فورين بوليسي: تظاهرات العراق أحيت الشارع العربي الميت

فورين بوليسي: تظاهرات العراق أحيت الشارع العربي الميت

 متابعة / الاحتجاج
نشرت مجلة "فورين بوليسي" الأميركية، تقريرا أعده الباحث في مجلس العلاقات الخارجية ستيفن كوك، تحت عنوان "لا تحبس أنفاسك للتغيير الديمقراطي في الشرق الأوسط"، يقول فيه إن المنطقة اعتادت على دورات من الاحتجاجات والاضطرابات السياسية، ومن الأفضل عدم التعويل على نجاح الثورات.

ويبدأ كوك تقريره الذي تابعته (الاحتجاج) امس الاربعاء، بالقول إن "هناك عددا من التطورات المهمة شهدها الشرق الأوسط في الأشهر الـ12 الماضية: تفجير مصافي النفط في بقيق، والتدخل التركي في شمال شرقي سوريا، وانتخابات تونس الرئاسية، وقرار الإمارات العربية المتحدة سحب قواتها من جنوب اليمن، وتأكيد الولايات المتحدة أن المستوطنات الإسرائيلية لا تعد مخالفة للقانون، إلا أن أمرا مهما أكبر حدث في الشرق الأوسط عام 2019، فقد اجتاحت التظاهرات الشوارع العربية، في وقت بات فيه الجميع يؤمنون بأن الربيع العربي قد مات".
ويستدرك الباحث بأن "حقيقة اندلاع التظاهرات ليست مهمة في حد ذاتها بقدر قدرة الناس على تشكيل السياسة في عام 2020، وهذا محتمل، لكن ليس بالطريقة التي يتوقعها المحللون ويأمل بها الكثير من العرب".
ويجد كوك أنه "في الوقت الذي تركز فيه اهتمام الإعلام الدولي على التظاهرات في هونغ كونغ، فإن الشخص معذور في نسيانه أن الناس في السودان والجزائر والمغرب خرجوا إلى الشوارع قبل أشهر من بداية سكان هونغ كونغ بالاحتجاج ضد الحاكمة العامة كاري لام وبكين، كما شهدت مصر احتجاجات مع أنها كانت صغيرة، فيما شهد العراق ولبنان تظاهرات أوسع".
ويشير الكاتب إلى أن "الرد من واشنطن كان فاترا يشير إلى أن صناع السياسة قد تعلموا الدرس منذ أن تعاملوا برومانسية مع المتظاهرين العرب في الفترة ما بين 2011- 2012، فباستثناء تونس لم يحصل التحول المرتقب للديمقراطية في مصر وليبيا واليمن وسوريا، وهذا لا يعني أن التظاهرات قد حلت التناقضات في الأنظمة السياسية، وبدلا من ذلك استخدم القادة القوة من أجل إسكات من حاولوا لفت الانتباه إلى هذه المشكلات". ويقول كوك إن "التظاهرات الحالية التي انتشرت في أنحاء المنطقة كلها تبرز فشل هذه الستراتيجية، فمن الواضح أن سكان الشرق الأوسط سئموا من الوضع القائم، الذي لا يمنحهم إلا القليل فيما يتعلق بالفرص الاقتصادية وحريات قليلة، ويحرمهم من كرامتهم، وبناء على السوابق في عام 2010 وحتى 2019 فإن التظاهرات ستظل متواصلة في عام 2020". ويتساءل الباحث قائلا: "ماذا سيحدث لاحقا؟ والجواب العقلاني الصادق هو لا أحد يعلم، فمن ناحية فإن الشخص يشعر بالإلهام وهو يراقب المتظاهرين يخاطرون بحياتهم في ساحة التحرير في بغداد، لكن هذه المخاطرة لن تؤتي ثمارها على المدى القريب بما يتعلق بظهور نظام ديمقراطي مفتوح وفيه محاسبة في العراق، ومن الأفضل التفكير بالتظاهرات في العالم العربي وما تعنيه لعام 2020 بناء على نتائج محتملة تتراوح من الجمود إلى الحرب الأهلية والانقلاب أو التحول الديمقراطي الحقيقي".
ويلفت الباحث إلى "حالة من الجمود في العراق بين السياسيين الذين انتفعوا من نظام الطائفية والمغانم العرقية بعد الغزو الأمريكي عام 2003، والمتظاهرين الذين يريدون شيئا جديدا، في وقت يحاول فيه ساسة العراق البحث عن رئيس وزراء جديد، ويعدون بإصلاح قانون الانتخابات؛ لأن مطالب المحتجين تذهب أبعد من انتقاد الفساد المستشري والنظام السياسي العاجز".
ويقول كوك إنه "في الوقت الذي يتمتع فيه المتظاهرون بالقوة لإجبار رئيس الوزراء على الاستقالة والبقاء في الشوارع، لكن ليست لديهم الوسائل الناجعة من أجل تحقيق أهدافهم الأوسع، فقد أثرت الأحزاب السياسية في البلاد من النظام السياسي، وستعمل كل ما بوسعها للدفاع عن مصالحها، والمشكلة ألا إجابة لديها لمطالب المتظاهرين، ولم ينفع العنف الذي أودى بحياة 500 من المتظاهرين، وجرح أكثر من 20 الف شخص، بإخراج المتظاهرين من الساحات، والنتيجة هي جمود بين النظام والمتظاهرين".
ويقول كوك: الدولة العراقية ليست دولة، وتستطيع حرمان المواطنين من الخدمات والمساعدات من خلال أجهزة عاجزة وفاسدة وبيروقراطية، لكنها لا تحمل صفات الدولة المهمة، ويضيف الكاتب: "ربما أدت هذه التظاهرات إلى تحولات ديمقراطية حقيقية". ويختم كوك مقاله بالقول إن "هناك فرصة لحدوث الديمقراطية، وتحقق هذا هو عبارة عن حظ، وليس تحليلا مبنيا على الوقائع، ومن هنا فإن ما سيحدث عام 2020 بعد عام من الاحتجاجات هو أن كل شيء قابل للحدوث".