معتصمون: الحراك الطلابي الجامعي يواصل مسيرته الثورية من أمام وزارة التعليم حتى ساحة التحرير

معتصمون: الحراك الطلابي الجامعي يواصل مسيرته الثورية من أمام وزارة التعليم حتى ساحة التحرير

 ماس القيسي
العلم نور والجهل ظلام، عبارة اعتدنا سماعها منذ الصغر، حتى بتنا نرددها دون سابق وعي لمكنون هذا المفهوم الذي كاد أن يكون خاوياً إلا من بعض قشور العملية التعليمية وما تترك من بعض غبار العلم!، على رفوف أسطح دفاتر الطلاب سواء كانت في حقائبهم أو بين تلافيف أدمغتهم في المراكز العصبية المسؤولة عن الذاكرة والإدراك، عسى أن تشكل معرفة لها وقعها وأن كان طفيفاً في تطوير سبل الحياة على الأرض.

منذ ست عشر عاماً والطالب العراقي بمختلف المراحل الدراسية التي يمر بها يصارع فقدان أهم مقومات وأسس ومتطلبات النظام التعليمي المهني والسليم، التي ترسو به على بر الأمان في عالم يسابق الزمن بين تكنولوجيا متسارعة وشعوب تتوق لجعل مسار حياتها سالكاً على كافة الأصعدة، التي من شأنها جعل الأوطان مزدهرة تنعم بالرخاء والاستقرار. إذ كان لابد له من إطلاق صرخة يسمعها كل مسؤول عن هذا الطريق المعرفي المتهالك، الذي لن يؤدي بالطالب إلا الى مصير مجهول مرفقاً بوثيقة جامعية، قد يرميها جانباً او يأطرها كتحفة فنية تزين حائط منزله متفاخراً بهشاشة ما أنجز أمام من يتساءل (" ماذا تعلمت وما هو اختصاصك الجامعي"؟!) الذي يفرق حينها كثيراً عن وظيفة مهنية لا تعنيه في شيء إلا كونها منبع لاستمرار حياته (مصدر رزقه).
صرخة تعلو بصوت أصحاب القمصان البيض كما أطلقوا على أنفسهم، تواكب صرخات ثائري العراق في حراكهم الجماهيري الذي أبصر النور مطلع تشرين الأول من العام الماضي، وبهذا الشأن يقول إكرام (طالب مرحلة ثالثة من كلية الصيدلة، ممثل اتحاد طلبة بغداد للجامعات الحكومية والخاصة):" نحن هنا نقف أمام وزرة التعليم العالي نواصل حراكنا الثوري كممثلين عن كليات بغداد والمحافظات المنتفضة باسم جميع الطلبة، إذ كانت الجامعات في بادئ الأمر تنظم مسيرات طلابية منفردة، مثل جامعة بغداد أو التكنولوجية أو الاسراء وغيرها، ثم قمنا بجمع الممثلين عن الجامعات المنتفضة لننظم مسيرات جمعية، كان عددنا تسعة ممثلين والآن وصلنا لما يقارب 60 ممثلاً عن 60 جامعة". وعن طبيعة حراكهم يقول إكرام:" نحن في كل مرة نقرر فيها تنظيم مسيرة طلابية حاشدة ننطلق من هنا من أمام وزارة التعليم العالي، ونتوجه صوب ساحة التحرير دعماً للمتظاهرين" مشيراً الى أن دعمهم لم يقتصر على التظاهر إذ يقول:" لقد دعمنا اخوتنا الثائرين من خلال تقديم التبرعات من مواد غذائية وخوذ وغيرها من متطلبات الدعم اللوجستي، بالإضافة الى إقامة المهرجانات والفعاليات".
تنسيقات هرمية تخدم طلاب الجامعات العراقية من خلال إيصال صوتهم عبر ممثلين ينوبون عنهم في القرارات التي تصدر في سبيل تنظيم نشاط معين، هذا ما أكد عليه إكرام بقوله:" نحن نمثل أغلبية الطلاب المضربين عن الدوام، بهدف تحقيق المطالب وانجاح الثورة"، منوهاً الى أن الحراك الثوري لمتظاهري ساحات الاعتصام والمسيرات الطلابية كان لها الدور الفعال في تحقيق بعض المطالب مثل استقالة رئيس الوزراء وإقرار الانتخابات الفردية. ويشدد على موقف الطلاب بقوله:" نطالب بتنصيب رئيس وزراء مستقل يتعهد بإجراء انتخابات مبكرة وتحقيق مطالبنا ومحاسبة قتلة الشهداء".
