كريم حمود فرج
الجهات المناط بها مهام الرقابة المالية:
تمارس أعمال الرقابة المالية والادارية في العراق الجهات التالية .
1- ادارات واقسام الرقابة المالية الداخلية في الوزارات والادارات التابعة لها.
2- المفتشون العموميون في الوزارات والادارات غير المرتبطة بوزارة .
3- ديوان الرقابة المالية.
4- هيئة النزاهة .
وقد تأثر أداء مهام الرقابة المالية والتشكيلات المناط بها مهام هذه النشاط بقرارات صادرة عن سلطات التحالف ورؤيتها باسلوب فرض الرقابة على المال العام في العراق والتي كانت متأثرة بالفكر الرقابي المطبق في الولايات المتحدة الامريكية . أنها تختلف بشكل أو بأخر عن أساليب الرقابة التي تعارف عليها العراق وكانت متأثرة بشكل واضح بالتجربة البريطانية لهذا النشاط.
استعراض تاريخي لتطوير أجهزة الرقابة المالية في العراق وتحديد أهدافها :
ظهرت الرقابة المالية في العراق ،عند تأسيس الدولة العراقية الحديثة في عام (1927)وقد تمثلت الادارة التي نهضت بهذه المهام بدائرة مراقب الحسابات العام . وكان يرتبط بوزير المالية ويقدم تقاريره الى الوزير والسلطة التشريعية .
المرحلة الثانية – مرحلة تطبيق مبادئ الرقابة المالية الحديثة ومتابعة التطورات التي حدثت على هذا النشاط تحت عنوان الرقابة الشاملة . وقد غطى هذا النشاط وحدد أهدافه قانون ديوان الرقابة المالية الصادر عام(1968)، وبموجبه تم ضمان مجموعة من تطبيقات الرقابة المالية الحديثة التي منها:-
1- استقلال جهاز الرقابة المالية وارتباطه بالسلطات المعنية بالتشريع .
2- تخويل ديوان الرقابة المالية صلاحية تقويم الاداء وأجراء عمليات التدقيق قبل الصرف بصيغة أستثنائية .
3- ممارسة اعمال التدقيق المحاسبي وفقاَ لتقاليد التدقيق الغربي والتي تشمل تدقيق الحسابات الختامية والميزانيات العمومية للمشاريع الاقتصادية العامة ، وابداء الرأى بنتائج نشاطها واوضاعها المالية.
4- تقييم القوانين والانظمة والتعلميات المتعلقة بالمال العام والطلب بأجراء التعديلات عليها لما يعزز الحد من سوء التصرف وتفعيل اقتصادية التنفيذ من حيث زيادة الموارد وتقليل حالات الهدر في المال العام.
5- وبموجب القانون المذكور أصبحت الرقابة على المال العام شاملة للدوائر الحكومية الرسمية ومنشآت القطاع العام المملوكة للدولة .
6- شمول رقابة ديوان الرقابة المالية لاية مؤسسة تستخدم المال العام بصيغة المساهمة او الدعم.
7- كما منح ديوان الرقابة المالية صلاحية أحالة المخالفين الماليين الى القضاء وفقاَ لتسلسل معقول من الصلاحيات.
المرحلة الثالثة :- اتسمت بالتطابق بين اهداف قانون ديوان الرقابة المالية وواجباته ،وسمات وخصائص الدولة المركزية المطلقة ،واصبح ديوان الرقابة المالية،جزءا من أدوات الدولة المستخدمة بهدف القمع ،وتدقيق الحالات التي يرتأي النظام تدقيقها ، دون التركيز على مبدأ الشمولية والحيادية ومع ذلك فقد تضمن هذا القانون ،حق ديوان الرقابة المالية في تدقيق كفاءة الاداء للمشاريع والادارات التي يقرها مجلس الرقابة المالية في خططه السنوية على ان يقترن ذلك بموافقة مركز الدولة ،وتخويله صلاحية فرض الرقابة السابقة للصرف بطريقة انتقائية يقرها مجلس الرقابة المالية على ان يقترن ذلك بمصادقة مركز الدولة رغم قلتها قياساَ بحجم النشاط.
