظة بابل ، قالت : " مستقبلنا مجهول ووضعنا التربوي يعاني من حقيقة مزرية ." في حين تقول ، آلاء غسان ، طالبة هندسة ميكانيكية من بغداد ، إن شهادتها الجامعية " ليس لها قيمة في بلد لا يوفر لمواطنيه حقوقهم الاساسية ."
رغم أنه غالباً ما يكون هناك رفض من قبل آباء أو أزواج للخروج خوفاً على سلامتهن ، فإن نساء تخطين هذا الحاجز وذهبن للاحتجاج ، في بعض الأحيان يلتحقن بالتظاهرات سراً .
في مجتمع لا يختلط فيه الجنسان عادة ، فإن الذهاب للاحتجاج جنباً الى جنب مع الرجال يدل على أن هذا الحاجز قد كُسر . البعض يعتقد بأن هذا الشيء يعتبر انقلاباً على التقاليد والأعراف القديمة . المتظاهرة ، عائشة 31 عاماً ، تقول " كانت الحكومات والأحزاب يحاولون إسكات النساء والفتيات ولكنهم فشلوا ."
مريم وخطيبها أحمد قررا تحدي محظورات أخرى عندما التقطا صورة وهما يقبلان أحدهما الآخر أثناء ارتدائهما كمامة الوقاية من الغاز في ساحة التحرير . الصورة لاقت رواجاً واسعاً في مواقع التواصل الاجتماعي ولكنها لم تسلم من الانتقادات .
في مكان آخر كانت هناك تجربة مختلفة . عُلا 15 عاماً ، طالبة ثانوية من كربلاء ، قالت إنه تم توبيخها من قبل قسم من الرجال عندما قامت هي ومجموعة من الفتيات بترديد شعارات ضد أحزاب إسلامية . ناشطة أخرى من كربلاء في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان ، قالت إنها عايشت نفس التجربة من التوبيخ والانتقاد بعد أن التحقت بالتظاهرات .
وقالت الناشطة أيضاً " كنا قليلين ولم يجلب ذلك اهتماماً جدياً ، ولكن هذا الأمر تغير فيما بعد عندما اعطت اضرابات الطلبة زخماً وتشجيعاً للمشاركة النسوية في التظاهرات ."
المشاركة الواسعة في الاحتجاجات عبر العراق جلبت شعوراً قوياً لدى النساء بالانتماء والفخر . في بغداد ، بشكل خاص ، تحوّلت ساحة التحرير الى عراق مصغر حيث يجتمع الناس لخلق مجموعة متنوعة يداوون من خلالها جراحهم ويستعيدون هوياتهم الوطنية ، ويعيدون كذلك كتابة تاريخهم الحاضر بعيداً عن الطائفية والفوضى والانقسامات والمخاوف.
بناية المطعم التركي المهجورة التي لجأ اليها المحتجون للاحتماء من إطلاقات القناصين قد أصبحت رمزاً أيقونياً لوحدة العراق .
الاحتجاجات اعطت للعراقيين أملاً بمستقبل العراق وأن الشعور بالانتماء حفّز نساء من مختلف الأعمار للمشاركة في أنشطة مختلفة في الساحات حيث تقام فيها احتجاجات . تنوعت المشاركات بين التبرعات وتنفيذ حملات تنظيف وطبخ وخبز . وعلى غرار ذلك قام أطباء وأطباء اسنان وصيادلة بتنفيذ حملات على مدى أيام في ساحة التحرير لتوفير خدمات طبية للمتظاهرين .
ليس هناك من شك من أن هذه الانتفاضة تعتبر نقطة تحوّل للنساء ، ولكن الطريق تجاه حريتهن و حقوقهن ما تزال مليئة بالمعوقات . حياة النساء العراقيات دائماً ما تتعرض لتهديدات من قبل جماعات مسلحة وجهات عشائرية . العام الماضي شهد مقتل عدد من الناشطات وشخصيات مواقع التواصل الاجتماعي . في مستهل شهر تشرين الأول تم اغتيال ناشطة وزوجها في منزلها .
بينما تدخل الاحتجاجات شهرها الثاني تم اختطاف الطبيبة والناشطة صبا المهداوي من قبل مجموعة مجهولة وهي في طريقها للبيت . اختطافها بعث برسالة ترويع لمحتجين و ناشطين آخرين رأوا في ذلك كمحاولة لتخويفهم للاستسلام والركون .
ولكن النساء لم يتنازلن ورفضن الركون . حنين 20 عاماً طالبة من مدينة بابل قالت " نحن جيل المستقبل . كأطفال عشنا مراحل سقوط النظام السابق وما حصل بعده . وكمراهقات عشنا خلالها مرحلة الارهاب وداعش . وفي مرحلة الشباب عشنا مرحلة الحكومات الفاشلة حيث سرقوا حقوقنا وحقوق أطفالنا . لقد حان الوقت للتعبير بصوت عالٍ ضد كل هذا ."
 عن اندبندنت