العمالة الوافدة بين الإقامة والزيارة

العمالة الوافدة بين الإقامة والزيارة

ثامر الهيمص
فقط لصاحب المشروع الذي يعمل مع الدولة أو الأجانب له الحق أن يستدعي عمالة أجنبية أو دعوة من يشاء للزيارة ، لماذا هذا التهميش للقطاع الخاص المفروض هو المعني أولاً بالتنمية وما يحتاجه من دعم لكي يقف على قدميه؟

فمن المعروف جيدا أن الادارة المركزية الحكومية للعقود الأربعة الماضية على الأقل ، لم تختمر لديها تجربة خاصة بالقطاع الخاص في المجالات كافة حيث كان هذا القطاع أما محاربا بالاشتراكية أو مهاجرا ، ولذلك لم تتراكم الخبرة مهما كان مستواها خاصة الأداء في هذا القطاع لاختلاف اسلوبه عن تجربة القطاع العام التي كانت عمالته سبب خسارته في غالب المشاريع وفق الأسس الحسابية التقليدية ، كما أن الخلط بين معالجة الفقر ومعالجة البطالة أدى الى تشوش الرؤيا في كلا الحقلين ، فالمفروض ان تتوالى مكافحة الفقر جهات ذات علاقة مباشرة اجتماعيا ودينيا مثل الأوقاف بمؤسساته الثلاث والاعانات الدولية والدعم الحكومي ، اما البطالة فعلاجها الأساس هو توفير العمل ، ولذلك يعاني أصحاب المشاريع الاهلية من التردد على دوائر الشؤون الاجتماعية ودوائر الاقامة لكي يستجلبوا خبيرا أو عاملا فنيا مؤهلا أو عامل خدمة ، فمن المعلوم أن العمل التجاري بمستوياته المختلفة يحتاج ليس لعملية بيع وشراء ومتاجرة فقط بل الى خبرة علمية ذات مواصفات تكاد تكون دولية في عمليات الترويج للبضاعة ويكون الموقف يوميا واضحا من حيث الداخل والخارج والرصيد مالا أو بضاعة ، وهذا لم نألفه في قطاعنا العام السابق الاوسع انتشارا لوقت قريب ومازال مستمرا ، ناهيك عن الجوانب الفنية وطول الدوام بمعدل 12 ساعة يوميا لمواجهة الطلب ، وهذا مالم نعرفه سابقا أيضا ، و هنا الخبرة والمطاولة ولاستعداد لها غير متوفرة حسب الجدوى الاقتصادية لاي صاحب مشروع ، فالعمالة في هذا المجال فرصة كبيرة للمواطن للتعليم والتدريب وسد الذرائع امام العاطلين الذين يهدفون للعمل ببطالة مقنعة وألا تثار مشاكل لصاحب العمل تحت ذرائع ما انزل الله بها من سلطان ، ولهذا كانت هذه السلوكيات احد اسباب طلب العمالة الوافدة ، اما التدريب فلماذا لا يحق لصاحب العمل أن يستدعي خبيرا لفترة اشهر لتدريب كوادره لا بشق الأنفس كما أن العاملين الوافدين لم يتم التجديد لهم الا بأساليب غير معقولة ؟
ولايفوتنا أن التدريب داخل العراق أكثر فائدة من التدريب خارجه كونه يستوعب المتدربين فعلا وليس المحظوظين للتدريب في الخارج كما أن الكلفة أقل والعدد المتدرب أكثر ، فالتدريب وليس الدراسة جدواه في الداخل أكثر بكثيرمن الخارج وما يترتب عليه من فساد ومحسوبية وربما لا تدريب ، كما أن الزيارة المعدة لدخول الأجنبي تؤهله لأن يعطي فكرة للمشروع الأم أو الشريك الخارجي فكرة واقعية جدا عن مشروع ينهض في العراق ومشاكله واساليب عمله فلماذا تعرقل عمليات دخولهم ؟ مما يدفع أصحاب المشاريع لطرق ملتوية لادخال الخبراء أو الوفود ذات العلاقة ، كما يدخل غيرهم باساليب شتى ، فاذا كان الداعي عراقيا ومسجلة شركته ويحاسب ضريبيا" فلماذا يكون غير مؤتمن على أمن أو صحة البلد من غيرة موظفي الدولة الذين يدعون ويدعون لاسباب عديدة؟ فكل بلد لديه ما يكفي من الإجراءات الحدودية امنيا" أو صحيا" لمكافحة الجريمة وغيرها من المخالفات ولايكون الهاجس الأمني ذريعة ثم وسيلة لاهداف ما انزل الله بها من سلطان ، وإلا كيف يتسنى لنا ونحن في هذا الانغلاق المفتعل أن نتلاقح مع تجارب الآخرين العملية والنظرية والنماذج الناجحة في العالم ، ودستورنا والعهد الدولي يجعل من القطاع الخاص قائد عملية التنمية، فلماذا يكبل القائد ومطلوب منه التنمية ومحاربه البطالة والاستثمار باوسع المجالات.
لذلك لابد أن يكون هناك وضوح ومبادئ ومرونة ونافذة واحدة لفتح الطريق أمام الخبرة والعمالة ذات الجدوى الفنية والاقتصادية بعقود محددة لحين اكتمال التجربة بحيث تصبح كلفة عمالتنا مساوية لهم وليس ضريبة معرقلة يدفعها صاحب العمل بدون سبب معقول بالاضافة لضريبة الدخل أو غيرها ولنؤشر أن المبادئ والاسس ادناه تصلح اطارا" للمناقشة والحوار في وضع خارطة طريق لهذا المنهج : ـ
أولا: نقرأ قرارا واضحا" بأن العمالة العراقية خبرتها في القطاع الخاص محدودة حيث تجلب لكادرها الموت أو الشيخوخة أو الهجرة لذلك يتوجب إعادة الحياة العملية والعلمية لهذه الطبقة .
ثانيا: يتوجب وضع اسس واضحة لقبول العمالة الأجنبية ليس هدفها مكافحة البطالة بل يتم بموجب عقد مؤقت لحين نضوج عمالتنا الوطنية لتساوي لهم في الأجر والمهارة وبدون تبعات أخرى ذات طابع معرقل للعمل وفتح الزيارة للخبراء وبدعوات من أصحاب العمل من خلال مدراهم المفوضين والمخولين وبكفالتهم .
ثالثا: علينا الاعتراف بأن القضاء على البطالة في القطاع الخاص لا يتم عبر منع الخبرة الأجنبية بارغام أصحاب العمل على تشغيل عمال عراقيين بأجور عالية ومهارة محدودة بحيث لاجدوى اقتصادية من ذلك.
رابعا: الاقرار بأن مشاريع السنوات القليلة الماضية كانت فاشلة كما لاحظنا في أمانة العاصمة وغيرها كونها قامت بخبرة عراقية ورأسمال عراقي وذلك لمحدودية العاملين بالاضافة للعوامل الأخرى المعروفة .
خامسا: مكافحة الفقر لا تتم فقط عبر القضاء على البطالة فالعوائل المتعففة والارامل والأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة ، هناك جهات شرعية معروفة وهي دواوين الاوقاف نريد لها دورا واضحا ومحدودا بالتنسيق مع الشؤون الاجتماعية والمساعدة على ردم الهوة وصولا للمتسولين بالاضافة لدعم الدولة والجهد الدولي .
سادسا: البطالة لا تكافح عشوائيا بل بالتدريب وإزالة التفاوت لاسباب غير ذات علاقة بالهويات الثانوية واعتماد الهوية الوطنية فقط من خلال مجلس خدمة وطني عام والكف نهائيا" عن الامتيازات والاستثناءات التي أكلت فرص العمل بدون وجه حق .
ومن هنا لابد من منح الثقة بأرباب العمل بحيث يستدعي كما يستدعي خلق الله في الخليج أو الدول الاوربية عمالة أو زوارا بما يراه مناسبا" للمشروع ضمن ضوابط عامة متفق عليها مع ذوي العلاقة وبأسرع آليات ممكنة تواكب العمل وتوقيتاته عبر الحوار مع الجهات التي تمثل أرباب العمل ( اتحاد رجال الاعمال ، غرفة التجارة اتحاد الصناعات ، الجمعيات الفلاحية ) وغيرها من ذوي العلاقة لإنضاج شروط واضحة محددة لدخول وخروج العمالة .