قالوا في احمد فؤاد نجم..الحداثي الثوري

قالوا في احمد فؤاد نجم..الحداثي الثوري

يمثل أحمد فؤاد نجم أحد القامات الأساسية في الشعر العربي المعاصر وكذلك في حركة النضال اليومي سواء في مصر أو في العالم العربي وبالرغم من أنه كان يكتب بالعامية المصرية إلا أن ما أنجزه من شعر يعد جزءا أساسيا من تطور حركة الحداثة الشعرية العربية خصوصا وأن أحمد فؤاد نجم استفاد من التطور الذي حدث في القصيدة العربية في أربعينات القرن الماضي وما أضافه جيل الرواد إلى هذه القصيدة،

حيث يمكن النظر إلى قصيدته كجزء من هذا التطور ومن هذه الحداثة الشعرية. كما أنه يمثل واحدا من الأسماء التي تعد على أصابع اليد الواحدة التي بلغت بالقصيدة العامية المصرية ذروات جديدة، ويضاف إلى ذلك أن تجربته المشتركة مع المرحوم الشيخ إمام كانت ملهمة لملايين المناضلين في العالم العربي ضد الصهيونية والاستعمار والاستبداد السياسي في العالم.
فخري صالح

من قلب إلى قلب
ملأ الدنيا.. وشغل الناس، شجاع، مشاكس، ابن مصر الذي غنى لفلسطين وجيفارا وفيتنام، وأبدع أجمل الأغنيات التي عقدت حِلْفها الرّوحي مع الطلبة والعمال والفلاحين، وشاعر عدد من أجمل أغاني الحب العربية أيضا، مع الشيخ إمام استطاعا أن يكونا ذلك الصوت الهادر لملايين البشر في كل مكان، وأن يثبتا أن الأغاني التي تصل الناس من قلب إلى قلب، أقوى من الإذاعات ومحطات التلفزيون والجرائد التي ترتعد كلما مرَّ طيف الحرية في قصيدة. هو علامة وطنية وشعرية كبيرة أسست لثقافة أخرى، بديلة، على مدى عقود طويلة، ولدت كبيرة ورحلت في القمة، وأسست لميلاد أصوات جديدة هي الأفق الشعري القادم.
إبراهيم نصر الله
استشعار نبض الشارع
أهم مساهمات نجم كمنت في قدرته على استشعار نبض الشارع المصري والتحدث شعرا بما يجول بخاطر الناس. ورأى أن من أهم ما كان يميز حرصه على استقلاله كشاعر شعبي لدرجة أنه "رفض كل محاولات المنظمات الشيوعية لضمه لعضويتها لكي يكون صوتاً لها"، الأمر الذي تسبب في توتر العلاقات بينه وبين مثل هذه المنظمات. وفي الواقع. يُعد نجم أبرز شعراء القصيدة ذات الطابع السياسي، كما شكّل مع صديق عمره الشيخ إمام (1918 – 1995) ثنائياً غنائيا رائعا منذ الستينات. أزعجت قصائده السلطات المصرية وأدت إلى اعتقالهما معا في عهدي الرئيسين الراحلين جمال عبد الناصر وأنور السادات.
صلاح عيسى

