متظاهرو البصرة تقدم لهم  وجبات قمع ليلية

متظاهرو البصرة تقدم لهم وجبات قمع ليلية

 متابعة الاحتجاج
كما يستعد الإنسان إلى وجبات الطعام في توقيتاته المحددة، أصبح متظاهرو البصرة يستعدون كل يوم عند حلول الظلام إلى استقبال "وجبات القمع"، بحسب تعبيرهم، والتي تأتي تارة على يد القوات الحكومية الرسمية،

ومرة أخرى على يد "مجهولين" يتنقلون بسياراتهم حول أماكن تواجد المتظاهرين بحرية ليسلبوا ما تيسر لهم من الأرواح، وسط عتب ممزوج بالغضب الشديد من أبناء المحافظة على "شيوخ العشائر" الذين يتهمون بأنهم يتقصدون "التخلي عن المتظاهرين" بشكل صريح.
في 21 كانون الثاني/يناير، وقبل حلول منتصف الليل، هاجمت قوات الصدمة التي تأتمر بأمر المحافظ أسعد العيداني، والتي شكلت في الأساس لمداهمة تجار المخدرات وفض النزاعات العشائرية، مجموعة من المتظاهرين باستخدام الرصاص الحي و"الصجم" في منطقة التقاطع التجاري بالمحافظة، بالتزامن مع هجوم آخر نفذته سيارات مجهولة على المتظاهرين راحت ضحيتها المسعفة والمتظاهرة الشهيرة "أم جنات"، وسقوط عدد من الجرحى بينهم مسعفة أخرى، تدعى فاطمة علي.
ووسط غضب المتظاهرين والمدونين من أبناء محافظة البصرة، تضمنت تغريدات واسعة رسائل ضمنية تحمل عتابًا وذمًا لشيوخ ووجهاء البصرة، الذين يتهمهم متظاهرون بـ"التواطؤ" مع القوات الحكومية، حيث قال الناشط علي محمد إن "معظم شيوخ البصرة تبرأوا من المتظاهرين وهدروا دمهم عند قوات أمن المحافظة منذ الأيام الأولى"، مؤكدًا أنه "تحديدًا في أطراف البصرة تم تحييد الانتفاضة فيها على عكس ما جرى منها صيف 2018، لأن الكثير من العشائر هناك أخذوا امتيازات مالية ضخمة كثمن لأراضيهم التي اشتغلت فيها الشركات النفطية، بالتالي وقعوا هذا العام على تعهد خطي بهدر دماء كل من يتعرض للقوات الأمنية"، معتبرًا أن "التعرض للقوات الأمنية، عنوان مطّاطي تؤول السلطة هذا العنوان لصالحها كما ترغب".
وبينما كان المدونون والمتظاهرون يتناقلون مشاهد تشييع المسعفة "أم جنات" موجهين لومهم إلى السلطة في المحافظة وشيوخ عشائرها ليلًا، نفذت قوات الصدمة والسيارات المجهولة "صولتها الثانية" على التوالي ضد المتظاهرين، مما تسبب في مقتل شاب لا يتجاوز الـ16 من عمره، ليلحق المسعفة "أم جنات" إلى مثواه الأخير، فضلًا عن سقوط عدد من المصابين.
وأبلغ متظاهر بصري، رفض الكشف عن اسمه لأسباب أمنية، أن "الشاب الشهيد هو مجتبى أحمد، وأطلق عليه المتظاهرون لقب (زاجل البصرة)، على خلفية مهمته التي كانت عبارة عن إيصال الأخبار من بوابة الاعتصام إلى المتظاهرين وتحذيرهم من أي تحركات قمعية قد تصلهم".
من جانبه أكد مصدر أن "حملات القمع تنفذها، إما قوات الصدمة، أو مدنيين يستقلون عجلات بيك آب، يفتحون الرصاص الحي على المتظاهرين في ساحة الاعتصام أمام مجلس المحافظة الجديد، أو في التقاطعات التي يسيطر عليها المتظاهرون في تقاطع التجاري، الكزيزة، الجنينة، وشارع الأندلس وتقاطع التربية". بيّن المصدر، الذي رفض الكشف عن اسمه لأسباب أمنية، أن "أم جنات وزاجل البصرة سقطا بنيران العناصر المجهولة، حيث سقطت المسعفة أم جنات في تقاطع التجاري، إما مجتبى أحمد سقط قبال بوابة الاعتصام، حيث مكان مرابطته". وردأ على ما اسماها نشطاء بـ"وجبات القمع الليلية"، أطلق متظاهرون وناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي وسم "#انتظروا_البصرة" ملوحين بإعادة "ثورة 2018" الغاضبة، التي انفردت بها محافظة البصرة، وكانت السباقة بحرق مقرات الأحزاب في المحافظة حينها، على خلفية سوء الأوضاع المعيشية والخدمات التي وصل الحد بها إلى تلوث ماء الشرب الذي تسبب بوفيات وإصابات شديدة في حينها، بالتزامن مع "تحذيرات من غضب يتصاعد تدريجيًا"، حيث وصف الناشط علي طه في تدوينة على حسابه في "فيسبوك" إن "البصرة تغضب على نار هادئة، فإذا حان حينها ستأكل الأخضر واليابس على رؤوسكم".
وفي سياق "العتب" على شيوخ العشائر، أكمل طه، إن "هذا السكوت عن قتلتنا أيتها البقرات المقدسة، يامن تسمون بعقلاء القوم ووجهاء المجتمع، هو الفتنة بحد ذاتها، وسيؤدي لفتنة الغضب الشعبي بنحو مضاعف قريبًا، تلاحقوا دمائنا من مخالب السلطة وإلا اسكتوا حين تتعرض مصالحكم للتهشيم لو غضبت البصرة ثأرًا لأبنائها الذين تقتلونهم بتضامنكم الضمني والصريح مع السلطة".
وفي إطار تصعيدي، أطلق ناشطون بصريون على مواقع التواصل الاجتماعي، وسمًا آخر، أمهلوا فيه المحافظ أسعد العيداني 48 ساعة لتقديم استقالته، تحت وسم "#اقالة_أسعد_العيداني_مطلبنا".