وعن الدور الذي يقوده ممثلي الطلبة باسم الجامعات وقضية استمرار أو مقاطعة الدوام، يقول إكرام:" لقد أصدرنا بياناً كمقترح لتقويم استئناف الدوام بتاريخ 19/1 في حال تحقق مطالبنا ولم نضع سقف زمني لهذا التقويم، ثم تسربت معلومات بخصوص التقويم، رغم علم الوزارة التي تعهدت لنا بان الإضراب حقاً دستورياً مشروعاً، لكنها نقضت عهدها ولم تعترف بالضرر الذي لحقنا من خال تعويض المحاضرات خاصة العملية منها، بالأخص نحن طلاب المجموعة الطبية، فإن فقدان ساعات العملي يؤدي لعدم الاعتراف بشهادتنا مستقبلاً".
تهديدات تصدر عن إدارة الجامعات الاهلية خاصة، بحق الطلاب المضربين عن الدوام أدت الى تزايد حدة التمرد لدى الطالب ما دفع ممثلي الجامعات لإقامة مسيرات حاشدة والوقوف أمام وزارة التعليم مرات عديدة احتجاجاً على هذه الممارسات التعسفية بحق أهم فئة في المجتمع العراقي وبهذا يعقب إكرام قائلاً:" نقيم وقفة احتجاجية وننصب خيم الاعتصام أمام الوزارة وسنبقى صامدين حتى تغير الكوادر التي ترأسنا من نهجها، وتحقق مطالبنا" مؤكداً على أن ثورة تشرين لها الدور في منح الطالب العراقي فرض التقويم الدراسي المناسب، ما يضرب كل التعهدات والتهديدات ("عرض الحائط") حسب قوله.
وعن جامعات المحافظات العراقية الأخرى يقول إكرام:" نحن لدينا تواصل وتنسيق دائم مع أغلب جامعات المحافظات المنتفضة، إذ نتفق على رأي واحد بالإضراب عن الدوام مادامت الثورة مستمرة، ويجب على الوزارة تعميم قرار التخرج بحق جميع طلبة المراحل المنتهية دون تفريق بين محافظات وأخرى، وإصدار تقويم عام يشمل كل الجامعات" منوهاً الى أن اتحاد طلبة بغداد ينوي التنسيق مع جامعات المحافظات غير المنتفضة في سبيل توحيد كلمة طلاب العراق بكل مناطقه، إذ أن الهدف من الثورة بالأساس هي تحقيق المصلحة العامة.
في حين يرد إكرام على كل صوت يقول بأن إضراب الطلاب هو ليس إلا تمرير لإهمالهم ورغبتهم في الامتناع عن الدراسة، بقوله:" من غير المعقول أن يكون طالب في كلية الطب وخاصة من الجامعة الخاصة أن يضحي بدراسته والتكلفة المستحقة، إهمالاً منه بل إن إضرابنا ليس إلا خدمة للوطن". وتقول فاطمة (طالبة مرحلة ثانية من كلية الطب في جامعة بغداد):" نحن خرجنا اليوم لنقول إن الطالب في العراق مجهول المستقبل فلا وظيفة ولا حياة كريمة بانتظاره، وأن تقديس العلم لدرجة أن نُجبر على الدوام في ظروف سيئة كهذه هو جهل بحد ذاته، على كل الطلاب الأضراب من أجل تغيير هذا الواقع المرير".
بينما يقول عبدالله سلام (طالب مرحلة ثالثة من كلية هندسة الميكاترونيك في جامعة بغداد):" نحن كطلاب معتصمين لدينا شرطين من أجل استئناف الدوام وهما، اختيار رئيس وزراء ترتضيه سوح التظاهر، من خلال إجراء انتخابات مبكرة بمدة أقصاها ست أشهر، وإنهاء عمليات الابتزاز الصادرة عن رئاسة الجامعات الخاصة تحديدا مثل كلية الاسراء التي تتعاطى مع الطلاب بطريقة تعسفية وكأنها مقرات تحقيق!".