تقرير:ضرورة تطوير سياسات حضرية جديدة لتحسين الظروف المعيشية لسكان بغداد

تقرير:ضرورة تطوير سياسات حضرية جديدة لتحسين الظروف المعيشية لسكان بغداد

بغداد / متابعة المدى الاقتصادي
دعا تقرير صادر عن الأمم المتحدة الحكومة العمل في إطار من التعاون مع كل من المنظمات غير الحكومية العراقية، ومؤسسات المجتمع المدني، والأمم المتحدة والشركاء الدوليين من أجل تطوير سياسات حضرية جديدة لتحسين الظروف المعيشية اليومية في بغداد.

وذكرت مصادر إعلامية مطلعة ان التقرير أعد بتعاون مشترك ما بين منظمة الهجرة الدولية، وبرنامج الهابيتات، وبعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي)، مشيرة الى انه يسلط الضوء على مظاهر النزوح والتقسيم التي شهدتها المدينة جراء الصراع، إلى جانب تسليط الضوء على صعوبة الحصول على الخدمات الأساسية بين الأفراد النازحين داخلياً، والمجتمعات المضيفة، والأفراد العائدين من النزوح.

وقالت المصادر ذاتها ان التقرير أطلق خلال الزيارة التي قام بها المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (الهابيتات)، خوان كلوس، إلى العراق، بمرافقة نائب الممثل الخاص للأمين العام في العراق، كريستين مكناب، وخلال زيارته الأولى لبعثة ميدانية، عقد كلوس العديد من الاجتماعات مع كل من رئيس الوزراء نوري المالكي، ووزير الإعمار والإسكان، محمد صاحب الدراجي، ووزير التخطيط، علي يوسف عبد النبي شاكر.
وأضافت المصادر ان الحكومة العراقية وبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (الهابيتات)رفعت مذكرة تفاهم للتعاون في تنفيذ سياسة الإسكان الوطنية في العراق، وبخاصة في ما يتعلق بتنفيذ الجوانب الخاصة والموجهة لدعم الشرائح الفقيرة ضمن هذه السياسة، بما في ذلك ترقية الأحياء الفقيرة، وتنفيذ برامج الإسكان الخاصة بكل من الشرائح الفقيرة والضعيفة، وتحسين سبل الحصول على التمويل اللازم للأراضي والمساكن، وسن القواعد والمعايير المنقحة والخاصة بعمليات إنشاء المساكن من أجل عكس المستويات الراهنة للقدرة على تحمل التكاليف، وقد تم توقيع مذكرة التفاهم يوم الثلاثاء الماضي بحضور رئيس الوزراء نوري المالكي.
و أشار المدير التنفيذي لبرنامج الهابيتات، خوان كلوس، إلى وجود 70 في المائة من العراقيين ممن يعيشون في المدن، كما أن هذا العدد آخذ في التزايد وبخاصة خلال السنوات الخمس الماضية نتيجة هجرة أعداد كبيرة من الأفراد النازحين داخلياً إلى المدن مثل مدينة بغداد. إلا أن اعتماد خطط حضرية جديدة يمكن أن يمثل حلاً مستقبلياً لتحسين ظروف الحياة اليومية للمواطنين العراقيين، حيث أن المدن التي تتسم بآليات سليمة في مجالات التخطيط والإدارة تمثل مراكز للنمو الاقتصادي وخلق فرص العمل.
وفي سياق الحديث عن التحديات التي تواجه مدينة بغداد، أشارت نائب الممثل الخاص للأمين العام في العراق، كريستين مكناب بالقول:الى إن الوضع السكني الراهن في مدينة بغداد لا يعكس فقط الآلام المتزايدة للمدن على المستوى العالمي، بل أنه يعكس أيضاً الأشكال الأخرى غير الاعتيادية للضغوط التي شهدتها المدن في مختلف أنحاء العراق والناجمة عن سنوات الصراع، والعقوبات وعمليات النزوح. كما بات ذلك يشكل في الوقت الراهن أحد أبرز التحديات التي تواجهها الحكومة العراقية وأكثرها إلحاحاً.
