معلمون يتطوعون لإلقاء الدروس..في الناصرية.. خيم الاحتجاج تتحول إلى صفوف دراسية

معلمون يتطوعون لإلقاء الدروس..في الناصرية.. خيم الاحتجاج تتحول إلى صفوف دراسية

 ذي قار / مرتضى الحدود
وسط صخب الاحتجاجات في محافظة ذي قار قرر عدد من المعلمين إنشاء صفوف دراسية صغيرة في عدد من خيم الاحتجاج الصغيرة في ساحة الحبوبي مركز الاحتجاجات والقاء دروس على الطلاب فيها.

عمار العكيلي مدرس اللغة العربية في ثانوية الرازي وجد في متابعة دروس طلابه ضرورة لا تقل اهمية عن مشاركتهم في التظاهرات، اذ اجمع مع بعض مدرسي المدارس الحكومية على استغلال فترة التظاهرات والإضراب الذي اعلنت عنه نقابة المعلمين ليؤسسوا مدرسة اسموها "مدرسة ثورة أكتوبر".
يقول العكيلي إن المدرسة الصغيرة تحاكي واقع الاحتجاج الطلابي بهدف معرفة مطاليب هذه الشريحة والمناهج التي يرغبون دون سواها. ويضيف حول الفكرة "أنشأت المدرسة المرتجلة داخل خيمة من خيم الاعتصام في ساحة الحبوبي وباشرت بتدريس المراحل المنتهية من السادس الاعدادي والثالث المتوسط بسبب اهمية المرحلتين في ظل التوقيت الزمني الدراسي".
احد المحتجين في ساحة الحبوبي تبرع بجلب مقاعد الجلوس البلاستيكية لتكون بديلا عن المقاعد الخشبية الخاصة بالطلبة في مدارسهم المنتظمة، بينما لاذت خيمة المدرسة باحدى الطرق المؤدية لساحة الاعتصام لتكون بعيدة بعض الشيء عن صخب الهتافات.
وتبدأ الدراسة في الثامنة صباحا وتستمر حتى الثانية عشرة ظهرا لتكون صورة مشابهة لتوقيت المدارس الرسمية، الا ان الدرس الواحد فيها اصبح (60) دقيقة بزيادة (15) دقيقة عن التوقيت الرسمي في المدارس بهدف تعويض التأخير الحاصل نتيجة الاضراب.
مدرسة الثورة كما يسميها بعض المتظاهرين صورة جديدة من التحضّر وطريقة للمطالبة بحقوق التعليميين، فالإحصائيات الرسمية تكشف عن اكثر من (90) مدرسة طينية في ذي قار وان هناك حاجة الى (800) بناية مدرسية لإنهاء الدوام المزدوج في المدارس، إضافة إلى نقص في الملاكات التدريسية والمستلزمات الدراسية.
نقابة المعلمين المركزية قالت في بياناتها السابقة ان الحكومات المتعاقبة على العراق تركت الطلبة في العراء وبصفوف مكتظة ومناهج دراسية ملتبسة وبنايات متهالكة، واتخاذ قرارات تراها النقابة بأنها غير مدروسة توضع لطلبة المدارس وحتى على مستوى الكوادر التدريسية.
المناهج الدراسية تعاني هي الأخرى من مشاكل كبيرة بحسب منى عبد الفوازي مدرسة اللغة العربية التي تتحدث حول ذلك "تجرى تغييرات مستمرة على المناهج الدراسية فتسبب مشكلة للطلبة مع ضياع الوقت في العطل والمناسبات المختلفة، كما أن المعلومات الموضوعة هي اكبر من عقلية الطالب فتجدها تناسب طلبة السادس الاعدادي او الخامس بينما يضعونها للثالث المتوسط، وكثيرا ما تكون مليئة بالأخطاء".
وتضيف "لا ننسى ان الدورات التي تعطى للمدرسين لغرض تطوير قابلياتهم هي دورات خجولة لا ترقى للتعديلات السريعة التي تجرى كل سنة في حين كانت التعديلات سابقا تحصل كل خمس سنوات فيتاح للجميع استيعابها".
وجوار خيمة الاعتصام يحث الطلاب بعضهم البعض على ضرورة الانخراط في متابعة دروسهم. يقول محمد ابراهيم طالب في السادس الاعدادي إن اهمية الحضور للدراسة بأهمية المشاركة في التظاهرات. نحن نرفض التسيّب، فمسؤوليتنا الاحتجاجية مرهونة بمواصلة الدراسة، ولا يمكننا اعطاء مبرر لأحد بالتخلي عن واجباته الدراسية ومستقبله".
ويبدو الحماس على وجه الطالب جعفر ناصر بعد أن لا حظ حضورا متفاعلا من زملائه ويقول حول ذلك "اشعر باندفاع ما كنت أشعر به خلال دوامي بالمدرسة الحكومية، فأنا أرى تشجيعا من اساتذتي الذين أخذوا على عاتقهم هذه المهمة، كما أرى زملائي الذين يشاركون في التظاهرات ويواصلون دراستهم وهما أمران يصبان في بناء بلدنا بشكل أجمل".
ولم تقف مدرسة ثورة اكتوبر عند هذا الحد بل استطاعت استقطاب عشرة مدرسين في اختصاصات الرياضيات والكيمياء والانكليزية ممن توافدوا على ساحة الاعتصام في الحبوبي ولم يعلموا بهذا المشروع مسبقا فتطوعوا بإلقاء الدروس ومواكبة الاحتجاجات.
يقول اسامة رحيم وهو مدرس لغة عربية إن عدة تساؤلات طرحت في مواقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك من قبل أولياء الامور حول التأثير السلبي لمشاركة ابنائهم في الاحتجاجات من خلال عدم اكمال المنهج واستيعاب دروسهم العلمية.
ذو الفقار علي طالب في الثالث المتوسط لزم البيت بعد أن منعه ذووه من الالتحاق بساحة الاعتصام خشية على سلامته ولكن بسبب سكنه القريب من ساحة التظاهر فأن للفضول دفعه للتعرف على طبيعتها فأكتشف مدرسة الثورة وقرر المواظبة فيها.
ويقول حول تسلله من البيت والالتحاق بالصف التعليمي "أردت مواصلة دروسي التي توقفت في مدرستي الثانوية وعدم اضاعة الوقت وقد اقنعت أهلي بذلك برغم مخاوفهم وأنا التزم بذلك منذ عدة ايام".