خطاب المرجعيَّة

خطاب المرجعيَّة

 لؤي خزعل جبر
مَن الذي يستجيب لخطاب السيد السيستاني ؟
"توجيهات / فتاوى / خطابات المرجعيَّة" شعارٌ كبيرٌ يرفعه الإسلامويون الشيعة، مِن سياسيين وقادة أحزاب وتيارات وجماعات، في محاوَلةٍ لإيهام البُسطاء مِن الناسِ بأنهم يستمعونَ لما تقوله المرجعيَّة ويلتزمون به ! ..الواقِع يكذبهم، والتحليل يكذبهم ...

الواقِعُ يقول بأنَّ المرجعيَّة – على مدى سنواتٍ طويلَة – طالَبَت بعشراتِ المطالِب، وقالَت وكررت وصرخَت، ولا مِن مُستمِع، نعم، (1) يستجيبون عندما تنسجم مع متبنياتهم ومصالحهم، وهم بذلك لا يستجيبون – في الحقيقة – للمرجعيَّة، بل لمتبنياتهم ومصالحهم، كما حدث في فتوى الجهاد الكفائي، و(2) يستغلون كلماتِ ورمزيَّة المرجعيَّة في تأسيسات وممارساتٍ فاسِدة، و(3) يُعلنونَ – لفظياً – استجابتهم، بينما – فعلياً – يعملون بالخِلاف، و(4) يؤولون كلمات المرجعيَّة – بطريقة تعسفيَّة – لتتناغَم مع طروحاتهم وسلوكياتهم، كما حدث في لحظات ومواقف تاريخية سياسية متعددة .
التحليل يقول بأنَّ المرجعية الشيعية ترتبِطُ بالتقليد، ففتاوى المرجع تسري على مُقلديهِ فقط، ولا يجوزُ لغير مقلديهِ العملُ بفتاواه، كما لا يجوز لمقلديهِ العمل بفتاوى غيرِه، إلا إذا صدرت على نحو الأمر الولائي مِن الولي الفقيه في سياق ولاية الفقيه، وليس كذلك السيد السيستاني، فهو لا يؤمِن بولاية الفقيهِ، ففتاواه لا تُلزِمُ إلا مُقلديهِ، وليسَ هناك مَن يقلده في الأحزاب والتيارات والجماعات الشيعية المُهيمنة، فهي تقلد مراجِع آخرين، كالصدر والحائري، وقد ترجِعُ إلى ولاية الخامنئي، ففقهياً كلامُهُ غير ملزِمٍ لهم، وأما فكرياً وسياسيَّاً، فمرجعيَّاتهم ذات توجُّهات تختلفُ كثيراً عن توجُّهاتهِ، وتاريخياً، هناكَ ليس فقط اختلاف فقهي وفكري وسياسي فقط، بل عِداء مع السيد السيستاني، وتشكيكٌ حتى باجتهادِهِ، فضلاً عن أعلميَّته، فضلاً عن مرجعيَّته، ولسنا بغائبين عن ذلك التاريخ، فهو قريب، ونحن نعلم مقدار الانتقادات والتجاوزات والصورة السلبية المكرسة عن مرجعية السيستاني عندهم، ولذلك من المُضحِك أن نجدهم اليوم يتمسحون بِهِ، ويتباكون عليهِ، وما ذلك إلا انتهازيَّة يُمكِن أن تخدَع بسطاء الناس، ولكن يستحيل أن تخدع المُطلعين على السياق الحوزوي، فضلاً عن العارفين بتفصيلاتِهِ !!!!
ولذلك ليس بغريب هذا الاستخفاف بخطاباتِهِ، والضربِ بتوجيهاتِهِ عرض الجِدار، والصمم عن الاستماعِ لمطالباتِهِ، فهي – في الحقيقة – ليست بذاتِ قيمة عندهم، فقهياً وفكرياً وسياسياً وتاريخياً !!