البصرة تعود الى عالم الاعمال

البصرة تعود الى عالم الاعمال

* ترجمة / عبدالخالق علي
كانت البصرة الفتيلة القاتلة في فترة مابعد سقوط صدام عام 2003. حيث ان القتال بين المليشيات قد ارعب سكان هذه المنطقة البالغ عددهم ثلاثة ملايين نسمة , و كانت الخدمات معدومة. اما الان فان هذه المدينة , التي كانت مهجورة يوما ما , تعج بالسكان و الضيوف الذين يتسوقون الملابس و يتناولون الايس كريم في ساعات المساء , بينما رجال التطوير يضعون اموالهم في مشاريع اعادة الاعمار حتى قبل ان يخطط الجيش الاميركي للانسحاب في نهاية العام.

في آخر اشارة للتقدم , اعلنت لجنة استثمار البصرة بانها ستصدر 19 ترخيص استثمار جديد للشركات المحلية و الاجنبية بقيمة 174 مليون دولار. تتوقع اللجنة منح ما قيمته 3 مليارات دولار في مشاريع تطوير على مدى السنتين القادمتين - بناء مساكن جديدة و محطات طاقة كهربائية و مدارس و طرق و غيرها بعد فترة طويلة من توقف الاستثمارات. هذه الانتقالة تؤشر كيف ان البصرة قد خرجت من الايام المظلمة قبل سنوات قليلة , كما ان اغلب السكان متفاءلون بشأن الانسحاب الاميركي في كانون الاول.
ان عودة صناعة النفط العالمية قد ولّدت ثقة متزايدة بان العراق قد اكتسب قوة كافية تمكنه من اجتياز موضوع مغادرة القوات الدولية نهاية العام. كما ان ذلك زاد من منظور فرص الاستثمار في مشاريع الاسكان و النقل و غيرها من القطاعات التي يمكن ان تضع رؤوس اموالها في موقع البصرة القريب من حقول النفط العراقية.
عقد حوالي 35 من رجال الاعمال البريطانيين في آذار مؤتمرا مع غرفة تجارة البصرة لتقدير حجم فرص الاستثمار في مستقبل البصرة. مع ذلك فما زالت هناك بعض التحديات مثل الفساد الحكومي و صعوبات استحصال تاشيرة الدخول بالنسبة للعاملين الاجانب و الافتقار الى الرحلات المباشرة الى المدن الاوربية الكبيرة , كما ان الكثيرين قلقون من الوضع الامني في هذه الايام.
احد امثلة التغيير السريع في البصرة هو اصلاح معسكر بوكا – السجن الذي كان يديره الجيش الاميركي -. في بداية هذه السنة , حيث منحت لجنة استثمار البصرة مشروعا بقيمة 245 مليون دولار لتحويل المنطقة الى مركز تجاري. قامت القوات الاميركية ببناء سجن بوكا عام 2003 على الحدود الكويتية كمعتقل للارهابيين من كل انحاء العراق. و بعد ان وجهت مجاميع حقوق الانسان لهذا السجن اتهامات بالاساءة , تم اغلاقه في ايلول 2009. قال حيدر علي فاضل , رئيس لجنة استثمار البصرة , " لقد تم منح المشروع الى مجموعة تضم شركاء من الكوفة و شركة شمال الخليج. و بمشيئة الله فان البصرة سوف تزدهر و تجتذب رجال الاعمال الاجانب ".
و لكون البصرة هي مركز صناعة النفط العراقي منذ زمن بعيد , فان النفط قد انتقل الى المرحلة العملية بعد فترة من التردد بعد الحرب. العراق يامل مضاعفة انتاجه عن المستوى الحالي البالغ 2,6 مليون برميل يوميا , حيث تاتي التنمية من حقول النفط الكبيرة التي لا تبعد عن البصرة اكثر من ساعتين.
شركة النفط البريطانية بي ال سي التي تقوم بتطوير اكبر حقول النفط العراقية , الرميلة , قد وظفت اكثر من 3000 عراقي و تخطط لمضاعفة هذا العدد في السنوات القادمة. شركات النفط العملاقة الاخرى , بينها شركة شل الهولندية الملكية و اكسون موبيل و ايني الايطالية , تخطط لبناء قاعدة معسكرات جماعية بالقرب من البصرة. عشرات العراقيين يقفون في الطابور لتقديم طلبات العمل التي تمتد من السواقين الى مهندسي النفط.
محافظة البصرة تستلم حصة مناسبة من ايرادات النفط من الحكومة المركزية. و رغم ان مبيعات النفط تتم ادارتها من قبل الحكومة المركزية في بغداد فان البرلمان قد مرر قانونا عام 2009 يمنح البصرة دولارا واحدا عن كل برميل يتم تصديره من نفط البصرة. و بما ان 1,7 مليون برميل نفط يتم تصديرها من البصرة كل يوم , فان هذا يعني ان محافظة البصرة تحصل على 1,70 مليون دولار في اليوم , او حوالي 51 مليون دولار كل شهر. و يقول السيد فاضل ان البصرة ستحتضن المزيد في السنين القادمة في ضوء الحاجة الى مساكن جديدة و محطات طاقة و مدارس و طرق و غيرها.
مع هذا فالبصرة لاتزال تواجه بعض التحديات المهمة التي يمكن ان تقيد مستقبلها. يقول صبيح الهاشمي الذي يرأس جمعية رجال الاعمال في البصرة , ان شركات الاعمال تواجه مصاعب في استحصال تاشيرة الدخول و الكثير من الخطوط الحمراء في التعامل مع دوائر الدولة. كما ان عدم توفر رحلات جوية مباشرة الى بغداد من لندن و باريس و غيرها يعتبر من المشاكل المهمة ويضطر المسافرون الى تغيير الطائرات في الكويت و دبي او عمان. لكن شركات الاعمال المحلية متفائلة بعد تعديل قانون الاستثمار بداية هذا العام من قبل البرلمان العراقي و الذي يسمح للاجانب بامتلاك الارض.
قانون الاستثمار الجديد يستثني المستثمرين في بعض المشاريع من ضريبة الشركات و من اجور فترة العشر الى خمسة عشر عام , و من اجور استيراد التجهيزات المطلوبة لمدة ثلاث سنوات. و يحق للشركات استخدام عمال اجانب , عند الحاجة , و اعادة الاستثمار و الارباح الى اوطانهم.
يقول زاب سيثنا , الذي يشرف على تحويل سجن بوكا الى مجمع تجاري , ان التحديات في البصرة تحت السيطرة بالمقارنة مع اجزاء اخرى من العراق. و يضيف " هناك فساد في مناطق اخرى من العراق لكننا لا نرى ذلك في البصرة , و بينما هناك قلق امني في مناطق العراق , فاننا لا نعاني من ذلك في البصرة , حيث ان القوات الامنية المحلية متعاونة و تؤدي واجبها بشكل جيد ".
تتوقع شركة شمال الخليج بان المجمع سيوفر مخازن و تجهيزات خدمة لشركات النفط العاملة في البصرة و المناطق المحيطة بها. يقول السيد سيثنا " احدى فوائد المجمع هي الحالة الجيدة للطرق و المباني و منظومات المياه. لقد اسس الاميركان بنية تحتية جيدة جدا في هذا المرفق ".
* عن / وول ستريت جورنال