لقد اتسم القانون هذا بالعيوب التالية:-
أ- سحب صلاحية الديوان في أجراء عمليات التحقيق بالمخالفات المكتشفة واحالة المخالفين الى القضاء.
ب- توسيع أختصاصاته تشمل تدقيق القطاع التعاوني والجمعيات والنقابات وفروع الشركات الاجنبية في العراق .
ج- تشتت جهوده كذلك ، عن طريق اشراك عناصره مع عناصر امن ومخابرات النظام في التحقيق بالقضايا الجانبية التي لا تشكل جزءاً من استراتجية الرقابة المفروض على ديوان الرقابة المالية القيام بها .
وقفة نقدية لحال الرقابة المالية في الوقت الراهن:
تأثر نشاط ديوان الرقابة المالية النوعي والكمي برؤية سلطات التحالف بعد 9/4/2003 وبعد ان تم تعديل قانونه واستحداث ست مديريات عامة موزعة
على المناطق الجغرافية في في البلد (عدا اقليم كردستان) الا أنه لوحظ الاتي :-
ا- أستحداث وظيفة المفتش العام وتحديد واجباته بتكرار واضح وبتداخل ملموس مع واجبات واختصاصات ديوان الرقابة المالية .
ب- الابقاء على مديريات الرقابة الداخلية في الادارات التنفذية بالدولة وتحويل قسماَ منها الى ادارات عامة ، تحدد واجباتها بطريقة مكررة مع الواجبات التي ينهض بها كل من ديوان الرقابة المالية والمفتش العام وتوسيع عمليات الرقابة السابقة للصرف لهذه الاجهزة ، مما أدى الى اتكال ديوان الرقابة المالية ودوائر المفتشين العموميين في الوزارات بالنهوض لمهمة الرقابة على المال العام قبل الصرف او بعد وفقاَ للنصوص القانونية الواردة في قوانين عملها وبشكل واضح.
ج- أستحداث هيئة النزاهة بصفة مستقلة وتخويلها صلاحية تشمل الرقابتين المالية والادارية ، بهدف تفعيل الرقابة على المال العام وأيقاف حالة التداعي في الاساءة اليه وبطريقة أصبحت معروفة ومعترف بها من جهات الاختصاص الوطني والدولي .
مقترحات آنية لتفعيل دور ديوان الرقابة المالية:-
ا- اعادة تشكيل مجلس الرقابة المالية بصيغة تمثيل اعلى التخصصات في نشاط الدولة كالاختصاص القانوني والاختصاص الاقتصادي والاختصاص الهندسي... وبصيغة التفرغ التام.
ب- الابتعاد القطعي عن تشكيل مجلس الرقابة المالية وفقاَ لاية صيغة تمثيل غير الاختصاص المالي والخبرة الطويلة والمساهمة الفعالة في ثقافة المحافظة على المال العام وحسن تدبيرها واقتصادية وشرعية أستخدامها.
ج- اعادة النظر بالتوزيع القطاعي لوظائف الديون بما يطابق التخصص النوعي للعمل وليس لاي أعتبار أخر.
ج- اشتراط موافقة هيئة الرقابة المالية في الدائرة او اقرارها بأن أجراءات منح العقود قد تمت بكافة مراحلها بطريقة موافقة للقانون والتعليمات وبصيغة بعيدة عن شبهات التحيز
ه- منح هيئة الرقابة المالية بالديوان صلاحية مراقبة الصرف قبل أتمام معاملته لدى الدائرة بالنسبة لمصروفات عقود المشاريع في منهاج الاستثمار والمشتريات المحلية التي تزيد على (50) مليون دينار عراقي ...والمواد التي يجب استيرادها من الخارج .
و- ايضاح معنى الحصانة الرقابية وتعريفها بقانونه لضمان عدم تردد كادره عن النهوض بواجباته بصورة مرضية.
ز- أخضاع موظف الديوان الرقابي من م/الرقيب وحتى رئيس الهيئة الى قسم دستوري يستهدف حيادتيه وبذله الجهود المتعارف عليها.
ح- تأسيس مجلس انضباط خاص بموظفي الديوان يمارس صلاحيات الجهات ذات الوصف ذاته.