إضافة لذلك، فقد شهدت مدينة بغداد أشد تأثيرات العنف والصراع الداخلي، مما نجم عنه خسائر بشرية تقدر بعشرات الآلاف، فضلاً عن نزوح أكثر من عشر سكان المدنية والتي تبلغ كثافتها السكانية نحو السبعة ملايين نسمة. من جهة أخرى، فهنالك العديد من أولئك الأفراد النازحين في مدينة بغداد ومناطق أخرى من العراق ممن يعيشون في ظل ظروف غير مقبولة وفي ظل محدودية فرص الحصول على الخدمات الأساسية أو مصادر الدخل.
و تشير التقديرات إلى وجود نحو 48 ألف أسرة والتي تقطن في المخيمات التي بلغ عددها 136 مخيماً والمنتشرة في جميع أنحاء المدينة. من جانبه، فقد أشار السيد مايك بيلينجر رئيس بعثة العراق في المنظمة الدولية للهجرة بالقول: إن الأسر النازحة والعائدة في بغداد لا تزال تعاني من صعوبات عديدة فضلاً عن الغموض الذي لا يزال يكتنف مستقبلها، ولذلك، فمن الضروري أن نعمل جنباً إلى جنب مع الحكومة العراقية لإيجاد حلول دائمة لهذه الشرائح السكانية الضعيفة.
وأدت مظاهر الصراع والعقوبات المفروضة لفترة تعود إلى ثلاثين عاماً مضت إلى الحيلولة دون التمكن من الحصول على الخدمات الأساسية، أما العجز السكني فقد أدى إلى نشوء مظاهر الاكتظاظ، فضلاً عن عدم توفر إمدادات مياه الشرب سوى لنسبة تقل عن الربع من إجمالي الأسر. علاوة على ذلك، فقد تأثرت الظروف المعيشية لتلك الأسر أيضاً بالانقطاع للتيار الكهربائي ولفترات طويلة. أما فيما يتجاوز هذا النطاق، فقد تم إغلاق أبرز المرافق الترفيهية أو حظرها منذ عام 2003، حيث تحولت المساحات المفتوحة والتي اعتادت الأسر على استخدامها سابقاً إلى مكبات للمخلفات أو لمستنقعات لمياه الصرف الصحي والمياه الراكدة.
على صعيد آخر، فقد شهدت كل من شرائح الشباب والأطفال في بغداد معاناة حقيقية جراء مظاهر الصراع وضعف النظام الاقتصادي، حيث تعرض نحو 13 % من الشباب إلى شكل من أشكال التحرش، أو التهديد أو التهجير، فضلاً عن تفشي البطالة ما بين الشباب والتي تصل نسبتها إلى الربع. أما فيما يتعلق بالضغوط الاقتصادية الناشئة بين الأسر، فإنها تشير إلى اضطرار نحو 11 % من الأطفال التوجه إلى العمل.
بيد أنه وبصرف النظر عن التحديات الناشئة، إلا أنه قد لوحظ تحسن في الظروف بصورة عامة منذ ذروة أعمال العنف في الفترة ما بين الأعوام 2006 – 2007، حيث انخفضت معدلات الخسائر البشرية الناجمة عن الصراع، إلى جانب عودة نحو ثلث الأفراد النازحين إلى ديارهم. كما أن تحسن الظروف الأمنية قد ساهم في تعزيز قدر أكبر من حرية التنقل والترفيه في الحياة اليومية للأفراد.
و واصل كلوس زيارته بعقد اجتماع مع وزراء إقليم كردستان، والذي ضم كلاً من فلاح بكر، وعلي السندي،ونوزاد هادي.
ويعمل برنامج الهابيتات ضمن إطار من التعاون مع نظائره في الحكومة العراقية من أجل تطوير عمليات التخطيط الحضري، ومعالجة القضايا المرتبطة بإمدادات المياه وخدمات الصرف الصحي، والإسكان والأراضي في المدينة، مع التركيز بصورة خاصة على إيجاد الحلول الطويلة الأجل لتحسين الظروف المعيشية للأفراد النازحين داخلياً وللفقراء في المناطق الحضرية.
كما تواصل منظمة الهجرة الدولية مساعيها الرامية لدعم ومساعدة الأسر الضعيفة من خلال عودتهم وإعادة دمجهم، وتحسين سبلهم المعيشية، إلى جانب بناء قدرة السلطات المحلية والوطنية. كما تعمل وكالات أخرى تابعة للأمم المتحدة بالتعاون مع بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) من اجل دعم الحكومة في إيجاد الحلول اللازمة لتلك التحديات وغيرها من التحديات التي تواجه عمليات التخطيط الحضري في جميع أنحاء البلاد.