احمد فؤاد نجم شاعر مصر الذي شاغب حتى المرض

احمد فؤاد نجم شاعر مصر الذي شاغب حتى المرض

أميرة الطحاوي
كاتب مصري
لم يتخل الشاعر المعروف بمعارضته للنظام في مصر منذ العهد الناصري في الستينات، عن رغبته في المشاكسة، وحتى عندما انتقل لغرفة عادية بالمستشفى فإنه غافل الكثيرين ليدخن السجائر.. وغافل المرض حيث جاء تشخيص الأطباء لحالته بأنه "مشروع جلطة"، بدوره لم يفوت الفرصة لنقد النظام الحاكم بمصر فتندر على الوصف بالقول أنها مجرد مشروع جلطة لم يكتمل؛ تماماً مثل مشروع توشكى، وهو مشروع لاستزراع مناطق في الصحراء الغربية بمصر روجت له الحكومة قبل أكثر من عشر سنوات لكنه تعثر ولم يكتمل.

نجم ومانديلا
نجم اختارته في أغسطس الماضي المجموعة العربية في النداء العالمي من أجل مكافحة الفقر سفيرا للفقراء في العالم إلى جانب رئيس جنوب أفريقيا السابق نلسون مانديلا ليصبح الناطق في المحافل الدولية باسم فقراء العالم العربي، وابتسم نجم وقتها مقارنا اختيار فنانين مصريين ليصبحوا سفراء نوايا حسنة بالأمم المتحدة بينما هو سفير للفقراء.
وهو من مواليد العام 1929 بمحافظة الشرقية، اصطدم بالنظام المصري في عهود ما بعد ثورة 1952، وبسب ذلك سجن ثمانية عشر عاما. وفي شبابه، تنقل نجم في أعمال يدوية مختلفة، واشترك في المظاهرات التي اجتاحت مصر سنة 1946 و تشكلت أثناءها اللجنة الوطنية العليا للطلبة والعمال. في الفترة ما بين 51 إلى 56 اشتغل كعامل في السكك الحديدية. ثم بدأ في نشر دواوينه والتقي الشيخ إمام في الستينات. وهو ملحن و مغن كفيف البصر، وراجت أغانيهما بعد هزيمة مصر أمام إسرائيل في حرب الأيام الستة عام 1967، وعاشا في منطقة شعبية تدعى "حوش قدم" ورغم انفصالهما فنيا ووفاة الشيخ إمام فإن نجاحهما معا كان ظاهرة استقبلت جيدا في مصر والعالم العربي.

السادات وصفه بالبذيء
قال عنه الشاعر الفرنسي لويس أراجون "إن فيه قوة تسقط الأسوار"، و أسماه الناقد الراحل د.علي الراعي "الشاعر البندقية"، ووصمه الرئيس الراحل أنور السادات بـ "الشاعر البذيء".
وكان نجم قد شارك السبت الماضي في الأمسية الرمضانية التي أقامتها لجنة 'كويتيون لأجل القدس' المشتركة مع الثقافية النسائية والخريجين تحت رعاية وزير شؤون الديوان الأميري الشيخ ناصر صباح الأحمد. وبعد جلسة مع أصدقائه مساء الثلاثاء عاد نجم لمنزله ونام لفترة طويلة ونقل فجر الأربعاء الماضي إلي قسم المخ والأعصاب بأحد المستشفيات الخاصة، للاشتباه في إصابته بجلطة في المخ أدت إلي فقدانه الوعي، وهو يعاني من قبل من ارتفاع في ضغط الدم، وحسب تصريحات صحافية لطبيبه المعالج فإنه أصيب بـ"ارتفاع شديد في ضغط الدم، مما أدي لشعوره بدوخة شديدة، جعلته يواصل النوم علي غير العادة في شبه غيبوبة" وخرج نجم السبت الماضي من المستشفى رغم نصيحة الأطباء ببقائه.
وحسب أصدقاء للشاعر فإنه اتفق على تسجيل ثلاثين حلقة تليفزيونية لفضائية وليدة يعد لها رجل الأعمال نجيب ساويرس، وخاض نجم قبل سنوات معركة صحافية ضد عادل حمودة الصحافي المعروف بسبب انتقاد الأخير لإقامة رجل الأعمال ساويرس حفل عيد ميلاد للشاعر. وكتب نجم حلقات فوازير رمضان لفضائية عربية وقال إن أحدا من التلفزيون المصري لم يطلب منه المشاركة في عمل، وعقب وفاة الفنانة المصرية سعاد حسني بعد سقوطها من شرفة منزل صديقة لها في لندن قبل سنوات قال نجم أنه يشك في تورط مخابرات مصرية في قتلها لنيتها نشر مذكراتها حول سطوة الأمن على عالم الفن في الحقبة الناصرية.
وشارك نجم في تأسيس "حركة أدباء وفنانين من أجل التغيير" ورغم تقدم عمره فقد ظهر في بعض فعاليات حركات المعارضة المصرية على مدار العامين الماضيين وتعرض غير مرة لمضايقات الأمن أثناء التظاهرات. يـُعرف أحمد فؤاد نجم أيضاً باسم الفاجومي، وقد اختار هو هذا الاسم ليطلقه على مدونته الإليكترونية "مــــُكــــــنـة الـفاجومي" بدأها في السابع والعشرين من مايو الماضي، وتستقبل العديد من الزوار وتعدت التعليقات على بعض مساهماته فيها ال110 تعليقاً. وشعبياً تعني كلمة مُكنَة منزلا للاسترخاء بعيدا عن أية رقابة اجتماعية. ويقول نجم أنه حاول تعلم الكومبيوتر ويتعامل مع لوحة المفاتيح بصعوبة كما قال في حوار قديم أنه لم يكن يعلم طريقة استخدام الهاتف المحمول الذي اقتناه.

