حكاية شهيد..مصطفى الغراوي.. الثائر المقدام الذي أبت خطاه التراجع تحت أي ظرف

حكاية شهيد..مصطفى الغراوي.. الثائر المقدام الذي أبت خطاه التراجع تحت أي ظرف

 ماس القيسي
زهرة من زهور انتفاضة تشرين اختيرت من رب السماء، رب الحرية والعدل والإنسانية لتقطف في اوج عمرها في سبيل الالتحاق بباقة الزهور التي تزين ارض التحرير المعطرة برحيق شذى ثوار، مروا ليسطروا أشجع قصص البطولة والبسالة على مر تاريخ العراق المعاصر.

مصطفى الغراوي، من مواليد عام 1992، من سكان مدينة الصدر في بغداد، أنهى دراسته المتوسطة، ثم عمل في مقهى ثم بائع في محلات الأزياء برفقة اخوته، شاب مفعم بحياة التنزه والخروج برفقة الأصدقاء، محب للموسيقى وفن الشعر الشعبي. كريم الطباع ومبادر لكل سلوك انساني حسن، كما يقول صديقه جاسم: "مصطفى من يملك روحا حماسية وحب الرفاهية في حياته اليومية، كان ذو مواقف إيجابية تدل على مدى نخوته، فقد كان يمنح المال لكل محتاج هنا من جيبه الخاص، يدعم ويساعد الجميع، ويقدم على فعل الخير في كل الأوقات، يفضل الآخر على نفسه، كان يتبرع بمكان منامته الخاص في الخيمة لكل ضيف يزورنا، هذا من غير دوره في حمايتنا اذ كان يضحي بوقت راحته لأجل حراستنا". مشيرا الى ان صديقه الشهيد شخص لا يمكن وصفه واختصار عطائه وتفانيه بكلمات او سطور.
شارك مصطفى في الحراك الجماهيري ابان ثورة تشرين مطلع أكتوبر عام 2019، ويقول صديقه الذي رافقه في رحلة التظاهر حين تمت السيطرة على جسر الجمهورية من قبل ثوار التحرير، المجتبى خضر ابراهيم: "بتاريخ 25 تشرين الأول حين قمنا بالتقدم عدة مرات باتجاه جسر الجمهورية، في آخر مرة استطعنا فيها الاستحواذ على الجسر كان مصطفى معنا ومن هنا بدأت معرفتنا به، انا ومجموعة الشباب كنا نرافق بعضنا على الدوام اثناء التظاهر"، وعن شخصية مصطفى وطبيعة تحركاته يقول المجتبى: "مصطفى كان يمتلك من الشجاعة القدر الكبير الذي يدفعه دوما للتقدم والتحرك باتجاه الخطر دون خوف او تراجع رغم محاولاتنا لإقناعه".
في ليلة مجزرة الخلاني الدامية التي راح ضحيتها العديد من الشهداء، بعد ان تمت مهاجمة الثوار المعتصمين في كراج السنك يوم الخميس المصادف 5 كانون الاول، قررت مجموعتنا التحرك صوب الساحة هناك لدعم المتظاهرين، كان مصطفى ممن يسبقنا دوما وقد وصل بنا الى آخر محطة عند أقرب نقطة من جسر السنك، حتى تصوب امام عيني بطلق ناري في رأسه من قبل قناص". في يوم استشهاده لم يغادر ساحة التحرير اذ يقول صديق آخر له كان يجاوره في قطاع التظاهر حسين علي إبراهيم: "مصطفى لم يغادر ساحة الاعتصام الا حين كان يريد الذهاب للمنزل بهدف الاغتسال وتغيير ملابسه، دائم التواجد والنشاط، وفي ليلة الخميس التي استشهد فيها تركته وذهبت للمنزل، في هذه الاثناء وانا في طريقي وصلني خبر استشهاده حيث أصيب في رأسه بطلق ناري وتم اسعافه من قبل الدفاع المدني الى مشفى الجملة العصبية حيث توفي هناك بيومها فقد كانت الإصابة خطيرة جدا". مصطفى لم تكن تتوقع بان روحك المغامرة ستكون هدفا يوما ما لأيادي الشر، لكنك بالتأكيد بقصد او دونه كنت تعي تماما، ماذا يعني ان تقدم نفسك ثمنا لحرية وطن وهذا ما فعلته كعادتك حين تبادر لفعل كل ما من شأنه ان يسمو بروحك ويرتقي بإنسانيتك، وكم هم نادرون أولئك الذين يتشبهون بك!