شذرات احتجاجية

شذرات احتجاجية

 قيس حسن
نظرية المؤامرة مضحكة، لكنها قاتلة، فليس كل ما نسخر منه ونستهزئ به هو تافه، فقد يكمن الشر فيه، هذه المجزرة التي نعيشها منذ شهرين هي نتاج الإيمان الأعمى من قبل قادة الدولة بنظرية المؤامرة في نسخة هي الأسخف،

يعتقد القادة أن الذين خرجوا يوم ١ تشرين هم أدوات بيد أمريكا والسعودية والإمارات وربما دول أخرى " باستثناء إيران" وأنهم مغرر بهم ولا يعرفون كيف حيكت عليهم خيوط المؤامرة. وما دواء المؤامرة؟ القتل بالقنص!!! وكلما مرّت الأيام زادت مساحة الحديث عن مؤامرة وزادت عمليات القتل وصولاً إلى مجزرة الناصرية والنجف التي يمكن أن تطيح تداعياتها ليس بسلطة منخورة كسلطة اليوم، بل حتى بسلطة قوية. مالذي تفعله الجماهير حين تكون عرضة للقتل اليومي؟ راهن القاتل على الخوف وراهن المتظاهر على شجاعته.
كلفتنا نظرية المؤامرة الكثير من الدماء والأموال والجهود منذ أن تصدى المؤمنون بها للسلطة. المالكي والعبادي وعلاوي بل الجميع هم مرضى المؤامرة لسبب بسيط لأن حياتهم وحراكهم وشغلهم الشاغل هو التآمر.
من يحكم في المستقبل يجب أن يفحص قواه العقلية عن طريق فهمه لنظرية المؤامرة وليس المطلوب نفيها بالكامل فالسياسة لا تخلو منها، لكن عليه أن يجيب عن سؤال. هل يمكن أن يخرج مئات الآلاف لكونهم مخدوعين من دولة أجنبية؟ هل يمكن أن يخرج شعب، مرهق، ومنتهك، ملعون جد جده في تظاهرة تطالب بالانصاف والحقوق؟
*****
أكثر ما يثير الدهشة والاستغراب هو أن الحكومات ما بعد ٢٠٠٣ جميعها عندما تتحدث عن فشلها فهي تتحدث عن أسباب الفشل فقط ، تقول مثلا، الإرهاب، الخصومات السياسية، التدخلات الخارجية، إرث النظام السابق هي سبب الفشل، وأي شخص لديه ضمير ووعي يتفق معها، بل ربما حتى الخصوم مقتنعون في سرهم بالأسباب.. حسنا. عندما تخرج الناس في احتجاجات ومطالب شرعية ليس فقط احتجاجات اليوم وما رافقها من حوادث مؤلمة بل كل التي سبقتها. ماذا تتحدث الحكومة عنها، تتحدث فقط عن النتائج المدمرة والكارثية لها، لماذا تتحدثون عن أسبابكم ولا تخرج الناس من أجل " أسبابها "؟ لماذا هذا الازدواج الأعمى؟ أما كلا الطرفين يتحدثان عن الأسباب وأما كلاهما عن النتائج.
هل أسباب فشلكم مقبولة وأسباب خروج الناس مرفوضة؟ أتريدون صمت القبور أم ماذا؟
*****
عساكرنا هربوا من الموصل وسقطت بيد المجرمين الغرباء.
وهربوا من ساحات الاحتجاج في بغداد لكن شجاعة العراقيين منعت سقوطها بيد أبناء بلدي من القناصة. هل يستحقون فعلاً أن نقول عنهم أبناء بلدنا؟ هل الانتماء للعراق هو في حمل الوثيقة الورقية؟ أم هو في حبنا له؟ هل يحبون العراق فعلاً؟ و هل يستحق عساكرنا بكل عناونيهم كل هذه الإهانات التي لحقت بهم من قادتهم؟
كل قطرة دم هُدرت ظلماً وعدواناً منذ ١ تشرين حتى الآن سيكتبها التاريخ بلغة العار والأسف. ويتحمل كل مسؤول في السلطة مسؤوليتها ويجلله العار أبد الآبدين.