ساحات الاحتجاج تعلن تأييدها الكامل لذي قار لتنفيذ المطالب المحقة

ساحات الاحتجاج تعلن تأييدها الكامل لذي قار لتنفيذ المطالب المحقة

"مهلة الناصرية" تنتهي اليوم.. محاسبَة القَتلَة أبرز مطالبها

 متابعة الاحتجاج
تسير ساحات الاحتجاج منذ أيام بتوقيت مدينة الناصرية في محافظة ذي قار جنوبي البلاد، إذ أمهلت مجلس النوّاب والجهات المختصة مدة أسبوع واحد لتحقيق ثلاثة مطالب رئيسة قبل يوم الأحد. وفي حال لم تستجب السلطات العراقية لـ"مهلة الناصرية"، فإن المتظاهرين من المحافظة ومركزهم الأساسي "ساحة الحبّوبي"، سيبدأون خطوات تصعيدية يوم الاثنين المقبل.

ومطالب المتظاهرين في الناصرية مستمدة من المطالب الأساسية لجميع المتظاهرين في مختلف المحافظات العراقية، وتم اختزالها في ثلاثة، هي: المصادقة على قانون الانتخابات الذي يقضي بالانتخاب الفردي في مجلس النوّاب وتشكيل الحكومة ومحاسبَة قتَلة المتظاهرين.
يقول مروان نعمة، وهو متظاهر من الناصرية، إن "المتظاهرين من مختلف الفئات بمن فيهم عوائل الشهداء، يطالبون بمحاسبة المسؤولين عن قتل المتظاهرين، وخصوصاً جميل الشمري الذي يتحمل مسؤولية مجزرة الناصرية ولم يتم عقابه حتى الآن".
وما هي الخطوات التصعيدية المرتقبة يوم الاثنين؟ وهل من احتمالات لعُنف مضاد؟ يقول مروان "العنف مستبعد تماماً، ثورتنا سلمية وستبقى كذلك. لكن ما سنفعله هو قطع الطرق السريعة خارج المحافظة، بالتالي إيقاف حركة المرور، بالإضافة لنقل خيم الاعتصام إلى هناك".
ويتابع القول "بالطبع هذا الأمر سيؤثر بشكل سلبي على حركة الناس اليومية، لكنها أيضاً خطوة مهمة للضغط على الحكومة، وفعلياً هناك انقسام في الاتفاق حول هذه الخطوة في ذي قار، فالتصعيد بهذا الشكل لم يحز موافقة 100% من جميع المتواجدين، وهذا أمر طبيعي".
ويضيف مروان "ولا ننسى أن بين المتظاهرين العديد من عناصر الأحزاب السابقين، وليس بالضرورة أن يتفقوا جميعهم مع مطالب المتظاهرين، وهو ليس وليد اللحظة، إنه نتاج 16 عاماً من التكتلات الحزبية".
ماذا عن العشائر؟، لقد شهدنا مدى تأُيرها في مسألة إقالة رئيس خلية الأزمة في جنوبي العراق جميل الشمري، فهل يمكن أن تتدخّل بسلاحها في التصعيد؟
يقول مروان إن بعض العشائر مساندة وأخرى لا لهذه الاحتجاجات، لكن "أن يحمل شخص سلاحاً لتحقيق المطالب فهذا لن يحدث أبداً، فنحن لا نسعى لحرب أهلية".
ومن ساحة الحبّوبي، يقول أثير إن "أعداد المشاركين في الاعتصام تتراوح بين 2500 صباحاً و5000 مساءً، وبينهم عوائل شهداء مجزرة تشرين الثاني 2019". ويقول أثير، الذي يتظاهر بشكل شبه يومي في الساحة، في إجابة على سؤالنا إن كان المتظاهرون يتخوّفون من تصعيد حكومي عنيف مقابل قطع الطرق؟ "ماكو خوف". ويوضح "حدثت المجزرة وبعدها حدث إطلاق نار على المتظاهرين في الحبوبي الذين رفضوا دخول الجنازة الرمزية لقاسم سليماني وأيضاً حُرق عدد من الخيام، والنتيجة كانت أن زاد عدد المتظاهرين. خوف ماكو".
من جهته، وحول مسؤولية قتل المتظاهرين، يقول الخبير القانوني علي التميمي، إن "القائد العام يتحمل مسؤولية قتل المتظاهرين، وفق القوانين السارية في العراق، حتى وإن لم يُعط أوامر بذلك". وتابع التميمي قوله "وفق المادة 24 من قانون العقوبات العسكري، يكون القائد مسؤولاً عن الجريمة ويعد شريكاً وإن لم يعط الأوامر بالقتل، ونفس الحال في المادة 52 من قانون قوى الأمن الداخلي وفي قانون العقوبات حاسبت المادة 48 و49 على التحريض والتوجيه والمساعدة، ويُساءل وفقها القادة عن القتل العمد وإحداث العاهات والأضرار الجسدية". وأكد أن هذه الجرائم "لا تسقط بالتقادم أو مضي المدة".
لاقت مهلة الناصرية الكثير من دعم النشطاء والمتظاهرين، في مواقع التواصل الاجتماعي أو ميادين الاحتجاج على حد سواء، وتم إرفاق وسمَي #مهلة_الناصرية و#شرعيتكم_انتهت في تويتر وفيسبوك، مع منشوراتهم.