شاعر الأجيال والثوار
أحمد فؤاد نجم شاعر مزج القول بالفعل، ظلّ وفيّاً لرسالة الأدب والفنّ، انتصر لقضايا الإنسان في كلّ مكان، شغفه عشق بلاده فتغنّى بها وأبدع لها أجمل القصائد، لم تغيّره الأضواء ولم تعكّر صفو حياته الشهرة، لم يفقد حميميّة اللحظة ولا أسرار تجدّد دماء الشعر لديه، واظب على الدفاع عن الفقراء في وجه آلة الفساد والتغوّل. حيث يتنقّل كنت ترى حوله عددا من الشباب يتحلّقون حوله، يستمعون لأحاديثه الممتعة ويستمتعون بروحه المرحة ولسمات الفكاهة الدائمة التي كان يضفيها على مواضيعه وجمله، وهو الذي يظلّ نجم مصر الشعريّ المعاصر.
أحمد فؤاد نجم، يعدّ نموذجاً للشاعر الذي يستمدّ ديمومة كتاباته من نبض الشارع الذي لم يترفّع عن الانخراط بين صفوفه، والتسكّع الجميل مع الأجيال التالية، فكان الأب الرؤوف، يتعامل بطيبته المشهورة عنه دوماً. على مدار عقود كانت أناشيده المغنّاة بصوت الشيخ إمام بوصلة للثوّار، وفي الثورات العربيّة لم ينحرف عن مساره الثوريّ كما فعل شعراء ارتبطوا بالأنظمة وارتهنوا لها، بل أشهر بوجه المستبدّين كلمته الفصل بين الحقّ والباطل، وأعلن انحيازه المطلق لصفوف الشعب، وتجدّدت قصائده وأعيد غناؤها في كلّ الساحات والميادين، وكأنّه كان يكتب للأمس واليوم والغد. امتازت كلماته بالمعاصرة والعمق رغم البساطة الظاهرة فيها، فكان المتقن الذي طوّع البساطة لخدمة المعاني العميقة، وكانت رموزه من وحي الثقافة الشعبيّة، فاستحقّ أن يكون شاعر الأجيال والثوّار معاً.
هيثم حسين

انتصر في معركة البوح
يبدو نجم قادما من عمق أعماق مصر. مصر الساخرة التي تنتقم من قسوة الحياة ومفارقاتها الظالمة بالنكتة والاستهزاء. يبدو كما لو كان آتيا من مسافات بعيدة تطل على تاريخ غابر يختلط فيه الفراعنة مع موجات الجوع التي بثها الهكسوس الغـزاة.
عندما أعلن عن رحيله تعجبت من صموده الذي لم يتوقف مثل آخرين كثر اختاروا اللوذ بالصمت ونسيان ما بدأوا به. ظل مخلصا لموقفه كشاعر، لم يتخل يوما عن مسؤولية النقد في الوقت الذي عانى فيه كل ما يمكن لمواطن مصري مواجهته.
عايش الجوع وانتصر في معركة البوح. حمل الثياب بالمقلوب وأعلن عما خفي من أوضاع الاستبداد. عاش وعاش حتى التوهج في قلوب الجماهير العربية العريضة. أرض النيل أتاحت له ما لم يتح لغيره من شعراء دول عربية أخرى كممتهم الأنظمة بالصمت أو السجون أو الإبادة الجسدية أحيانا.

قصيدتي اليوم إليك أيها الشاعر
حتى في مراهقتنا كنا نتطلعُ إليه، ولم يختلف الأمرُ حتى ونحن عند بوابة الكهولة. ثوري شاعر، وليس هناك واو بينهما. نعم ، محزن رحيله لكنه ليس مخيباً للأمل تماماً .لا، مصر أم ، وأُمٌ نبيلة ومعطاء، وسوف تظهر نجوم أخرى من آفاق تلك الأرض الكريمة. أستطيعُ أن أعدَّ، لساعاتٍ / أسواراً تحيطُ وطني / حراسها في الداخلِ عميان / ابتساماتهم، وهم يتطلعون إلى السماء، تغضبني.
أنا في شرفة دادا / إنهُ مساءٌ جميلٌ. يمكنك، لو شئتَ، أن تبولَ من هنا / على برجوازيين يتجهونَ إلى دار أوبرا / زوجاتهم ساذجات بدون قباطنة وألسنتهم الطويلة لمتر / والتي يطوونها في أفواههم حين يصمتون. أيها الجنين في أعماق امرأتي / ما أحوال الطقسِ عندك؟ فقدتُ شعر رأسي في طواحين قرى / وكان امبراطورُ يجلدُ ملائكةً / ثم يشتمني أمامهم وهم يبكون. تحية إلى دادا / من شاعرٍ بساقين هزيلتين / بسببِ سخرية سواق قطارات.إلى الحرب المقبلةِ سأذهبُ / ومعي عيدانُ ثقاب.
صلاح فائق