متابعة الاحتجاج
يواصل آلاف المتظاهرين في بغداد والعديد من المدن العراقية احتجاجاتهم منذ مستهل تشرين الأول/أكتوبر الماضي، مطالبين بانتخابات مبكرة بقانون وطبقة سياسية جديدين، في بلد تعصف فيه المشاكل الأمنية والاقتصادية منذ 2003.
واستطاع الحراك إسقاط حكومة عادل عبد المهدي في تشرين الثاني الماضي، ما أدى الى تسمية محمد توفيق علاوي، الذي لم يعلن إلى اليوم تشكيلته الوزارية، لكنه يقول إنها "ستكون كما طلب المتظاهرون.. مستقلة وذات كفاءات"، وذلك لم يقنع المحتجين الذين عبروا عن رفضهم لتسميته.
عاش المتظاهرون طيلة أربعة أشهر، أياما عصيبة، فقدوا فيها أكثر من 500 ناشط بسبب عنف الميليشيات، إضافة الى الأحداث الدولية التي فرضت نفسها وخطفت الأضواء لفترة طويلة من زمن الحراك.
صمود المتظاهرين ظل متواصلا في الشارع، رغم "محاولات الإجهاض" التي حاول البعض ان يمارسها ضد التظاهرات سواء في بغداد او المحافظات.
وفي ساحات التظاهر، لم يعلن المتظاهرون عن أي قيادات تمثل صوتهم، مما صعب على الأجهزة الأمنية معرفة رؤوس الحراك، وأيضا مصدر دعوات الاحتجاج على مواقع التواصل الاجتماعي. لكن وتيرة الاحتجاجات زادت في الساحات، بسبب ارتفاع حدة حملة القمع الدامي التي تعرضوا لها.
وأمام إصرار المتظاهرين في استمرارهم بالاحتجاج ورفض كل وعود الدولة، يبقى التساؤل: ماذا حقق المتظاهرون حتى اليوم؟
حقق المتظاهرون العراقيون العديد من الأهداف والمكاسب، يقول الناشط المدني في الحراك، أحمد حمادي، عبر "فضح وتعرية أحزاب السلطة ومليشياتها وحصارها في جانب العداء التام لمطالب وحق الشعب في العيش الكريم".
وأضاف الناشط أن "المظاهرات جعلت مشاريع السلطة الطائفية والمحاصصة من الماضي، حيث أن لغة الطوائف والقوميات لم تعد موجودة إلا على مستوى السلطة"، مشيرا إلى أن الجماهير "تجاوزت المحظورات الذي كانت تتعكز عليها السلطة السياسية وشركاؤها".
وفي الجانب الحقوقي، ذكر الناشط، أن أوضاع المرأة "حققت عن طريق الانتفاضة وإصرار المتظاهرين، نجاحات هائلة في مساواة المرأة وإزالة الكثير من الظلم الذي تتعرض له العراقيات، واليوم تقود التظاهرات والمسيرات الطلابية، وتشترك جنبا إلى جنب مع الرجل في العمل على إيصال الانتفاضة إلى نتائجها النهائية".
ومن أهم إنجازات الانتفاضة، يخلص الناشط: "قدرتها على إعادة الثقة للجماهير بأنها صاحبة السلطة وهي قادرة على قلب الموازين على أي سلطة لا تمثل تطلعاتها وأهدافها في الحياة".
وفي جانب آخر، يرى نشطاء في الحراك، أن "إرباك" حسابات الكتل السياسية الطائفية وحصصها في الحكومة، هو مكسب مهم.
محمد الشمري، أحد المتظاهرين في بغداد، يقول إن "إرباك مخططات الأحزاب الطائفية في السلطة وإعادة حساباتها إلى نقطة الصفر، هو في حد ذاته إنجاز كبير للمتظاهرين".
وأشار إلى أن التيارات السياسية الطائفية، حققت مكاسب بشق الأنفس في حكومة عادل عبد المهدي، لكن مع ضغط المتظاهرين واستقالة الحكومة، ضربت مكاسبها في صفر".
وحتى في حالة رغبتها بالعودة في حكومة محمد توفيق علاوي، فسيكون الأمر أمامها صعبا، "من حيث بحثها عن أسماء مستقلة تولي لها الحد الأدنى من الولاء، بخلاف ما كان في الماضي".
وأهم ما حققه المتظاهرون العراقيون منذ أكتوبر، يبقى تلك الرسائل التي بعثها الحراك إلى داخل وخارج العراق.
الكاتب والمحلل السياسي، باسل الكاظمي، قال إن أهم انجازات الحراك، تكمن في "الرسائل القوية" التي بعثها إلى العالم.