متابعة / المدى
للنساء والفتيات دور بارز في المظاهرات العراقية المستمرة منذ تشرين الأول الماضي، فإلى جانب ترديد مطالب المحتجين والإصرار عليها، ينهض بعضهن لمساعدة المتظاهرين الذين يقيمون في ساحات الاحتجاج منذ قرابة شهر.
أم شهد البالغة من العمر 48 عاماً تقيم مع المتظاهرين منذ أكثر من 15 يوماً، وتحاول دعم الذين يرفعون أصواتهم ضد الطبقة الحاكمة بالرفض، عبر تحضير الوجبات وتنظيف أماكن الاعتصام.
وتقول أم شهد: "الحكومة غير قادرة على الإصلاح، رغم أننا أعطيناها أكثر من فرصة، ليس فيهم أي جدوى، نريد الوطن، نريد وطناً آمناً، وإيجاد فرص العمل لهؤلاء الشباب"، مضيفةً: "هذه الحكومة زائلة حتماً".
يلاحظ وجود النساء المسنات في أغلب الخيم وهن يحفزن الشباب على الاستمرار في المظاهرات، كما يؤدين مهام الأمهات تجاه أولادهن. فاطمة محمد إحدى هؤلاء النسوة، تقول: "كلهم مثل أولادي، أو أخواني أو جيراني، إنهم أبناء وطني، خرجنا للمطالبة بحقوقنا لأننا لا نملك أبسط الحقوق". كما تعكف أخريات على غسل ملابس المتظاهرين أو إحضار الطعام لهم، وأصبح وجودهن دافعاً للشباب على البقاء.
ويقول المتظاهر علاوي ناجي: "إنهن يحركنا فينا مشاعر الغيرة، كيف لا أخرج حينما أرى أمي تتظاهر! أعمارهن تتراوح بين 50 إلى 60 عاماً، كل من يمتلك الغيرة يأتي للتظاهر هنا".
وتقول أم سلوان (60 عاماً)، إنها تغسل الثياب وكأنها لأبنائها، وتجد ذلك واجباً عليها. وتضيف: "أغسل ملابس أبنائي المتظاهرين، لأن العديد منهم قادمون من محافظات أخرى غير بغداد، للوقوف على سواتر جسر الجمهورية، بالإضافة إلى المتظاهرين من بغداد".
وتتابع: "اشتريت غسالة وجئت إلى ساحة التحرير لأغسل الملابس، فلا شيء أجيده غير ذلك، وهذه خدمة مني للتظاهرات، ولشدّ أزر المتظاهرين وتعزيز موقفهم للثبات على هذه الخطوة العظيمة، في الوقوف بوجه السلطات الفاسدة، حتى ينالوا حقوقهم كاملة".
ويرى أبو عبد الله (66 عاماً)، أنّ ما تقوم به أم سلوان حالة نادرة، ويقول: "لأنها فقيرة ولا تملك شيئاً، اقترضت ثمن الغسالة وحضرت لخدمة أبنائها المتظاهرين. أنا أعاني من أمراض الضغط والسكري والقلب، وواظبت على الحضور يومياً الى ساحة التحرير، وعندما رأيت ما تقوم به أم سلوان اندهشت وتيقنت أن النصر آتٍ على يد المتظاهرين، بثباتهم أمام الفاسدين".
ويقول المتظاهر هادي سليم (32 عاماً) "أنا متظاهر منذ 14 يوماً، وهنا تغسل أمي العراقية ملابسي، وأطلقنا على أم سلوان اسم (أم المتظاهرين)، لأنها أم حنونة تغسل ملابسنا، وتمثل الشرف العراقي، والصورة الحقيقية للعراق". ويضيف: "أنا مصاب وتعالجني أم سلوان وتطمئن على حالتي، ولم يجمعني بها سابق معرفة، هي أفضل وأشرف وأنبل من البرلمانيين والفاسدين الجاثمين على صدورنا من السياسيين".
وفي السياق نفسه، توضح أم أحمد التي حضرت لتساعد أم سلوان في غسل ملابس المتظاهرين: "كان أبنائي يجلبون ملابسهم وأغسلها في البيت، وما إن قالوا إنّ أم سلوان تغسل ملابس المتظاهرين، حتى حضرت لمساعدتها". وتضيف: "نغسل الملابس ونخيط الثياب الممزقة جراء الظروف السيئة التي يمرّ بها المتظاهرون، وأبناؤنا موجودون في الساتر على جسر الجمهورية وقدمنا لخدمتهم، وهدفنا الحفاظ على ثبات أبنائنا وصمودهم حتى نيل المطالب التي خرجوا من أجلها. نريد وطناً". فيما تحولت ام صلاح من كربلاء الى ايقونة من ايقونات الاحتجاجات فهي منذ 18 يوما تتواجد في ساحة الاعتصام في كربلاء، لديها موكب لخدمة المعتصمين بتقديم الشاي ووجبات الطعام بالخصوص وجبة الافطار.. وهي ترعى الشباب وتوفر لهم مكانا للمبيت والاستراحة وقد نصبت خيمة وتقول للجميع" عوفو الشباب نايمين بخيمتي.