الضباب يُخفي حقيقة الاغتيال

الضباب يُخفي حقيقة الاغتيال

 برهان الجزائري
لا استغرب حين أسمع بين الحين والآخر تصريحات لبعض المسؤولين، يتحدثون بلغة لا تنتمي إلى لغة السياسي المتمكن، وهذا ما يعكس خلفيتهم الثقافية والوطنية الممزقة على طاولات اللعب السياسي .
كيف وصل هؤلاء إلى سلطة القرار؟ تجدهم صباح كل يوم يتشدقون بعبارات الحرية وقيم الإنسانية وسعادة الشعوب، لكنهم في المقابل يمارسون غطرستهم المريضة والأنانية الحزبية المجردة من كل القيم؟

تُعلِمنا تجارب الحياة، أن احتضار البشر نوعان، الأول حين يُسحق المسؤول تحت إرادة الشعب، وبدلاً من أن يفكر بالانتحار مثل ما يفعل المسؤول في اليابان أو كوريا الجنوبية، أو حتى بالانزواء، نجده متشبثاً بالحياة والمنصب، لتزيده الأحداث سوءاً وقذارة بأكبر مما هو فيه. أما الاحتضارالثاني، فهو الأجمل حين يودع الإنسان حياته بالثبات على القيم الإنسانية من أجل سعادة وطنه، ويرتقي الحياة بشجاعة الرجولة والكفاح لأنهم يعرفون جيداً أين تكمن الإنسانية في الحياة وحتى وقت الاحتضار والاغتيال والموت.
مَن يكون هؤلاء الرجال في هذه الحياة؟
الحقيقة التي لا تغيب عن بال الشعوب، أن معظم المسؤولين العرب، هم أبناء الحلم الرجعي، وصبيان المشروع التخريبي في المنطقة، وجنود في الحرب على الديمقراطية والعدالة الاجتماعية .
إنهم يحسبون الحياة على قدر خيانتهم وبقائهم في السلطة. وحين ينتهي كل شيء يظهر التاريخ ويكشف أوراقهم وتعلو اللعنة قبورهم يعتقدون أنهم يبنون الحياة لكنهم يقتلون الحياة وشعوبهم بدم بارد.
ثم يخرج عليك المُضرون والمخربون والجواسيس يدافعون عن النفايات السياسية.. وعن بقايا النخاسة السياسية في التاريخ ورموزها البارزين .
المثير أن هؤلاء الناهقين لايفهمون أن هناك فرقاً كبيراً بين الصقر والسحلية، وما بينهما من فرق كبير حين يتسيّد الصقر السماء ويبدي الكثير من التضحية، عكس السحلية التي لا ترى أكثر من لعابها السيئ الصيت وأفقها المحدودة للغدر. كيف يمكن تفسير هذا التناقض في فلسفة الحياة بين الخداع والواقعية؟، إنها معادلة صعبة، لكن الأمرلا يفهم بهذه الطريقة الميتة في بناء أسوار الحقيقة والبحث عما يزعم من ازدواجية الشخصية المريضة بالوهم أو غموضها، انسجاماً مع التوجه السياسي العام الذي تعيشه البلاد هذه الأيام .
الشاهد أن سذاجة السياسة صوّرت لأصحابها أنهم قادرون على الانتصار، واستثمار الجريمة في حسم الموقف السياسي، غير أن الحاصل أن مشروعهم السياسي اقتادهم جميعاً إلى أن يتحولوا إلى أعداء صريحين لمستقبل البلاد، محاربين ضد الشعب، لا من أجله.
أيها السادة يمكن أن تختلف ويمكنك أن تكون وحدك من أجل أن تنتصر! لكن لا يمكن أن تكون قاتلاً مأجوراً، وتعتقد أن القتل والموت، هو الحل، بينما هو أشبه بالانتصار الخاسر .
إن الانقلاب الأميركي العسكري في حرب العولمة الاقتصادية عام 2003 ، كان السبب في ظهور طبقات من المجرمين والقتلة في العراق وهذا نتاج الرأسمالية وملفاتها المخابراتية الدولية من أجل سرقة موارده الاقتصادية وتسهيلها من قبل الحكومات المعيّنة من قبلها والتي أهدرت آمال الجماهير العريضة وأبسط حقوقها في الحرية والمساواة وصيانة الكرامة الإنسانية، وفي بناء إنسان جديد لا يعرف الأنانية ونزعة التملك ويعمل من أجل إسعاد الشعب العراقي الذي قُتِل بدم بارد على مر العصور من الحكومات اللقيطة التي ولِدت من رحم الخيانة وتحت أسوار الضباب ..