تقرير صادم من “منظمة العفو الدولية ” يدين السلطات العراقية: قذفوا متظاهرين من فوق الجسر!

تقرير صادم من “منظمة العفو الدولية ” يدين السلطات العراقية: قذفوا متظاهرين من فوق الجسر!

متابعة الاحتجاج
أحصت منظمة العفو الدولية مقتل اثني عشر متظاهراً خلال الأسبوع الماضي، إثر لجوء السلطات العراقية الى “العنف” مجدداً في كل من بغداد والبصرة. وتحدث تقرير المنظمة عن عمليات قتل و “سحل” وإعدامات، ومداهمة أحياء سكنية وفقاً لشهود عيان.

وحذرت منظمة العفو الدولية من أن إفادات شهود العيان المروعة وتحليلات مقاطع الفيديو التي تم التحقق منها من قبل المنظمة، تؤكد أن قوات الأمن قد استأنفت حملتها للعنف المميت ضد المحتجين السلميين، إلى حد كبير، في بغداد ومدن بجنوبي العراق.

وأدناه نص التقرير:
“شهدت حملة قمع الاحتجاجات المتجددة في الفترة من 20 إلى 22 يناير/كانون الثاني مقتل 10 أشخاص على الأقل، في بغداد والبصرة وكربلاء وديالى، وفقاً للمفوضية العراقية العليا لحقوق الإنسان، بينما أبلغ الناشطون في البصرة عن مقتل شخصين آخرين أمس. أُصيب العشرات وأُلقي القبض عليهم، وتعرض بعضهم للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة في الحجز.
وقد تحقّق مختبر أدلة الأزمات التابع للمنظمة من مقاطع فيديو من عدة أماكن اضطرابات في الأيام الأخيرة، مما يؤكد أن الذخيرة الحية تُستخدم مرة أخرى ضد المحتجين العزل، ولوحظ أول استخدام لقنابل الغاز المسيل للدموع العسكرية القاتلة منذ نوفمبر/تشرين الثاني.
وقالت لين معلوف، مديرة البحوث للشرق الأوسط في منظمة العفو الدولية: “يشير هذا الدليل، الذي يبعث على القلق، إلى أن قوات الأمن العراقية قد استأنفت حملتها القمعية المميتة ضد المحتجين الذين يمارسون ببساطة حقوقهم في حرية التعبير والتجمع السلمي. وهذا التصعيد الأخير إنما هو إشارة واضحة إلى أن السلطات العراقية ليس لديها أي نية على الإطلاق لوضع حد حقيقي لهذه الانتهاكات الجسيمة. فيجب أن يتوقف فوراً استخدام القوة المميتة التي تسعى لإسكات صوت المعارضة. كان لدى السلطات أشهر لتغيير المسار بعيداً عن استخدام القمع العنيف. فلدى المحتجين الحق في أن يتوقعوا أن تقوم قوات الأمن بحمايتهم – لا أن تقتلهم وتشوههم بشكل تعسفي”.

إطلاق الذخيرة الحية
ووصف شابان قابلتهما منظمة العفو الدولية مشاهد مروعة وقعت في 21 يناير/ كانون الثاني على طول طريق محمد القاسم السريع في بغداد، على بعد حوالي 1.2 كم شمال شرقي ساحة التحرير، وهي نقطة محورية للاحتجاجات منذ أكتوبر/ تشرين الأول.
وصف أحدهما ما حدث عندما تدخلت قوات الأمن: “توفي [ثلاثة محتجين] لأنهم أصيبوا بطلقة في رأسهم. كان بعض المحتجين على الطريق السريع، وكانت هناك اشتباكات مع قوات الأمن. استخدمت قوات الأمن الذخيرة الحية ضد المحتجين لتفريقهم من الطريق السريع، وفي بعض الحالات، أمسكوا المحتجين من أذرعهم وألقوا بهم من فوق الجسر. ويقع الطريق السريع على ارتفاع حوالي خمسة إلى سبعة أمتار عن الأرض”.
وقام مختبر أدلة الأزمات التابع لمنظمة العفو الدولية بتحديد الموقع الجغرافي لمقاطع الفيديو المتعددة، التي تصور بعض الأحداث فوق الجسر على طول الطريق السريع، في 21 يناير/كانون الثاني، والتحقق من صحتها. ويُظهر أحد مقاطع الفيديو بوضوح مركبات متعددة تحمل شعار قوات السوات (SWAT) التابعة إلى رئيس الوزراء.