تكدير الأمن العام
تزوج نجم من الكاتبة المعروفة صافيناز كاظم التي تحولت كتاباتها منذ نهاية السبعينات نحو مفاهيم إسلامية، وهي والدة ابنته الكبرى "نوارة الانتصار: نسبة لنصر مصر على إسرائيل في أكتوبر 1973" وبعد طلاقهما تزوج من المطربة عزة بلبع التي غنت الكثير من الأغاني السياسية والوطنية، وهو متزوج حاليا من سيدة من خارج الوسط الثقافي تكنى بـ"أم زينب" نسبة لابنتها الوحيدة من نجم.
وقدم الكاتب المصري صلاح عيسى تاريخا لهذه القصائد وسياقها السياسي في كتاب صدر منذ أيام بعنوان "شاعر تكدير الأمن العام: الملفات القضائية للشاعر أحمد فؤاد نجم دراسة ووثائق". ويقدم نجم منذ سنوات على قناة دريم الفضائية المصرية الخاصة برنامج بعنوان أحد قصائده "يعيش أهل بلدي" ويدور فيه الحوار في جو ودي بين الضيوف أقرب لدردشة الأصدقاء ويرتدي نجم الجلابية الشعبية كما اعتاد.
واتهم نجم في العام 1972 أبان انتفاضة الطلبة المصريين التي رفضت تأخر القيادة السياسية اتخاذ قرار الحرب ضد إسرائيل التي كانت تحتل سيناء منذ 1967، وفي 1974 تم التحقيق معه فيما عرف بقضية"نيكسون بابا" وهي القصيدة التي كتبها أثناء زيارة الرئيس الأمريكي نيكسون لمصر بعد حرب أكتوبر، وغناها الشيخ إمام، ثم حوكم مرة أخري عام 1977 بسبب قصيدته "الفول واللحمة" وشهدت مصر وقتها مظاهرات عارمة ضد ارتفاع الأسعار.

الثنائي الأممي
وانتقد نجم نموذج المثقف الانتهازي في قصيدته الشهيرة "يا واد يا يويو" التي أعيد تفسيرها على أسماء عدة لاحقا، وغنيا للثورة في اسبانيا وللشاعر بابلو نيرودا ونعيا الثائر أمريكا اللاتينية تشي جيفارا بقصيدة "جيفارا مات" وتحمس نجم للثورة الإيرانية في بدايتها.
ونظم نجم أيضا قصائد هجاء لرموز النظام الحالي بمصر ومنها (ألف سلامة لضهر سيادتك) بعد أن أغشي على الرئيس المصري مبارك خلال كلمته بمجلس الشعب في نوفمبر 2003. وأجريت له جراحة في الظهر في ألمانيا في يونيو عام 2004. وكتب أيضا قصيدة (عريس الدولة) بعد إعلان خطوبة نجل الرئيس جمال مبارك 2006.
وتنسب في منتديات إليكترونية عربية بين وقت وآخر قصائد عامية لنجم، وعلق هو قبل عام ونصف بأنها ليست له ونصح من ينشر محاولاته أن يعلن عن نفسه ويتقبل الرأي والنقد بشجاعة.

متفائل
وكان نجم قد أدلى بتصريحات لوكالة الأنباء الكويتية قال فيه بلهجة متفائلة "إن الأرض العربية ستنبت زهورها من الشباب الذين سيبنون مستقبل الأمة" إلا انه قال إن هذه النبتة تحتاج إلى "بيئة ملائمة وطيبة لكي تنبت" مضيفا "أنا أراهن بأن بعد 20 سنة سيكون هناك ثلاثة من الشباب العرب من بين أعظم 10 مبدعين في العالم.. لكن يجب أن توفر لهم البيئة الملائمة"..."يجب أن نحلم بغد ولا نعيش على اليأس". وأشار الشاعر لدور مصر الحضاري "بأنها شمعة مستقرة في قاع نهر النيل كلما أظلم العالم تطفو على السطح". ولخص نجم رأيه في طريق لمقرطة عربية بالقول "المهمة الأولى هي إعطاء الشعوب حريتها وصلاحياتها وحقوقها في التعبير من خلال نظام ديمقراطي سليم.. فهذه الطريقة تحمي الشعب وتحمي الحكومة في نفس الوقت وتسير في عجلة التطور والتنمية".

 عن: المصري اليوم