يقول مروان نعمة في هذا السياق إن العراقيين بشكل عام يرون محافظة ذي قار "بوصلة الاحتجاجات في البلاد، وأول محافظة أعلنت تخلصها من الأحزاب عبر إحراق مقراتها وأكثر محافظة قدمت ضحايا خلال التظاهرات".
ويضيف "لذلك كان يُرسل لنا دائماً أشد المسؤولين الأمنيين من أجل القضاء على حركات الاحتجاج عندنا".
ومن مطالب المتظاهرين، المشمولة في المهلة، اختيار رئيس حكومة مؤقت لحين إجراء انتخابات تشريعية مبكرة تخضع لإشراف الأمم المتحدة ومنظمات دولية منعاً من حصول عمليات تزوير لصالح قادة الأحزاب الحاكمة، فضلاً عن الكشف عن قتلة المتظاهرين ومصير اللجان التحقيقية فيها، وتقديم المتورطين في قمع التظاهرات إلى القضاء، والذين يوصفون بـ"فرق الموت الجوالة" لقتل المتظاهرين.
وقال الناشط البارز في الناصرية علي الغزي، إن "الأحزاب الحاكمة مستمرة بقتل المتظاهرين والمحتجين والناشطين واختطافهم وتعذيبهم، وبقاؤنا في الساحات وميادين التظاهر يطرح سؤالاً واحداً، ومفاده أنه هل علينا أن نبقى نتفرج وهم يقتلوننا الواحد تلو الآخر؟". ورأى الغزي أن "الأحزاب الحالية أثبتت عدم ولائها للعراق في أكثر من موقف، إذ هي لا تزال تظن أن الاحتجاجات صناعة أميركية خليجية، وتصف عبر وسائل إعلامها المحتجين بأنهم جوكر، وممولون من الخارج، ناهيك عن إهمال مطالب المتظاهرين مع كونها مشروعة ولا تخرج عن إطار الدستور الذي ينص على أن الشعب هو مصدر السلطات".
ولفت الغزي إلى أن "المهلة التي حددها المتظاهرون في بغداد ومدن الجنوب، هي نقطة النهاية مع النظام الحاكم، فقد تأكد لنا أن الجماعات المسلحة المدعومة من الحكومة ستستمر بقتلنا وتخويفنا، وأنها خارجة عن القانون ولا تحترم مطالب الشعب، لذلك نحن في صدد الإعلان عن سلسلة إجراءات تصعيدية ضد الحكومة، وبالتعاون مع منظمات حقوقية دولية". وحول طبيعة هذه الخطوات، قال الناشط العراقي إن "واحدة منها هي قطع الطرق وتوسيع رقعة الإضراب الذي قد يتحول في ما بعد إلى عصيان مدني، وتشكيل وفد من المتظاهرين للتوجه نحو الأمم المتحدة والعالم وشرح ما يدور في ساحات الاحتجاج والمنطقة الخضراء، من أجل سحب الشرعية الدولية الممنوحة للحكومة العراقية".
بدورهم، أعلن معتصمو ساحة التحرير، وسط بغداد، أول من أمس الخميس، تأييدهم للمهلة التي وضعها المعتصمون في الناصرية. وقال المعتصمون في بيان: "نعلن تأييدنا الكامل للمهلة التي وضعها ثوار ذي قار الشجعان لتنفيذ المطالب المحقة، وسنكون في بغداد على الموعد مع إخوتنا في باقي المحافظات لإعلاء صوت الوطن في وجه محاولات التملص من تنفيذ مطالبنا المشروعة، الهادفة إلى بناء عراق موحد ذي سيادة، يحمي مصالح وأمن مواطنيه". وأكد المعتصمون أن "موقفنا هذا يأتي تثميناً لمواقف الناصرية الكبيرة والمُلهمة، منذ بداية الاحتجاجات وحتى هذه اللحظة، ووفاءً للدماء الطاهرة التي سالت في سبيل الوطن، دماء أحرار العراق التي سقطت في ذي قار والمدن المحتجة كلها".
من جهته، أشار الصحافي العراقي الذي يشارك في احتجاجات بغداد، علي الكرملي، إلى أن "المهلة هي تصعيد جيد، ولو أنها جاءت متأخرة، لكن المهم حصولها". وبدا الكرملي متشائماً باعتبار أنه "واقعي، فإن مطالب الشارع المحتج تبدو بعيدة كل البعد عن التحقق في غضون المهلة الزمنية التي حدّدتها الناصرية، لأن السلطة الحاكمة إلى الآن لا تأبه لكل ما يجري في الشارع، ولم ولن تتحرّك نحو كسب الخواطر، والتنازل عن مكتسباتها طالما ترى أنها ما زالت قوية". ولفت الكرملي، إلى أن "الخطوات التصعيدية الجديدة التي ستتخذها الناصرية غير معلومة حتى الآن، كما بقية المحافظات، لكن المؤكد أن التصعيد سيكون سلمياً، ولن يتجاوز السلمية نحو أمور أخطر أو أكبر تؤدي إلى ما لا تحمد عقباه"، متوقعاً مثلاً أن "يتطور الإضراب، وتتسع رقعته متخطياً طلاب الجامعات، مع قطع الطرق الرئيسة الرابطة بالعاصمة، وشلّ مفاصل الحياة، لتذعن السلطة لمطالب المحتجين".