دقيقة واحدة

دقيقة واحدة

 عماد عبد اللطيف سالم
في فيلم الجوكر " Joker"، الذي قام الكثيرونَ في العراق بتوظيفهِ سياسيّاً ، دونَ أن يُشاهِدوه ..
يدورُ حوارٌ بين مُقدِّم البرنامج التلفزيوني ، وبينَ المُرشَّح لمنصب عُمدة مدينة "غوثام" ، وكما يأتي:
المُقدِّم :- يبدو أنّ هناكَ موجةَ كُرْهٍ عارمة للأثرياءِ في المدينة ، وكأنَّ السُكانَ الأقلَّ ثراءً يدعمونَ جانب القتل.

المُرشَّح:- نعم ، هذا مؤسِف. وهذا هو أحد الأسباب التي تدفعني للتفكير بشأنِ الترَشُّحْ لمنصبِ العُمدة... يبدو أنّ مدينة "غوثام" قد إنحرَفَتْ عن مسارها.
المُقَدِّم:- ماذا عن تقارير شهود العيان، التي تفيدُ بأنّ المُشتبَهَ بهِ(في مقتلِ أشخاصٍ يعملونَ ضمن حملتكَ الإنتخابيّة) ، كانَ يرتدي قناعَ مُهرِّج ؟
المُرشَّح:- هذا يبدو منطقيّاً بالنسبةِ لي. فأيُّ جبانٍ يرتَكِبُ فِعْلاً وحشيّاً كهذا، هو شخصٌ يختبئ خلف قناع. شخصٌ حقودٌ تجاهَ الأشخاصِ الأكثرِ ثراءً منه ، لكنّهُ خائفٌ من إظهار وجهه.
وحتّى يتغيّر هؤلاءِ الأشخاصِ إلى الأحسن .. فنحنُ الذينَ أسْتَفَدْنا من حياتنا ، سَننظُرُ دائماً إلى أولئكَ الذين لم يفعلوا ، على أنّهُمْ مجرّد "مُهَرّجين" لا أكثر.
( إنتهى الحِوار )
سأُكرِّرُ ما قالهُ المُرَشَّحُ لمنصب العُمدة في نهاية الحوار ، لأهميتهِ الهائلةِ بالنسبةِ لنا .. الآن :
[نحنُ الذينَ أسْتَفَدْنا من حياتنا ، سَننظُرُ دائماً إلى أولئكَ الذين لم يفعلوا ، على أنّهُمْ مجرّد " مُهَرِّجينَ"
لا أكثر].
عجيبٌ جدّاً ، هذا الذي يحدثُ لنا الآن.
لقد حوّلنا "شخصيّةً" في فِلمٍ ، إلى "عَدوّ"..
بل وخرجنا الى الساحات نهتِفُ ضِدَّه.
وعندَ هذا الحَدّ منَ فِهْمِ الأشياء ، لايبدو أنَ هناكَ من يكترِثُ لردِّ فِعْلِ "المحكومينَ" ، على سلوكِ "الحاكمينَ" ، و "المُتَحَكِّمين".
وبدلاً من ذلك تتمُّ شَيطنةُ "الجوكرات-المُهَرِّجين" ، ولا تتَمُّ شيطنةُ المَرَشَّحينَ (والمُرِشِّحينَ)..
لمنصِبِ "العُمْدَة".
وفي نهايةِ المطاف ، ومن خلالِ أنماط تفكيرنا ، و وعيِنا هذه ، سنعودُ إلى النواةِ الرئيسةِ لمحنتنا الراهنة ، وأنتِكاساتنا الدائمة ..
ذلكَ أنّنا .. نحنُ الذينَ اسْتَفَدْنا من حياتنا ..
سنبقى ننظُرُ دائماً إلى أولئكَ الذين لم يفعلوا ، على أنّهُمْ مجرّد مُهَرِّجينَ .. لا أكثر".
وما دام النظامُ السياسيُّ في العراق يتعاملُ مع الإحتجاجاتِ الحاليّة ، ولا يفهمَها ، إلاّ من خلال هذه المُقاربة .. وهي مُقاربة : ("نحنُ" الذينَ استَفَدْنا .. وأنتم "المُهَرِّجونَ"" الذينَ لَمْ تفعَلوا ذلك) ..
فإنّ هذا يعني أنّ "النظامَ" قد قرّرَ تحويلنا جميعا إلى "مُهَرّجين" ، لكي يبقى هو ، وإلى أمدٍ طويل ، في منصبِ "العُمْدة".

ذات صلة