حكاية شهيد..الطفلة التي روت بدمها انتفاضة تشرين

حكاية شهيد..الطفلة التي روت بدمها انتفاضة تشرين

 ماس القيسي
أداة سفك الدم لا تميز بين كبير وصغير، او غني وفقير، فكيف لها ان تميز براءة اطفال لم تتسن لهم بعد معرفة ماهية الحياة وغرابتها، لم ينضجوا بعد ليعلموا ان حرية الانسان باهظة الثمن، وليس بمقدور النقود ان تجلب سعادتهم حين يكبرون كما تبتاع الدمى، قد انتهى وقت اللعب يا صغيرتي،

لا يمكن بعد الان ان تمرحي بين ظلال الأشجار في متنزهات مدينتك، فقد اعمى نور الشمس بصيرة من لا يبصر براءتك، ماذا عن فروضك المدرسية هل تركت معلقة؟، ام ستكملين مسيرتك التعليمية بعيدا، حيث السلام حيث لا دم ولا اشرار.
آيات محمد، اول طفلة شهيدة في النجف الاشرف، زهرة اقتطفتها ايادي الغدر من بستان ثورة تشرين بتاريخ 1/12 /2019، الأطفال الصغار ليسوا بمعزل عن القضايا التي تدور من حولهم، فهم يسمعون اطراف الحديث في جلسات الحوار لدى اسرهم، وفي المدرسة حين يأتي زميل لهم ويقول كلمة، مبتهجا بسماعها من أخيه الأكبر او شاهدها على التلفاز، او في مقطع تصويري على وسائل التواصل، بغض النظر عن مدى سلبية ان يتعاطى الأطفال هذه المواد المليئة بما لا يناسب أعمارهم ومستوى وعيهم، لكنها الحياة بتعقيداتها وتطورها السريع تضعهم في موقف يصارعون فيه براءتهم ليخوضوا في قضايا الكبار، ومنها قضية وطن يقرؤون عنه في كتب المدرسة لكنهم لم يلمسوا أي شيء منه، فبات من شأنهم معرفته من تاريخ يتحدث عنه من يكبرهم سنا وعقلا، عسى ولعل ان يرتكز لديهم مفهوم الوطن بمدلوله الصحيح الحاضن لأبنائه الراعي لهم. حين قامت ثورة تشرين المجيدة للشعب العراقي في مطلع أكتوبر الماضي، ارتبط اسمها بالجلال والعظمة لكونها عراقية بحتة دون نزعة عرقية او دينية، مما اقتضى من خفافيش الظلام ممن لا يريدون من الأرض ان تبصر نور الحياة وتستنشق عبير الحرية، ان يقضوا عليها بشتى السبل دون اكتراث لأي معيار انساني، فلم يسلم منهم لا كبير سن ولا عليل ولا امراة حامل! ولا حتى طفل صغير. كجرافة تقتلع بطريقها كل شيء حتى أصغر النبتات. زهرات البستان الصغيرة الناعمة قد لا ترى بالعين المجردة، وهي تختبئ بين اغصان الشجيرات، ولكن يعي كل منا تماما بان أي فعل دنيء سيرتكبه من لا يحب الحياة بحق الطبيعة سيلحق الضرر بتلك الزهور النامية أيضا، ولا نستبعد انه متيقن من ذلك ولديه النية في القضاء عليها، تجنبا لنموها ما قد يشكل كابوسا لدى محبي الموت، من رؤية حديقة تزهو بزهورها!.