ليلة لشبونة

ليلة لشبونة

أمير تاج السر
روائي سوداني
من الأعمال المعاصرة، التي أعتبرها جليلة فعلا، وكان الليل ملهما كبيرا لها، رواية ليلة لشبونة التي كتبها الألماني: إريك ماريا في منتصف القرن الماضي، مصورا فيها رعب الحرب، وذلك الظلام الخانق التي كانت تعيشه أوروبا أيام تلك الحقبة المؤسفة، في أربعينيات القرن الماضي. الحقبة التي لن يتخيل أحد كيف كانت وهو يرى أوروبا اليوم، بكل رفعتها، وتحضرها،

واحترامها للإنسان، وابتعادها بقدر الإمكان عن كل ما يمكن أن يعد مدمرا له. ولذلك دائما ما أقول إن الأعمال الأدبية، خاصة التي تكتب في أزمنة البلبلة، والرعب، والدمار، هي خير ما يمكن أن يوثق، هنا لن يكون الكاتب فظا في تناوله للأحداث، مثل الرواة التاريخيين، ولكنه يهبنا الحقائق مصحوبة بالمتعة، ولذلك، يكون تناوله الشخصي، هو الأكثر انتشارا بين الناس.
ليلة لشبونة، هي ليلة من الليالي، الليلة التي من المفترض أن يسافر في صباحها التالي، رجل مطارد، برفقة زوجته المريضة، إلى أمريكا بعد أن حصلا على تذاكر سفر، وتأشيرة دخول للأرض الآمنة، فرارا من الذبح الألماني، الذي يمكن أن يطال أي معارض للهتلرية، في زمن الجستابو.
ليلة فقط وينتهي كل شيء بالنسبة لرجل، غير هويته، وسجن عدة مرات وعذب، وقهر، وفر، واضطر أن يقتل ليعيش، ووصل إلى لشبونة، آخر مخرج ليس متسعا كثيرا، لكنه مخرج ينفتح على الأرض الجديدة البعيدة، لكن الزوجة الرقيقة، شقيقة أحد جنرالات البوليس السري التي ضحت بالاستقرار من أجل زوجها، وتبعته في رحلة البحث عن حياة، ينهكها السرطان أثناء رحلات الفرار، من مكان إلى مكان، وتموت في لشبونة، وهكذا ينتقل الحلم من رجل محطم، وزوجة ميتة، إلى شاب متشرد، وزوجة صبية حية، سيسافران إلى العالم الجديد، بتذكرتي الحلم، بشرط أن يستمع الشاب إلى قصة الحرب والحزن والخوف وفقدان الهوية، وكل ذلك يحدث في ليلة من ليالي لشبونة. الليلة الغطاء التي حملت الهواجس من ذهن رجل لآخر، التي غطت الحزن، والتي سهلت وصول الحلم المجهض، لينتعش مجددا، بعد تلقيه بواسطة الحالم الجديد. إذن حصلنا من تلك الليلة على قصة، لن نقرأ مثلها كثيرا.
 من مقدمة الترجمة العربية للرواية