لبيك أيها الوطن

لبيك أيها الوطن

محمد مهدي البصير
إن ضاق يا وطني عليَّ فضاكا
فلتتسع بي للأمام خطاكا

بعثت ثراك دمي فإنْ أنا خنتها
فلتنبذني إن ثويت ثراكا

بك همْتُ أو بالموت دونك في الوغى
روحي فداك متى أكون فداكا

ومتى بحُبِّك للمشانق أرتقي
كي ترتقي بعدي عروس علاكا

هَبْ لي بربك موتة تختارها
يا موطني أوَلستُ مِن أبناكا

إن يندمج جسدي بتربك باليًا
فلتقترن ذكراي في ذكراكا

أو يقتضب نفسي فما لي منة
أو لم يمنَّ به عليَّ هواكا

أو جُدت في نفسي عليك فإنَّما
هي كل ما عندي وبعض جداكا

هجعات جفني لا يَمُرُّ به الكرى
ما دام جفنك طافحًا بكراكا

لك قد خُلقت ومنك فيك فنسبتي
تقضي عليَّ بأنني أرعاكا

أتُراك تضمن لي كرامة مصرعٍ
فيهِ أبيت مجاورًا صرعاكا

كم أورثتك يد السياسة علة
فاشرب دمي وأظن فيه شفاكا

ولقد علمت بأنَّ داءك معضل
وبفضل تجربتي أصبت دواكا

ويروقني أنَّ الجراح تضاحكت
في جسميَ الدامي وإن أبكاكا

ولعلَّ صوتي حين أُخرج أنَّتي
متموج طربًا وإن أشجاكا

خفِّض رثاءك لي فإني واثق
ألَّا تشحَّ منيتي بمناكا

واحمل وسامًا فوق صدرك من دمي
ما كان أحلاه إذا حلَّاكا

ولئن مزجت دمي بدمعك سائلًا
فلقد وفيت وما عدمت وفاكا

ماذا عليَّ وما خسرت مكانة
أني أموتُ لكي أصون حماكا

قد كان حجرك ما حييت يضمني
فإذا قُتلت فقد سكنتُ حشاكا

إن لم أذُق لأذود عنك مُشَمِّرًا
كدر الحمام فلا وردت صفاكا

ثق أنني سأذب دونك باذلًا
رُوحي لأُرخصها فما أغلاكا

فليسخط الغربي أني ناهض
أقصى رجاي بأن أنالَ رِضَاكا
•••
كذبتك أقطاب السياسة عهدها
فلتضمنن لك الحياة ظباكا

أفيطلبون لك الرعاية ضلة
ما كان أقصرهم وما أحجاكا

ويؤملون لك المعونة باللها
ما كان أفقرهم وما أغناكا

لو أنصفوك لحرروك لأنهم
ربحوا قضيتهم بظل لواكا

نقضت مطامعهم سياستك التي
من أجلها عُقدت فهم أعداكا

أقم السكينة حيثُ يحسن وقعها
وسع المجال إذا استطعت حراكا

والمعرك الأدبي يعقب غيره
إن يجحدوك فهل تُطيق عراكا

لبيك يا وطني بكل ملمة
فيها يُجيب المشرقي نداكا

فلتبنينَّ لك الأسنة والظبى
حصنًا أشم به ترد رداكا

ما أولع الأحرار منك بتربة
يغدون منها بالرقاب رُباكا

يصبو قتيلهمُ بكل صفيحة
أخذته حتى صار من قتلاكا

وأسيرهم يهفو إليك جنانه
ولغير أسرك لا يريد فكاكا

يزجي الحنين إليك إلا أنَّه
بحنينه ناغاك أو ناجاكا