البعث يُسفِر عن مؤَخرته،  الأيتام في الخارج والفضلات  في الداخل..!

البعث يُسفِر عن مؤَخرته، الأيتام في الخارج والفضلات في الداخل..!

 بقلم متظاهر
من بين منجزاتها الكبرى، استطاعت الطبقة السياسية المتنفذة، بفعل نهجها وسياساتها، تحريك خلايا نائمة، وفضلات تعفنت من بقايا نظام البعث، ومن وارثي الحاوية الثقافية للنظام الدكتاتوري، محاولة للنفاذ الى الوعي العام "التبسيطي" والتلاعب بذاكرته.

ولم تكن هذه المحاولة الإحيائية لتراث أبشع نظام تجاوز بجرائمه، أهدافاً وأسلوباً، كل تراث النظامين النازي والفاشستي. مقطوعة عن سياق تطور الحاكمية السياسية للطبقة المتنفذة وإنحدارها، وإفتضاح سويتها وهويتها اللاوطنية ونهجها الاستبدادي في تكريس سلطتها.
فقد أنتجت الجماعة المتسلطة، شروراً، ومظالم، وفساداً وتعدياتٍ تمارسه ميليشيات منفلتة، تبعية المنشأ والولاء. وعاثت تخريباً وتمزيقاً لنسيج المجتمع. وبعثاً للهويات الفرعية، والقيم العشائرية والمناطقية، مزيحةً الولاء للوطن كقيمة عليا.
وكان للمالكي في ولايتيه، الباع الأطول في إعادة الاعتبار للبعث. باستثناءاته المعروفة لكوادر وقيادات بعثية من الاجتثاث والمساءلة، مكنتها من احتلال مواقع خطيرة في الدولة واجهزتها الامنية والمخابراتية. ولم يتوان صاحب الصولات "الفاشوشية "عن توسيع قاعدته الحزبية والانتخابية على نطاق واسعٍ من بقايا البعث.! وهذا ما فعلته أيضاً الأحزاب والتنظيمات المحدودة العضوية التي عادت الى العراق. بل أن تنظيمات مسلحة وتيارات نافذة في الاسلام السياسي الحاكم، قامت على هذه الفضلات. ومن هنا يمكن ملاحظة مظاهر سياسية وفكرية وسلوكية تتجسد فيها ما كان يروج له ويمارسه البعث ونظامه.
ومع التدهور غير المسبوق في كل مناحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، والفسادالمستشري في مفاصل الدولة، والمجتمع، بات البعض من ضحايا هذا النهج والسياسة الضالة، ومن الاوساط الفقيرة والمهمشة، تتحول الى متلقٍ ومنصات سلبية لإعادة تدويرها وتداولها "تشفياً" بالنظام الراهن وقياداته ومقارنة أوضاعها الحالية المزرية بما كانت عليه في العهد الصدامي. ويجري ترويج هذه المقارنة، "دون تعاطف"، بين فئاتٍ من حواشي المجتمع، بشكل خاص، ممن لم يكن لهم حضور في المشهد السياسي أو ممارسة تتعرض للنظام، تجعلهم هدفاً للقمع من قبل البعث. ومع النهوض الشعبي ونضوج عوامل انبعاث الحركة الاحتجاجية وتحولاتها، بدأت خلايا نائمة ، وفضلات من مرتزقة البعث وايتامه في الداخل وفي الخارج، من التحرك سعياً للعودة الى دائرة الضوء، والإيحاء بدورٍ محركٍ لها في الانتفاضة الشعبية، ووجودٍ فعالٍ في ساحات التغيير والإصلاح. وقد تجرأت ابنة الطاغية، زوجة حسين كامل، المتنقلة في مضافات الملوك والأمراء وأصحاب المال من أغنياء الخليج على الخروج "بزيٍ جهادي" كان ابوها يطل فيه كمجرد طاغية جلادٍ، سوقي يُشبه نفسه. ظهرت رغد خانم وهي توجه خطاباً حماسياً للمنتفضين كانما هو بيان رقم واحد من موقع ولاية الدكتاتور، تتظاهر فيه بتمجيد قادسية العار للمقبور، والبطولات الزائفة للبعث، ومآثر نظامٍ حصد ارواح مليون عراقي في استباحاته الاجرامية، وحروبه الداخلية والخارجية، وأمعن في مسخ الشخصية العراقية، وإفقار المجتمع، وتدمير البنى التحتية للبلاد؟ وكل ما أُنجز إبّان النظام الملكي، وفي عهد الزعيم الوطني عبد الكريم قاسم، وحوّل العراق من دولة مصدرة واحتياطي بعشرات المليارات وفائض في الموازنة الى دولة مدينة بمئات المليارات وشعب جائع يعيش على البطاقة التموينية. وتناست "المجاهدة" محنة زوجها حسين كامل الذي تمت تصفيته واحراق منزله بمن فيه من قبل زبانية والدها من ابناء عمومتها وعشيرتها.