الغاز المسيل للدموع يستخدم للقتل لا لتفريق المحتجين.
تظهر العديد من مقاطع الفيديو من طريق محمد القاسم السريع فوق الجسر رجال ملثمون، يرتدون زياً موحداً، وهم يطلقون قنابل الغاز المسيل للدموع مباشرة على رؤوس المحتجين من مسافة قريبة، في 21 يناير/كانون الثاني. وقد سبق لمنظمة العفو الدولية أن وثقت كيف أن هذا التكتيك، الذي يستخدم قنابل الغاز المسيل للدموع والقنابل الدخانية من الطراز المستعمل من قبل العسكر التي صنعت في إيران وصربيا، قد تسبب في قتل عشرات المحتجين في أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني. ومما يبعث على القلق، أن مصوراً عراقياً قد صوّر أحد المهاجمين على شريط فيديو وهو يرقص، على ما يبدو، رقصة النصر بعد إطلاق النار على المحتجين أدناه.
وقال أحد المحتجين الذين كانوا متواجدين هناك، في 21 يناير/كانون الثاني:
“رأيت أحد أفراد مكافحة الشغب يطلقون النار على عبوة غاز مسيل للدموع على وجه فتى. فتى صغير جداً في السن. كان على بعد متر أو مترين فقط عندما أطلق عليه [أفراد مكافحة الشغب] النار على وجهه. لقد كان أمراً مروعاً للغاية. كعملية إعدام. وكانت تلك لحظة فوضى. اعتقدت أنه قد مات بالتأكيد لكنه نجا، إلا أنه في حالة حرجة. وتوفي صبي آخر أمس عندما أصابته عبوة في رأسه، لكنني لم أر ذلك بعيني”.
وقد التقطت مقاطع فيديو متعددة ذات محتوى عنيف، تم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي، اللحظات التي تم فيها تجميع ضحايا هذه الهجمات في مركبات توك توك وتم نقلهم بعيدًا عن مكان الحادث.
ووفقًا لأدلة الفيديو وإفادات الشهود، فقد احتجزت قوات الأمن امرأة مُسعفة شابة كانت تساعد المحتجين المصابين قبل إطلاق سراحها في اليوم التالي.

غارة مسلحة على الحي السكني
في أعقاب أعمال العنف التي وقعت في وسط بغداد، في 21 يناير/كانون الثاني أخبر شاهد عيان منظمة العفو الدولية كيف، في ذلك المساء، قام أفراد من الفوج الرئاسي بمطاردة المحتجين عبر شوارع الدورة، وهي حي سكني وتجاري على بعد عدة كيلومترات جنوبي وسط المدينة.
وقال شاب شارك في الاحتجاجات هناك، منذ أكتوبر/ تشرين الأول، لمنظمة العفو الدولية: تلقت قوات الفوج الرئاسي عند الحاجز الرئيس هناك دعماً. شاحنة ممتلئة… كان جميعهم قد أصبح مسلحاً عندها، وبدأوا بإطلاق النار في الهواء، وملاحقة الناس. ضربوا الناس وسحلوهم بعيداً. صبية صغار جداً في السن. بدأنا في الركض في شارع التوما. هناك مقاهٍ وصالة رياضية، وبدأ الناس يركضون إلى المتاجر. لاحقوهم إلى المتاجر وسحلوهم بعيداً. كما قاموا بسحل أي شخص في المتجر حاول مساعدة المحتجين. وبدأوا يأخذون الهواتف من أشخاص يصورون، ويسحلون أي شخص قاوم تسليمهم الهاتف
لقد تحققت المنظمة من لقطات صورت من الدورة تؤكد إطلاق قوات الأمن الذخيرة الحية على المحتجين الفارين بعد حلول الظلام، في 21 يناير/ كانون الثاني.

