حكـــايــة شهيــد..عبادي الأسدي، وحكاية بطل انتصر في معركتي داعش وتشرين

حكـــايــة شهيــد..عبادي الأسدي، وحكاية بطل انتصر في معركتي داعش وتشرين

 ماس القيسي
"أبا حشد"، الذي أنجب حشده الصغير للحياة، كي يكبر يوماً و يرفع هامته صوب المجد وهو ينادي " أنا وليد معركة أبت أن ترحل عن سوح الوغى دونما انتصار، ولو سمح القدر لوهبني أخاً يحمل اسم (تشرين) حيث قاتل أبي حتى آخر قطرة دم"، لكن قدر الله أن يهب المجد لعبادي بروح تشرين قبل أن تلد! وما شاء فعل، إذ رحل حاملاً وسام شرف معركتين.

عبادي حسن زوير الأسدي. من مواليد ١٩٩٥، يسكن في منطقة الجبايش من مدينة الناصرية في محافظة ذي قار، لم يكمل دراسته، عاطل عن العمل ويعود لأسرة فقيرة الحال، متزوج ولديه طفلان، التحق بهيئة الحشد الشعبي ليدافع عن أخوته وأخواته من داعش الأسود في الموصل، وقاتل لمدّة أربع سنوات ضد التنظيم الإرهابي "داعش" وبعد الانتهاء من معركته ضد الخفافيش السود، انتقل الى معركة أخرى وهي معركة الإصلاح ضد الفساد والتي تواجه عدو أشدّ بطشاً وجرماً من المعركة الأولى التي خرج منها منتصراً.
روح متفانية قدمت نفسها قرباناً للوطن مرتين فعاد من الأولى سالماً مزهواً بالانتصار، ووهب دماءه للثانية بغية نيل الشهادة، رغم قسوة الحياة التي لم تثنه عن التضحيات، ويقول بلال أحد المعتصمين الأبطال في ساحة الحبوبي في الناصرية الأبيّة: (عبادي من عائلة فقيرة جداً، عاطل عن العمل، لكنه يعمل عامل بناء بأجر يومي بين الحين والحين، متزوج وله ولد وبنت، فلا يقدر على إعالة عائلته، ويعينه مادياً والده الذي لا يملك سوى محلّاً صغيرا يقيهم من الجوع". تمثل معركة عبادي ابن الناصرية ضد إرهابيي داعش قضية وطن صارع قوى الجهل والتعصب والوحشية البشرية، وبهذا يعقب بلال قائلاً:" سمّى عبادي ولده 'حشد' عندما كان يقاتل المجرمين الدواعش في صحراء الموصل، وبمجرد إعلان الانتصار على داعش ترك الحشد بعد فسخ عقده وعاد لمنزله، ليشارك في المظاهرات والاعتصامات". ما إن غادر ساحات القتال المشرف منتصراً حتى عاد ليقاتل من جديد ولكن ضد عدو داخلي هذه المرّة!
أخذ عبادي على عاتقه حماية خيم المعتصمين في الحبوبي كما حمى ساتره في ساحة المعركة الأولى، وبهذا الشأن يقول بلال مستأنفاً:" وفي إثر الهجمة الأخيرة فجر يوم ٢٧ من كانون الثاني دخلت قوة مسلحة من الملثمين إلى ساحة المعتصمين " الحبوبي" وقاموا بحرق الخيام ورشقوا المعتصمين بالرصاص الحي، وقف عبادي آنذاك وصدهم دفاعاً عن نفسه وعن أرواح المعتصمين، (فبشرع الله والقانون، لا تعتبر جناية ولا جريمة ولا ذنب في حالة القتل دفاعاً عن النفس)" مؤكداً على شرعية وأحقية ما قام به عبادي بوجه القوة الشرسة التي هاجمتهم ويعقب بقوله:" أصيب بجروح بفعل الرصاص الحي الأمر الذي منعه من الانسحاب، وعند تقدم الملثمين، قاموا بإعدامه بإطلاق الرصاص عليه فسقط شهيداً، وهو يدافع عن خيام إخوانه من المعتصمين السلميين"
استشهد عبادي الثائر المقاتل بكل ما أوتي من إيمان بقضية ثورته رافعاً راية الوطن وهو يناضل حتى آخر رمق في سبيل حماية قلاع الأحرار، وقد شيع في ٢٧-كانون الثاني-٢٠٢٠ من قبل أهالي الناصرية راثيه بـ "كفلة" تقول: "اشهد يا عبادي بكلهن، حامي الساتر والخيمات"، وقاموا بفرش مكان إعدامه وسقوطه، بالعلم العراقي محاطاً بالشموع والزهور.