سعدون محسن ضمد
ساحتا التحرير والخلاني وجسرا السنك والأحرار، مساء الاثنين 25-11-2019، من الساعة 5:30 وحتى الساعة 7:30
١. في ساحة التحرير يمكنك أن تلاحظ أن مظاهر الاعتصام ما زالت تتكرس، وهي تتمدد لتشمل ساحة الخلاني بعد أن نصبت في قلب الساحة وحولها وبينها وبين جسر السنك، مجموعة خيام.
واليوم لفت نظري أن شباباً يحرقون مجموعة إطارات في المدخل إلى الساحة من جهة الشارع المقبل من مرقد الشيخ عبد القادر الكيلاني، وهو أمر غير مفهوم إلا اذا بررناه بانه محاولة لافراغ الساحة للمحتجين لأنها في الايام السابقة كانت تزدحم بسيارات الأجرة. ومن المظاهر التي تدل على تكرس الاعتصام هو تنوع الفعاليات وزيادتها، وكذلك تغطية الأعم الأغلب من خيام الاعتصام بالمشمع المطري استعداداً للامطار.
٢. على جسر السنك توجد نقطة تفتيش واحدة، إضافة إلى تلك الموجودة بعد ساحة الخلاني مباشرة في المدخل إليه. بعد أن وصلت الجسر وجدت سيارة شاحنة وعلى حوضها شابان يوزعان على المحتجين غزل البنات ”أو شعر البنات“ وأحدهما ينادي ضاحكا، (على عناد عادل ابو العدس)، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الشعارات والنكات توجه لكثير من السياسيين ومن مختلف الجهات والكتل والمكونات، لكن رئيس الوزراء ينال الحظ الاوفر منها. بعد أن وصلت الحاجز وقبل أن استدير راجعاً وجدت مصطبة كبيرة نسبياً وفوقها مجموعة من الملابس المستعملة ”البالَّة“ فيما يبدو أنها متاحة مجاناً للمتظاهرين.
٣. في الطريق إلى جسر الأحرار ومن بداية شارع الرشيد يمكنك أن تشاهد نيران الإطارات المحترقة خلف الحاجز الموضوع هناك، ومن الجدير بالذكر أن دخان الإطارات المحترقة والتي تنتشر في جميع أماكن الاحتكاك، تؤدي إلى تلويث الهواء بشكل كبير جداً، وهو ما أشرت إليه في تقارير سابقة، واليوم لاحظت أن مستوى التلوث أكثر من مساء أمس.
٤. مما لاحظته وأنا اتجه إلى جسر الأحرار على شارع الرشيد أن المحتجين عند نقطة التفتيش لا يمارسون عملهم، كما تأكد لدي ملاحظة بدأت انتبه إليها خلال الأيام الماضية وهي أن أجهزة النداء أخذت تنتشر بكثرة حتى بين المسعفين، فيما يبدو أنها محاولة لتنظيم العمل وتنسيق الجهود.
٥. عندما وصلت الحاجز الخرساني المنصوب قرب جامع السيد سلطان علي، لفت نظري أن الفتحة التي كانت موجودة فيه لمرور عجلات التكتك والسيارات مغلقة اليوم، كما أن عمليات تفتيش تجري لمن يدخل إلى محيط ساحة حافظ القاضي، وقد سمعت احد الشباب القائمين على التفتيش يبرر عمله لأحد الداخلين، بأنهم وجدوا قبل أيام سكاكيناً عند بعضهم ولذلك هم يحاولون عدم تكرار هذ الأمر خوفاً على أرواح الشباب، على حد قوله.
٦. مقابل الحاجز الكونكريتي وجدت ما يقارب الخمسة شبان يفترشون أغطية من تلك المخصصة لإخماد دخان القنابل الغازية، وينتظرون سقوطها، لكن يبدو من استرخائهم أن فترة طويلة مرّت عليهم دون عمل. الارتباك والترقب المنتشر في المحيط ذكرني باأحداث شارع السعدون عندما كان الاحتكاك حول ساحة الخلاني ومن مداخلها الثلاث. ومن الجدير ذكره أنني لم أشاهد ولا مفرزة طبية واحدة متموضعة في المكان، مع انتشار ملحوظ للشباب والشابات من المسعفين، وربما أن سبب ذلك هو كثرة تعرض المفارز إلى الحرق والاتلاف وكذلك كثرة تعرض المسعفين إلى العنف. طبعاً كان تجمع المحتجين أعلى الحاجز وتحته كبيراً، ونار الإطارات عالية ويمكن ملاحظتها من خلف الحاجز.