هذا هو العهد الذي يسوّقه أيتام البعث في بعض وسائل الاعلام العراقية والعربية كنموذجٍ مزدهر، تفضحه ما لم يسبق له مثيل من جرائم وكبائر وتصفيات.!
يحاول هؤلاء المرتزقة من بقايا وأيتام البعث، تَصدّر مشهد بائس عبر مؤتمرات في اليونان وقبلها في شيكاغو وغيرهما، تضم هاربين من العراق وسقط المتاع من المعزولين عن محيط العراقيين.
أما على صعيد الداخل فيكفي الاشارة الى نموذجٍ يتكرر في صحفٍ عراقية ووسائل اعلامٍ تفوح منها رائحة الفساد والترزق من أي جهة تدفع. فجريدة محلية معروفة باتجاهها نشرت أمس مقالاً على صفحة كاملة بقلم "جاسم محمد حمزة" من كربلاء كما وضع تعريفاً له. تحت عنوانٍ مخادع "أبرز المقاصد في خطاب الانتفاضة التشرينية" لخصها رئيس التحرير، بالفقرة التي وضعها في إطار وبحرف اسود كبير انقلها نصاً، لمعرفة الكيفية التي يستغل هؤلاء الأيتام الفضاء المفتوح لهم:
"اذن خطاب تشرين في هذا المضمار يغور في خلق نظام سياسي قوي منقذ يفقه السياسة بمعانيها الواسعة، لديه المقدرة على التمتع بوحدة القرار حتى وإن كان نظاماً دكتاتورياً لانه بحسب الناصرين والمؤمنين به يرون ان للنظام الدكتاتوري مزايا عديدة لعل من أهمها سرعة الاصلاح والعمل على تقدم الدولة ورفاهيتها فضلاً عن توحيد الشعب وبث الروح فيه من من جديد، إثر تعرضه لظروف عصيبة. وهذه حقيقة لافتة للنظر ينبغي الاشارة اليها على الاقل والإفصاح بحيادية عن محاسن تلك التجربة التي أقامت وزناً في الداخل والخارج مدة ثلاثة عقود"..!
بهذه الوقاحة يريد هذا الكاتب البعثي بامتياز أن يزيّن لنا نظاماً وجلادًا وحزباً صار نموذجا لابشع الانظمة في العالم . ويتجرأ في لوم من ينكر عز تلك العقود الثلاث ورفاهيتها وحضورها في ذاكرة العراقيين. تلك العقود البعثية الثلاث التي صار العراق فيها حاضراً، مرفوع الرأس، مزدهراً، مستقراً، يعيش الشعب في ظلاله الوارفة ببحبوحة، متناسياً ان النظام الطائفي المحاصصي ليس سوى مولود غير شرعي جاء من رحم نظام البعث وقائده صدام حسين.!
احدى القنوات العراقية، يُقدِم الشاعرالشعبي للطاغية، والشاعر المفوّه الذي تشرف وهو يلفظ انفاسه بزعيمه المقبور باعتبارهما ايقونتين للعراق والأمة..!
يراهن الأيتام والمرتزقة على ضعف ذاكرتنا. أو على ذاكرة الأجيال الجديدة التي لم تعش الأيام العصيبة، فترة الحروب والمقابر الجماعية؟
ان المنتفضين من الشبيبة الجسورة تعرفكم، وتتحداكم ان تظهروا علناً.
وهم اذ يواصلون تحدياتهم، يعرفون طبيعة هذا النظام، ويريدون إزاحته وتغييره، لكنهم يدركون بوعي انكم انتم آباء الاستبداد والفاشية الذي تسلط على العراقيين ودمر وطنهم ومرغ سمعته بأحواله، وما يريدون وهم يستعيدون وطنهم اجتثاث تراث البعث واستئصال ثقافته وفكره، وبناء دولة لا مكان فيها له ولأنصاره..!