العثور على قبر سلطان سلجوقي في محلة جديد حسن باشا

العثور على قبر سلطان سلجوقي في محلة جديد حسن باشا

د. عماد عبد السلام رؤوف
معلم مهم من معالم بغداد القديمة، لم ينل حظه من اهتمام الباحثين والدارسين، بل نسي اسمه فضاعت هويته، وكادت ان تختلط بغيرها . ذلك هو الملك العادل قليج أصلان، ا بن مسعود، سلطان سلاجقة الروم. ومعنى قليج بالتركية : السيف، واصلان المخففة من ارسلان، يعني الاسد، فيكون معنى لقب هذا السلطان كاملا (سيف الاسد) وابنته هي سلجوقة خاتون،

سيدة فاضلة محسنة، ولدت سنة 544 ، وتزوجت من امير ديار بكر ، حتى اذا ما توفي زوجها حجت سنة 580 وعادت بعدها الى بلدها (خلاط)، من بلاد سلاجقة الروم) حيث اقامت ثمانية عشر شهرا، ثم خطبها الخليفة الناصر لدين الله العباسي فوافقت بشرط موافقة ابيها.
وبعد زواجه بها جيء بها الى بغداد سنة 584 حيث عاشت معززة مكرمة في أحد قصور الخلافة العباسية، وعرفت في اثناء ذلك بسيرتها الحسنة، حيث قامت بأعمال البر ، منها رباطاً للعاكفين عرف برباط الخلاطية او الاخلاطية نسبة الى ما كانت تعرف به وألحقت به خزانة كتب حافلة . وقد تحولت هذا الرباط الى تكية لقوات الانكشارية، وذلك قبل ان تنهار في دجلة .
أما ابوها الملك العادل السلطان قليج ارسلان فقد دفن في موضع قريب من مسجد عرف بمسجد السلطان نسبة اليه، وهو الذي عرف فيما بعد باسم الجامع السليماني نسبة الى مجدده السلطان العثماني سليمان القانوني الذي فتح بغداد سنة 941، ثم أعاد تجديده والي بغداد القوي حسن باشا الأيوبي، فعرُف بجامع جديد حسن باشا، ثم عرف أيضاً بجامع السراي لكونه يقع أمام بوابة سراي بغداد التاريخي. ولما يزل يعرف بهذا الاسم الى الان.
إن أول من أشار إلى قبر السلطان قليج أرسلان هو الرحالة العثماني نصوح افندي مطراقي زاده، وذلك في اثناء صحبته للسلطان سليمان القانوني الى بغداد سنة 941، وهو لم يكتف بالاشارة اليه فحسب وانما قام برسم القبر والقبة التي تعلوه بدقة عالية. ويتضح مما رسمه أن القبر يقع في حجرة عالية ذات ستة أوجه، وتعلوه قبة منتفحة، تزينها زخارف نباتية تمثل صفوفاً من الزهور على أرضية خضراء (العراق كما رسمه المطراقي زاده تأليف د. عماد عبد السلام رؤوف ص146) ويقع قبر قليج ارسلان اليوم في فناء دار قديمة متهالكة هناك، يسكنها بعض الفقراء، وفي قائمة محلات بغداد للكوماندوز الانكليزي فيليكس جونز أن العقد الذي فيه القبر يعرف بعقد قليج اصلان. دليل خارطة بغداد ص 272. كما أشار إلى القبر عبد الحميد عبادة في كتابه (العقد اللامع بآثار بغداد والمساجد والجوامع) وقد ورد اسمه محرفا الى (كنج اصلان)، وقد قمنا بتحقيق هذا الكتاب والتعليف عليه، وعرفنا بالقبر وصاحبه في بعض تلك التعاليق.
يتوسط القبر فناء الدار، وعليه لوحة غير مثبتة تتضمن عدة أبيات من الشعر باللغة العثمانية، وثمة كتابة تذكارية مثبتة على قطع من الآجر المزجج في الجدار الداخلي لفناء القبر.
وعلى الرغم من الحالة المزرية التي عليها القبر الآن، فإنه يعد واحداً من المعالم السلجوقيةالمهة في بغداد، فهو يضم ضريح الملك العادل السلطان السلجوقي قليج ارسلان سلطان الأناضول، وصهر الخليفة العباسي الناصر لدين الله. وقد دعونا الى العناية به في اثناء اعمال مؤتمر تاريخ بغداد العثمانية المنعقد في جامعة محمد الفاتح في استانبول في يومي 25-26 من شهر كانون الاول سنة 2019 .وهانحن نجدد الان هذه الدعوة ونؤكدها، قبل أن يتداعى المكان، وينهار تماماً، فلا يبق ما يذكر به، فتفقد بغداد اثرا تاريخيا مهما من آثارها التليدة.