مشاهدات مسائية من التحرير: يكتبها سعدون محسن ضمد

مشاهدات مسائية من التحرير: يكتبها سعدون محسن ضمد

الشهداء، التحرير، السنك، مساء الاحد 17-11-2019، من الساعة 6:30 وحتى الساعة 9:00.
1. عاد جسر الاحرار إلى المشهد مع انسحاب القوات المسؤولة عن حمايته منه صباح أمس، وعليه كان لا بد من المرور عليه، لكن قبل أن افعل ذلك فكرت، إن كان يمكنني أن أبدأ من جسر الشهداء، ولو على شكل مرور عابر بالسيارة، لأرى الوضع عليه. في البداية دخلت مشياً من ساحة الامين على شارع الخلفاء، لأنني كنت اتوقع أن يكون الطريق إليه مقطوعاً،

لكن تبين أن لا قطوعات بل انني فوجئت بعدم وجود أي انتشار للقوات الامنية، ما عدى بعض عناصر من الجيش أو هكذا بدى لي من ملابسهم، غير مسلحين يقفون قريباً من تمثال معروف الرصافي، والوضع على الجسر طبيعي والسيارات تعبره إلى جانب الكرخ.
2. في ساحة الوثبة أيضاً كان الوضع طبيعياً، وعلى طول الطريق منها إلى ساحة حافظ القاضي لم ألحظ على وجوه الناس وهم يمارسون حياتهم الطبيعية أي علامة ترقب أو قلق من حدوث مصادمات أو إلقاء قنابل غازية أو ما إلى ذلك.
3. عند جسر الأحرار كان العشرات من الشباب ينتشرون بالمحيط لكن ليس بالطريقة التي شاهدتها في المرة السابقة بنفس المكان، حيث كان الوضع اكثر استرخاء هذه المرة، وليس على الوجوه المنتشرة ما يشير إلى ترقبها لحدوث حادث. قبل أن اصعد الجسر شاهدت على يميني سيارة اسعاف مركونة. وفي مدخله تعرضت إلى عملية تفتيش واحدة، وبسبب الظلام وحشد الشباب المنتشرين عند القطع أعلى الجسر لم استطع أن اتبين إن كان القطع من الخراسانة أم من بقايا صفائح الالمنيوم التي يستعملها المحتجون عادة للاحتماء خلفها. نزلت الجسر وتركت الشاب خلفي يعملون على تعزيز مكانهم والتزود بالاغطية وبقية المستلزمات. وعند اكمالي طريقي باتجاه شارع الخلفاء لاحظت أن عجلات التكتك تسير باتجاه ساحة الرصافي بشكل طبيعي، ولم يتسن معرفة إن كان بامكانها الوصول إلى الساحة أم أن الطريق اليها مقطوع.
4. وأنا اقترب من الخلاني وجدت أن المحتجين يقطعون الطريق أمام السيارات، عند مبني أمانة بغداد، باستعمال عدد من حاويات النفايات. أما عجلات التكتك والدراجات النارية فيسمح لها بالمرور من السايد الثاني، حيث توجد نقطة تفتيش مخصصة لها. وعند تفتيشي وأنا أدخل لاحظت أن من يتولى العملية ثلاثة فقط وهم لا يكادون يسيطرون على الزخم الذي يفد إلى ساحة الخلاني من هذا المنفذ، لكن مع ذلك هناك نقطة أخرى للتفتيش.
5. عندما تجاوزت التفتيش باتجاه الساحة لاحظت أن هناك دخاناً كثيفاً جداً، وهو أكثر كثافة من أن يكون دخان إطارات، لذلك حسبته دخانا ينبعث حريق ما، وفعلاً تبين أنه ينبعث من المنطقة الواقعة خلف المصرف الصناعي وهي المنطقة التي تعرضت لحريق صباح السبت. بمدخل السنك التفتيش أدق وأكثر انتظاماً، حيث ينقسم الداخلون إلى طابورين عن طريق الحبال وأمام كل طابور يوجد شابان يتوليان تفتيش كل شيء وبدقة عالية. وبعد أن تجاوزتها لاحظت وجود خيمتين كبيرتين بباب المصرف الصناعي إحدهما عبارة عن مفرزة طبية والأخرى مخصصة للدعم اللوجستي. ومقابلهما بمدخل الجسر تموضعت مفرزة طبية صغيرة.
6. مبنى موقف السيارات أخذ يكتسي بالشعارات تدريجياً، لكن الاهم أن العلم العراقي ينسدل من أعلاه وعلى طول زاويته المقابلة.
7. كان الدخول الى السعدون من جهة الخلاني صعباً قليلاً بسبب الكتل التي تسده، حيث تترك الفتحة الواسعة الوحيدة لخروج السيارات وعجلات التكتك. وقبل المنفذين الضيقين المخصصين للتفتيش تواجه جهود الشباب صعوبة في اقناع الوافدين بضرورة الالتزام بالدخول منها فقط. بعد نقطة التفتيش أثار إعجابي نظافة الشارع الذي كان إلى مساء الجمعة أشبه بمكب نفايات بسبب كثرة المخلفات وصعوبة السيطرة عليها، مع أن جهود التنظيف لا تتوقف حتى في لحظات الشد وانتشار الغازات، وقد صورت يوماً مشهد شاب يستعمل ماسحته لجمع الانقاض قريباً جداً من الحاجز الأخير الذي تقف خلفه شرطة مكافحة الشغب، وكان يفعل ذلك بصبر وهدوء بينما الجميع من حوله يمرون بهياج شديد بسبب الغازات الخانقة وما يتبعها من عمليات إسعاف أو هرب أو ما الى ذلك.
8. على امتداد الطريق باتجاه النفق بدا الباعة ينتشرون من جديد وهناك عدة محال تجارية فاتحة أبوابها وتمارس عملها بشكل طبيعي