يوميات ساحة التحرير..معلمون وطلاب يضربون عن جامعاتهم ومدارسهم للالتحاق بصفوف التحرير

يوميات ساحة التحرير..معلمون وطلاب يضربون عن جامعاتهم ومدارسهم للالتحاق بصفوف التحرير

 ماس القيسي
مصير مجهول الهوية وبطالة محتومة تطارد مستقبل الطالب العراقي بكل مراحله العمرية، في ظل فترة حرجة يعاني فيها وطنه من تراجع وفساد مؤسساتي على كافة المستويات تقلقه وتؤرق حياته وتجعل منه عديم الطموح، وهو يرى اقرانه من المتخرجين والاكاديميين اصحاب الشهادات العليا يتأرجحون في مهب الريح ما بين مطالبهم بالتوظيف واسترداد حقوقهم المسلوبة وبين مقتضيات عيش لا يمكن وضعها في طوابير الانتظار.

معلمون يتضامنون مع طلابهم المضربين عن الدراسة ويشاركون في احتجاج جماعي في ساحة التحرير. كان من المفترض ان يخرجوا متمثلين بهيئة نقابة المعلمين ولكن تراجعت النقابة عن تمثيلهم لأسباب متضاربة، الامر الذي اكدته لنا احدى المعلمات من قلب الاعتصام (والتي امتنعت عن ذكر اسمها) بقولها: "اصدرت النقابة يوم امس الثلاثاء بيانا رسميا على صفحتها بضرورة الاضراب العام لمنتسبي النقابة من المعلمين ثم قامت ليلاً بإلغاء البيان". وقد اشارت الى ارجاع السبب في الغاء البيان لاحتمالية تعرض ممثلي النقابة الى ضغوطات من جهة معينة. وان هذا التراجع ادى الى تشتيت التظاهرات اذ قالت: "الغاء النقابة لبيان الاضراب تسبب في جعل تظاهراتنا غير منتظمة، اذ نجد بعض المعلمين يحتجون هنا في الساحة وآخرون يتواجدون على احد الجسور، بينما كنا نستعد للانتظام والتظاهر سويا". فقد خرج المعلمون بإرادتهم دون تمثيل نقابي رسمي وعن مدى تخوفهم من اي نتائج سلبية قد تضر بمصيرهم قالت: "من يريد ان تكون له كرامة في وطنه، عليه ان يضحي". مجموعات من فتيان وفتيات بقمصان بيضاء تكتظ بهم ساحة التحرير، ولأول وهلة حين تراهم تشعر وكأنك قد اضعت العنوان ودخلت الى ساحة احدى المدارس. ينقص اولئك الطلبة فقط ان ينتظموا داخل صفوف التحرير ليعطونا دروسا عن الوطن!. وبهذا الشأن تحدثنا مع احد الطلاب المتواجدين اذ يقول: "انا من اعدادية في مدينة الصدر اضربت مع زملائي عن الدوام رغم تهديدنا بالعقوبة من قبل مدير المدرسة، لكن هذا لن يردعنا فنحن نتضامن مع اخوتنا ونتشارك معهم بنفس المطالب واي عقوبة ستقع علينا ستشمل الجميع". وعن مشاركة المعلمين لهم قال: "يوم امس امتنع المعلمون عن مشاركتنا بل ومنعونا عن الخروج، لكن اليوم خرجوا معنا".
مطالب التظاهرة الطلابية لا تختلف عن مطالب كافة اطياف الجماهير المنتفضة، فهم يطالبون بوطن محرر من كل انواع الفساد ولن يتم ذلك الا بتغيير النظام، كما عبر عن رأيه طالب آخر معتصم في الساحة منذ اليوم الاول بقوله: "نظام بُني على اساس مرجعيات طائفية وجهات حزبية مرتبطة بأجندات خارجية لا يمكن ان يقدم اي اصلاح. بينما اليوم قد تغيرت المسألة واصبحنا شعبا متكاتفا يدا بيد، من كل الطوائف والاديان نطالب بوطن جمهوري علماني يحترم الجميع. فقد قررنا اخيرا ان الدين لله والوطن للجميع". وقد اكد على مواصلة اعتصامه حتى النصر او الموت. وعن سبب امتناعه عن ذكر اسمه يقول: "نسمع دوما عن حالات اختفاء بين المتظاهرين، وام نراها تأتي الى هنا كل يوم تبكي وهي تتساءل عن ابنها المفقود". مليشيات واحزاب (بعلم او دون علم الحكومة!) تتلقى المتظاهر ليلا وهو عائد لمنزله ولسوء حظه قد لا يعود. ويستأنف قائلا: "نطالب بإحصائيات بأعداد واسماء المفقودين ومعرفة من المسؤول عن اختطافهم".
طالبات يافعات بعمر الزهور يتركن مدارسهن، يضربن عن التعلم بكل اصرار وعنفوان، يتحدين معلماتهن ويخرجن للتظاهر تضامنا مع اخوتهم في ساحات الحرية اذ قالت احداهن: "حاولنا ان نخرج بالامس وقد منعونا وحاربونا واعادونا الى الصفوف بينما اليوم استطعنا الخروج، في حين هناك بعض الزميلات قد اُجبرن على البقاء واجراء الاختبارات المدرسية المفروضة". وعن العقوبات التي ممكن ان تلحق بهم في حال استمرارهم بالإضراب قالت طالبة اخرى: "الكادر التدريسي يهددنا من خلال اقرار اختبارات علينا تأديتها وان الامتناع عنها يؤدي الى الرسوب". وعن سبب اضرابهن قالت: "لقد فقدنا اي حماس لمواصلة الدراسة وتأدية الواجبات المدرسية، بينما اخوتنا يُقتلون هنا بدم بارد كل يوم. لذلك سنواصل الاضراب ولن تؤثر فينا اي عقوبة". وعن مشاركاتهن في انشطة التضامن مع الانتفاضة اضافت: "عملنا اليومي هنا في ساحة التحرير هو المساهمة في تنظيف بناء المطعم التركي المسمى حديثا حسب الانتفاضة (جبل احد)". ويختتمن الحديث بقولهن: "كيف لنا ان نقرأ دون وطن وكيف نستطيع ذلك واخوتنا يسقطون شهداء يوميا. سنواصل التضامن حتما". واكدن على ان مصيرهم مشترك في هذا الوطن وان استمر الوضع بهذا الشكل المتفاقم سوءا سينتظرهم مستقبل مماثل.