تقرير فرنسي يفسر صمت واشنطن إزاء الاحتجاجات العراقية

تقرير فرنسي يفسر صمت واشنطن إزاء الاحتجاجات العراقية

متابعة المدى
فسر تقرير فرنسي، الاثنين، صمت واشنطن حيال الاحتجاجات العراقية والعنف الذي جوبهت به من طرف السلطات، فيما رأى أن العلاقات العراقية – الأميركية في الوقت الحالي، هي “الأكثـر برودة” منذ عام 2003. وفيما يلي نص التقرير الذي نشرته وكالة الأنباء الفرنسية “فرانس برس”، وتابعته المدى امس الاثنين:

تلتزم الإدارة الأميركية الصمت حيال الاحتجاجات المطلبية في العراق ضد نظام ساهمت في إرسائه بعد غزوها البلاد والإطاحة بحكم صدام حسين عام 2003، حيث نشرت عشرات آلاف الجنود وواكبت المرحلة الانتقالية فيه. يوضح هذا الغياب الكبير خلال نقطة تحول رئيسة في العراق، مدى تلاشي مصالح الولايات المتحدة ونفوذها منذ الغزو، والذي فتح الباب على مصراعيه أمام إيران.
وقال مسؤول عراقي بارز طلب عدم الكشف عن هويته إن "الفجوة بين العراق وأميركا لم تكن كبيرة على الإطلاق مثلما وصلت إليه الآن، ولا تزال تزداد حجما".
وقامت الولايات المتحدة بعد الغزو بحل الدولة العراقية وإعادة بنائها، حيث أوصلت إلى الحكم طبقة جديدة من النخب السياسية التي أقامت معها صلات شخصية وثيقة.
وشرعت في بناء جيش جديد ونشر أكثر من 170 ألف جندي في العراق في ذروة وجودها العسكري قبل الانسحاب عام 2011.
ومنذ ذلك الحين، لعبت القوات الأميركية دورا حاسما في هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية، وتشاور المسؤولون الأميركيون عن كثب مع نظرائهم بشأن الاستفتاء حول انفصال إقليم كردستان العراق عام 2017، والانتخابات البرلمانية عام 2018 وتشكيل الحكومة بعد ذلك. وحاليا يطالب المتظاهرون في بغداد والجنوب بإصلاح النظام الذي أرسته الولايات المتحدة، لكن واشنطن بقيت صامتة نسبيا، فقد أصدرت مجموعة من البيانات التي تدين العنف لكنها لم تصل إلى حد استخدام القوة الدبلوماسية لحل الأزمة. وقال المسؤول العراقي البارز "في الماضي كانت مواقف واشنطن أكثر علنية في لعب دور في السياسة العراقية".
وأوضح “كانت الولايات المتحدة قد دعمت في عام 2003 هيكلية الحكومة العراقية الحالية والتي أنتجت هذه الطبقة السياسية”، ورجح أنها لم تتخذ قرارا بعد بشأن الانخراط في تصحيح هذا النظام.
وقال المحلل في نشرة “داخل السياسة العراقية” كيرك سويل إن "النتيجة النهائية هي أن المشروع الأميركي لبناء الدولة في العراق قد فشل".
ومنذ اندلاع الاحتجاجات في الأول من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قتل أكثر من 330 شخصا، وفرضت السلطات قيودا على الإنترنت، وتعرض النشطاء للتهديد والخطف.
وفي الأسبوع الماضي، اتصل وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو برئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي و”استنكر سقوط هذا العدد الكبير من القتلى”، لكن في اليوم التالي قتل أربعة متظاهرين. ويبدو أن أكثر ما يقلق الولايات المتحدة هو الدور الذي يقوم به في العراق اللواء قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، من عقد الاتفاقات بين القوى السياسية في بغداد. وقال سويل إن "النفوذ الأميركي ليس صفرا، لكنه لا يكاد يذكر خلال الأزمة الحالية". ويرجع ذلك -بحسب روبرت فورد من معهد الشرق الأوسط- جزئيا إلى أن العراق قد ملأ مؤسساته في وقت انخفض فيه عدد القوات الأميركية بشكل كبير. وعمل فورد دبلوماسيا في السفارة الأميركية المترامية الأطراف في العراق بين 2004-2006 و2008-2010، لكن السفارة الآن شبه خالية بعد الانسحاب الأميركي في مايو/أيار الماضي، إثر تصاعد التوتر بين طهران وواشنطن نتيجة الملف النووي، وقال "هذا بحد ذاته يظهر تضاؤل مصالح الولايات المتحدة". ولا تربط المسؤولين العراقيين الجدد أي علاقات قديمة مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، على عكس المسؤولين السابقين. وقال فورد "لا أعتقد أن الرئيس ترامب يمكنه التقاط الهاتف والتحدث إلى عبد المهدي مستندا إلى علاقات قديمة أو لقاءات مباشرة".
في الواقع، يقول المسؤولون العراقيون والأميركيون إن العلاقات بين البيت الأبيض ومكتب رئيس الوزراء هي “الأكثر برودة” منذ عام 2003.
كما أن البيت الأبيض أرجأ اجتماعا ثنائيا ثلاث مرات على الأقل، لأنه كان “غاضبا” من عبد المهدي الذي يرفض النأي بنفسه أكثر عن إيران.