حملة دامية في البصرة
وصف نشطاء في البصرة كيف قامت قوات الأمن بتفريق المحتجين بصورة عنيفة، بما في ذلك عن طريق الضرب المبرح، وإطلاق الذخيرة الحية، يومي 21 و22 يناير/كانون الثاني.
وقال أحد النشطاء الذين يقدمون الإسعافات الأولية للمحتجين: “كانت قوات الأمن تستخدم أقسى وأقذر الوسائل للتعامل مع المحتجين، واستمر الضرب لفترة طويلة حتى تمزقت ملابسهم [المحتجين] وفقد بعضهم الوعي، ثم نقلتهم إلى مؤخرة مركبات “قوات الصدمة” [قوات الأمن التي تتخذ من البصرة مقراً لها التابعة لوزارة الداخلية].”
شاهدت المنظمة أدلة فوتوغرافية على وجود جروح خطيرة على ظهر أحد المحتجين، بما يتفق مع الضرب الذي يمكن أن يصل إلى حد التعذيب. وقد ظهر شريط فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، تم تصويره، على ما يبدو، بالقرب من مديرية شرطة المعقل، حيث يمكن سماع صرخات المحتجين.
وقال أحد المحتجين في البصرة لمنظمة العفو الدولية كيف تصاعدت الحملة القمعية العنيفة في الأيام الأخيرة مع وصول مجموعة من مختلف قوات الأمن لتفريق الاحتجاجات:
“كانوا يحاولون تفريق الاحتجاجات، بل كانوا يحاولون تفريق أي نوع من التجمعات باستخدام القوة المفرطة. لقد شاهدت العديد من الحالات حيث كانت قوات الأمن تسحل الناس على الأرض وتضربهم. وكان البعض منهم دون السن القانونية، في عمر 14 أو 15 سنة كحد أقصى. عندما كان المحتجون الذين تعرضوا للضرب يعودون إلى المنطقة الرئيسية للاحتجاجات، كانوا يحملون آثار الضرب بالهراوات والعصي على أجسادهم”.
ووصف أعمال عنف شديد ارتكبتها قوات الأمن خلال ليلتي 21 و22 يناير/كانون الثاني، باستخدام مجموعة متنوعة من الأسلحة الفتاكة والأقل فتكاً: “خلال الليلتين الماضتين، كان هذا هو نفس النمط، حيث تأتي قوات الأمن من الساعة 11:00 حتى الساعة 12:00 عندما يكون عدد المحتجين أقل، ويبدأون في إطلاق النار، كما لو كانوا يأتون لمجرد قتلنا.
وقد تحققت منظمة العفو الدولية من أشرطة فيديو تُظهر قوات الأمن وهي تطلق ذخيرة حية في البصرة، وشخص مصاب، على ما يبدو، يُحمل على طول شارع دينار، في 21 يناير/ كانون الثاني.
واختتمت لين معلوف قائلة: “يجب وضع حد لهذا النمط البغيض من القتل العمد والتعذيب والقمع، دون أدنى تأخير”.
وقد قّتل الآلاف من العراقيين بصورة غير قانونية، أو تعرّضوا لإصابات أو للاحتجاز التعسفي خلال الأشهر الأربعة الماضية. ويجب على السلطات العراقية كبح جماح قوات الأمن بصورة عاجلة، وعزل المسؤولين عن ارتكاب الانتهاكات الجسيمة، وبدء تحقيقات شاملة ومستقلة تهدف إلى إجراء عملية المساءلة وتقديم التعويض للضحايا وأسرهم. إن العالم بالمرصاد. وينتظر تحقيق ذلك”.