وقفة احتجاجية ضد تكميم الأفواه وإسكات صوت الإعلام الحر

وقفة احتجاجية ضد تكميم الأفواه وإسكات صوت الإعلام الحر

 ماس القيسي
الصحافة الحرة والاعلام المهني، كلمة يراد بها حق او باطل. الكلمة الحرة التي تنقل الحدث كما هو من دون زيف، هي سلطة رابعة من شأنها ان تخوض غمار حرب اقلام باردة اندلعت لا لشيء فردي بل لإيصال صوت الانسان اينما وجد ومهما فعل، ليشهد العالم خطى اقدامه وهو يكابد عناء العيش وسط هذا الزحام من التضاربات التي يشهدها وهو سائر على درب من سبقه في سبيل الخلاص بما تبقى من انسانيته، وانقاذ كرامته المهددة بخطر الانقراض.

لم يكتف من تسوغ له نفسه بقمع صوت المواطن العراقي الحر المطالب بأبسط حقوقه التي تؤمن له كرامة الحياة في وطنه، بل تعداه ليتبنى اداة قمعية تطارد وتقصي وتنحي كل صوت اعلامي نزيه يأخذ على عاتقه مسؤولية الاعلام المهني تجاه قضايا المجتمع، من هنا تعالت اصوات الوقفة الاحتجاجية التي اطلقها بعض معتصمي ساحة التحرير ويرافقهم مجموعة من الصحفيين العراقيين في ساحة كهرمانة رافعين لافتة باسم الشهيد الصحفي احمد عبد الصمد والشهيد المصور صفاء غالي منددين بما تعرضا له من اغتيال اودى بحياتهما، وبهذا الصدد يقول هادي جلومرعي (رئيس المرصد العراقي للحريات الصحفية): "هذه الوقفة التضامنية التي تكررت سابقا، نطلقها اليوم باسم 500 صحفي قتلوا بدم بارد من قبل جهات غير مسؤولة لا تعترف بالقانون، في ظل حكومة فشلت في ايجاد الحلول سواء أكان على مستوى تشريع القوانين ام على مستوى الإجراءات الامنية، اذ ليست هناك اي تحركات استباقية تهدف لحماية الصحفيين، كما هو الحال بالنسبة لبقية المؤسسات، لا بد من وجود تدابير من شأنها حماية الصحفي قبل تعرضه للاستهداف، من خلال معلومات نطلعه عليها بوجود خطر يهدد سلامته". وعن دور المرصد العراقي للحريات يقول: "لقد اصدرنا قبل خمس سنوات بيانا بان هناك 40 صحفيا مهددا ابان فترة احتلال داعش، بينما لم نجد اي صدى لصوتنا مما ادى لسقوط اكثر من 40 صحفيا في الموصل، وهذه هي مشكلتنا في العراق لا نستبق الامور بل ندعها تأخذ مجراها في هتك وجودنا، ثم نلتفت اليها بهد فوات الاوان، كما ان القاتل ليس لديه ما يهابه عندما يتجرأ على القتل والترهيب، بل نجده يسير بيننا حرا طليقا لعدم وجود اي رادع امني او قانوني".
كما عبر عن تضامنه في هذه الوقفة، حامد السيد (صحفي وكاتب) بقوله: "نحن هنا نطلق وقفة اعلان من قلب بغداد باننا قد نلحق احمد وصفاء الذين اغتالتهما ايادي مجموعات مجهولة معلومة!، هذه المجموعات التي تقتل امام مرأى الناس، مجهولة من قبلنا لكنها معلومة من قبل القوات الامنية والسلطات الحاكمة، تلك الاداة القمعية التي تلاحقنا وتقمعنا لأننا نعبر عن ارادتنا وارادة الناس، لا لسبب فقط للهيمنة على ارادتنا".
ارادة المواطن العراقي سلبت منه منذ عقود مرت، وهو يشهد نظاما قمعيا تلو الاخر كما عبر السيد بقوله: "قضينا 35 عاما ونحن صامتون في ظل سياسة النظام الواحد ذو الرأي الواحد، وكان مكسبنا الوحيد بعد سقوط النظام هو الديمقراطية كما يجب ان تكون، التي لم تتحقق ملامحها حتى الان بكل اسف، لعدم توفر البيئة الامنية التي تعد شرطا من شروطها، في سبيل نقل المعلومة الى المواطن، ففي ظل قعقعة السلاح لم يعد بإمكاننا ان نعبر عن رأينا دون خوف او قلق، اصبحنا نعيش في ذروة الخوف". موقف جاد يقع على عاتق الجهات الامنية ان تتخذه بهذا الشأن وبهذا يضيف السيد قائلا: "على الجهات الامنية ان تعي مسؤولية الصحافة التي ينصب دورها على مراقبة ادائهم، عليهم ان يدركوا ان وظيفة الصحفي لا تتعدى التقاط الصور ونقل الحقيقة، وان التعامل على ان الصحفي ارهابي هذا مؤشر خطير يهدد وجود الصحافة ومن ثم وجودنا كصحفيين في هذا البلد".
من جهة اخرى كان للمصور العراقي صاحب الصورة التي تنقل الواقع بحذافيره كما يرى كلمته التي عبر عنها، عماد العراقي (مصور وناشط) اذ قال: "العراق منذ عام 2003 الى اليوم يشهد حالات اغتيال لأصوات الاعلاميين و الناشطين، هذه الاعمال متكررة سببها غياب الامن، ونحن نعاني منذ الاول من اكتوبر غياب الدولة فليس هناك دولة تحمي المواطن في الشارع العراقي، اذ يقتل تحت مرأى الجميع وبالقرب من المقرات الامنية وحواجز الشرطة، والسبب الواضح يعود لكون كل شخص له رأي مناهض للحكومة سيتعرض للإقصاء حتما سواء بالقتل او الخطف والترهيب والتعذيب، حتى ان البعض قد تعرض لعمليات اذلال من خلال تصويرهم بمشاهد مخلة! في سبيل اسكات صوتهم". وعن مدى امكانية تسبب هذه التهديدات الى تراجع الحراك الشعبي يقول عماد: "من يقمعنا وصل الى حالة من الافلاس فلا يمكن اسكاتنا واخضاعنا، شهداؤنا هم نبراس الوطن ومهما خسرنا من احبة لن نتهاون وسنبقى متواجدين وصامدين في كل ساحات التظاهر في عموم العراق، بل ان اعدادانا تتزايد يوميا باسم العراق فقط دون اي انتماء آخر، ونعتقد ان عامنا الحالي سيكون افضل بجهود الشباب الثائر الحر".