مراسلة ميدانية: قتلوا الشباب رغم سلميتهم العالية

مراسلة ميدانية: قتلوا الشباب رغم سلميتهم العالية

 عامر مؤيد
لم يغب الصحفي العراقي عن تغطية احتجاجات العراق في مختلف المحافظات، وبالأخص في العاصمة بغداد، فتعرضوا للغاز المسيل للدموع وبعضهم تعرض لإصابات خطرة، فيما هُدد آخرون واعتقلوا كذلك. الجمعيات والنقابات المعنية بالدفاع عن حرية الصحافة وحرية التعبير كانت حاضرة في رصد الانتهاكات التي طالت الصحفيين في وقت كانت به نقابة الصحفيين غائبة بشكل تام عن الحدث.

قصص مؤلمة تعرض لها صحفيون لعل أقساها الإصابة الخطرة التي لحقت بمراسل السومرية هشام وسيم في بدء الاحتجاجات وبالقرب من جسر الجمهورية. عضو لجنة الرصد في النقابة الوطنية للصحفيين يتحدث في تصريح لـ(احتجاج) عن الانتهاك الذي مورس ضد الصحفيين قائلا: "88 انتهاكاً تعرض لها صحفيون ومؤسسات اعلامية خلال تغطية الاحتجاجات".
واضاف ان "اغلب الاصابات كانت اعتداءات من قبل قوات امنية واختناقات بسبب الغازات المسيلة للدموع رغم ان حرية العمل الاعلامي والصحفي حق كفله الدستور العراقي ولا يجوز لاي جهة حكومة او امنية تقييده وتكميمه".
الميثم اكد انه "كان الاجدر بالجهات الحكومية توفير مناطق آمنة للصحفيين خلال تغطية الاحتجاجات كي لا يكونوا عرضة لاطلاقات الغازات المسيلة للدموع والرصاص الحي الذي يستخدم لتفريق المتظاهرين". وشخص الميثم قضية مهمة تتلخص بوصول قمع حرية العمل الصحفي الى الذروة في شهري تشرين الأول وتشرين الثاني لعام 2019، وأكد ان هذا "القمع تُوج بقرار أصدرته هيئة الإعلام والاتصالات بغلق وإنذار 17 مؤسسة إعلامية".
النقابة الوطنية للصحفيين موقفها كان واضحا من نية غلق المؤسسات الصحفية عبر بيانها الذي تضمن جملة "قرار اغلاق المؤسسات الاعلامية خرق للدستور كونه كفل حرية الاعلام والعمل الصحفي ومنع تقييده وتكميمه". المرصد العراقي للحريات الصحفية اكد في الثالث والعشرين من الشهر الحالي ان الإعلام والاتصالات بصدد قرار بإغلاق مكاتب عدد من القنوات الفضائية العراقية التي تعد عملها مخالفا لمعايير البث المعتمدة لديها. المرصد دعا الهيئة الى التوقف عن إجراءاتها تلك باعتبارها تمثل تهديدا لحرية التعبير التي يكفلها الدستور العراقي وتقرها مواثيق العمل الصحفي.
وقد عبر عدد من العاملين في قنوات فضائية للمرصد العراقي للحريات الصحفية عن قلقهم البالغ إزاء هذه الخطوة التي تشكل تهديدا لمصير مئات العاملين في تلك القنوات.
وعلم المرصد أن في مقدمة تلك القنوات دجلة والشرقية وعدد من الفضائيات المحلية التي لها مكاتب في بغداد والمحافظات. صحفيون وصحفيات كانوا في خطوط الصد الاولى خلال الاحتجاجات ومنهم من وقع مختنقا بالغاز المسيل للدموع الذي هشم جماجم الكثير من المتظاهرين.
خمائل الكاتب مراسلة ميدانية لقناة دجلة، غطت الاحتجاجات منذ اليوم الاول وسقطت مختنقة بالغاز في اكثر من مرة. الكاتب تقول في تصريح لـ(احتجاج) إنه "في المرة الاولى التي كنت فيها بساحة التحرير قرب جسر الجمهورية لم اتوقع ان يكون الغاز خانقا لهذه الدرجة"٠
وأضافت انها "بدأت بالركض دون اي وعي ولكن تمت معالجتي من المسعفين بالخميرة والبيبسي بعد ذلك قررت ان اكون بعيدة عن الدخانية قدر الإمكان ولكن نحن لا نعرف متى واين ستقع وكيف ستصيبنا". وتابعت "بعد ذلك تعرضت لاختناق شديد بالقرب من ساحة الخلاني حيث كنت في تغطية هناك وأطلقت ٣ قنابل متتالية بقيت واقفة لدقائق حتى نوثق عن قرب سقوط المصابين والمختنقين ولكن للاسف سقطت معهم لعدم تحملي الغاز الخانق الحارق وايضاً تم إسعافي لأكثر من مرة حتى أتمكن من التنفس مرة اخرى"٠
حول ما رأته الكاتب اثناء فترة تغطية الاحتجاجات ذكرت ان "تغطية الاحتجاجات تجربة صعبة مؤلمة عندما ترى شبابا بعمر صغير خرجوا للمطالبة بالحقوق ويعودون الى منازلهم اما شهداء او جرحى".
وأشارت الى ان "المؤلم هو أنها ليست معركة حتى يقع هذا العدد الكبير من الجرحى او الشهداء وإنما هي تظاهرات داخلية ليست ضد عدو خارجي ولكن اليوم الحكومة هي عدونا الأكبر حيث كنت شاهدة لايام على قمع الحكومة للشباب والتظاهرات وكنت شاهدة على سلمية التظاهرات وبالتالي اعتبر نفسي واحدة ممن رأى بعينه الدم والقتل للشباب"٠