٧. الطريق الموازي لشارع الرشيد على جرف النهر مقطوع بالكتل الكونكريتية، وهو أمر لم يحدث سابقا على جسر السنك. وما عدا ذلك لا يوجد شيء غير طبيعي، فالشباب منتشرون على الجسر وعلى الحاجز الرئيس فيه. وقبل أن انزل من الجسر سمعت ضجة وتبادل صيحات بين من هم على الجسر ومن هم تحته، ولما سألت تبين ان الشباب تحت الجسر يطاردون أحد السراق بعد أن اكتشفوا إنه يحاول استغلال الموقف للسرقة.
٨. لما نزلت من الجسر قاطعني شابان يحملان قدراً للطعام ويتجهان نحو الحاجز وخلفهما امرأة كبيرة في السن، يبدو إنها بصدد تولي عملية توزيع الطعام عند الحاجز. في الشارعين الجانبيين في ساحة حافظ القاضي هناك أيضاً إطارات محترقة ومجموعة من المحتجين ينتشرون هناك. وبعد تجاوزي للحاجز الموضوع باتجاه ساحة الوثبة وجدت أن الحياة طبيعية جداً والناس يجلسون في المقاهي والمطاعم أو يتبضعون بشكل طبيعي.
٩. أما في ساحة الوثبة فالأمر مختلف، فحول الساحة وفيها يتجمهر الشباب بكثرة وفي مدخل الشارع باتجاه جامع الخلفاء توجد إطارات محترقة لقطع الشارع ويتجمع قربها محتجون يمنعون السيارت من الذهاب إلى هناك، والجميع يراقب المشهد عند جامع الخلفاء من بعيد، حيث يوجد الحاجز الأمامي عند الجامع.
١٠. عندما تأملت الوضع تبين أن الطريق طبيعي والناس يذهبون ولا يمنعهم أحد، فقررت الاقتراب بشكل تدرجي وحذر، وهكذا إلى أن وصلت الحاجز ولم يكن هناك أي شيء غير مألوف باستثناء أن مجموعة من الشباب يعملون بجهد واضح لتجميع المزيد من البقايا من أجل تدعيم الحاجز الذي يقطع الطريق، وكأنهم يستعدون لجولة ليلية طويلة ومتعبة، وفعلا فبعد ان انهيت جولتي ووصلت البيت انتشرت أخبار حول اشتعال حريق في أحد الابنية واطلاق الغازات المسيلة للدموع.
١١. تجاوزت الحاجز ولم يكن خلفه أي شيء مريب، فالطريق الى سوق الشورجة طبيعي والسيارات المقبلة تضطر إلى العودة عندما تصل الحاجز. وأنا أعود من جهة مركز الدفاع المدني كان مجموعة عناصره يقفون ويتابعون الوضع وبينهم عقيد ومقدم، وقد سمعت المقدم يطلب من المحتجين اتمام الحاجز واغلاق الطريق بوجه السيارات بشكل كامل خوفاً عليها من النيران المشتعلة خلف الحاجز بشكل مباشر.
١٢. وأنا أعود ادراجي باتجاه الخلاني لاحظت أن الدخان في الوثبة أصبح كثيفاً إلى درجة يمنع فيها الرؤية أبعد من مسافة ثلاثين متراً تقريباً. فقررت أن أخذ طريق الرشيد عبر حافظ القاضي لعل الدخان يكون أقل كثافة. وبعد تجاوزي الحاجز كانت هناك شاحنة من تلك التي حمولتها ٢ طن، تقف من جهة جامع السيد سلطان علي وفيها مكبرات صوت تطلق أناشيد دينية وأضويتها مضاءة ويتجمع حولها مجموعة من الشباب، وهذا هو المكان الوحيد المضاء على طول الطريق من السنك حتى هذا المكان، باستثناء ضوء اخر يوجد عند بائع مشويات على الشارع وهو يبيع في مدخل زقاق هو أقرب إلى جسر السنك منه إلى حافظ القاضي.