و- أعادة النظر في قانون ديوان الرقابة المالية بما يضمن أعادته الى مواقع المؤسسات بما يضمن اعادته الى مواقع المؤسسات الرقابية للرقابة الشاملة على المال العام وتخويله بالصلاحيات التي تسمح له وتخويله بالصلاحيات التي تسمح له بفرض الرقابة على المال العام بشكل كفوء وفعال وحقه في أحالة المسيئين الى المحاكم لنيل العقاب المناسب ،والذي لم يحدث لسوء الحظ.
ج- تخويله نسبة من الاصلاحيات القضائية التي تمكنه من ردع حالات سوء التصرف في المال العام ذات الصفة الواضحة والمتكررة.
ما مدى قدرة ديوان الرقابة المالية بوضعه الحالي على تحقيق طموحات التغيير المطلوب؟
نعتقد ببساطة ان هذه المؤسسة لم تعد قادرة على القيام بالواجبات الموصفة أعلاه،بوضعها الحالي ... وهي بحاجة الى اصلاحات تشمل تخليص ديوان الرقابة المالية من المؤاشرات السلبية التي تم الاشارة اليها في اعلاه ،ووضعه على طريق الاداء السليم ،مع اعتبار خطوتي التخلص من الكادر المتعب وترشيق الكادر والتركيز على النوعية وتوفير مقومات الحصانة بحد معقول للرقباء الماليين ومنحه الصلاحيات التي تمكنه من النهوض بمهمته بهذه الصيغة.
تعدد اجهزة الرقابة المالية في الوقت الحاضر واساليب تفعيل كفاءة ادائها وبصورة مختصرة:
من دون عناء يذكر يستطيع المتخصص والمتابع النبيه، ان يشخص بان أجهزة الرقابة على المال العام في العراق قد تعددت وتشابكت مهماتها ، واصبح اعادة تفعيل نشاطها من جديد يقتضي الدراسة السريعة في ظل التوجه بتحقيق الاهداف التالية:-
أ- التخلص من ازدواج وظائف اجهزة الرقابة كلما كان ذلك ممكناَ
ب- محاولة تحديد تخصصات الرقابة الموضوعة تحت عناوين
(المفتش العام – الرقابة الداخلية – النزاهة ..الخ) وبيان اساليب ادائها بشكل واضح وتحديد ادواتها لانجاز مهامها بشكل يمنع هذ الزدواج.
لان الحديث عن هذا الموضوع لايمكن حسمه بمثل هذه المقالة السريعة وهو مدخل لبحث اصلاح حال اجهزة الرقابة في العراق ويمكنه ان يكون موضوعاََ لمؤتمر او ندوة متخصصة او يوكل الى لجنة تتولى عملية تقييم الواقع الحالي للعمل الرقابي وتشخيص مسارات ملموسة ومحددة لتعديله .ومنها على سبيل الممثال:-
أ- توجه هيئة النزاهة الى الرقابة الادارية كلما كان ذلك ممكناَ.
ب- اعتبار مخرجات عمل اجهزة الرقابة الداخلية والعمل الدوري لاجهزة ديوان الرقابة المالية ، مادة لتحديد مسارات نهوض هيئة النزاهة بمهماتها.
ج-الغاء وظيفة المفتش العام فوراَ واعادة مهماتها الى اجهزة الرقابة الداخلية على ان يصار الى حماية هذه الاجهزة بربطها بمركز الوزارة .وعلى مستوى مديريات عامة ، ويبرر ذلك بصورة جلية اخفاق اغلب اجهزة دوائر المفتش العام من القيام بواجباتها بالحد الادنى الذي حدده قانون تأسيسها ومبادئ ومقتضيات التدقيق والرقابة المعروفة
ت- في الحقيقة اني من دعاة تكوين هيئة مستقلة للرقابة الادارية يكون احد اهدافها حماية الموظفين من تعسف ادراتهم وحماية الدولة من تدهور اداء المسيئين واعتبر توصيتي لقيام ديوان الرقابة الاداراية بالمهمة مرحلة لنضج التجربة ثم تصبح مستقلة.
* خبير مالي ومصرفي