حكاية شهيد..حسن السعبري.. أصاب هدفه ليكون حسناً للنجف، كما هو صفاء لبغداد

حكاية شهيد..حسن السعبري.. أصاب هدفه ليكون حسناً للنجف، كما هو صفاء لبغداد

 ماس القيسي
"الاعلام باطل، ضد الثورة" هذا ما صرح به حسن حين قرر ان يغلق صفحته على موقع التواصل (فيسبوك)، حقيقة مؤسفة اشبه بالشمس التي تنتحب من غربال جبروت وطغيان من حول منبر الكلمة الحرة الى منصة سياسية تتاجر بدماء الأبرياء بدلا من إيصال صوتهم.

حسن احمد كريم السعبري، مواليد عام 1996، من أهالي مدينة الكوفة في محافظة النجف الاشرف، طالب في السنة الأخيرة من المرحلة الإعدادية في ثانوية القمة للبنين، لم يكمل مسيرته الدراسية التي حلم ان تصل به ليكون طبيبا، عاطل عن العمل، وينتمي لأسرة ذات دخل متوسط، شاب انيق المظهر، ودود بين رفاقه، حر الفكر بعيد عن النزاعات، ويصبو للعيش في عراق مدني خال من الاحزاب الإسلامية.
واكب حسن تظاهرات اخوته الاحرار في ثورة تشرين منذ انطلاقها في الأول من أكتوبر، ولم يتخل عن ساحة الاعتصام التي عدها منزله لأي سبب، وعن هذا الصدد يقول مصطفى عدنان (صديقه): "احمد كان شديد الخوف علينا، يقضي الليل مستيقظا كي يحرسنا، يردد دائما (الساحة بيتي، لو انكتل بيها لو احميها)". مؤكدا على ايثار حسن ودوره المتفاني في نصرة اخوته الثوار مضحيا بنفسه على الدوام، وتلك هي صفات الاحرار أينما وجدوا.
أصيب احمد بطلق ناري من عيار 7.62 ملم، استقر في رأسه حين كان معتصما في ساحة الصدرين في النجف، في ليلة الأربعاء الدامية التي تعرض يومها المتظاهرون الى هجوم عنيف من قبل عناصر مسلحة مجهولة رسميا! (معلومة جماهيريا) بتاريخ الخامس من شباط 2020، وقد فقد الوعي على إثرها ليدخل في حالة صحية حرجة (غيبوبة)، وصفت بانها ميؤوس منها طبيا، حتى استشهد بعد أسبوع من اصابته، صباح يوم الأربعاء المصادف 12 شباط، وبهذا يعقب مصطفى قائلا: "تمنى حسن ان يصبح شهيد النجف كما هو صفاء شهيد بغداد، وحين سألته عن السبب، أجاب (حب صفاء دفعه ليكون بطلا للثورة، وانا اريد ان أكون كذلك)".
نال احمد الشهادة والبطولة والوسام العراقي المشرف كما أراد، ويستأنف حديثه مصطفى بقوله: "نعم صديقي حسن نال ما تمنى بكل فخر واعتزاز، ونحن هنا سنكمل المسير من بعده لأجل تحقيق مطالبنا ومطالب الشهداء من قبلنا، في تكوين عراق خال من كل اشكال الهمجية، وطن يخلو من أحزاب السلطة والمليشيات التي تقتلنا كل مرة بزي مختلف!" مشددا على ضرورة ان نواصل جميعا حراكنا لأجل ان نصل بعراقنا الى بر الأمان حيث وطن السلام والمحبة. وقد شيع حسن بجنازة مهيبة تليق بعظمته وعراقيته الابية يردد بها اخوته الثوار "هاية رجالك يا وطن هاية، ضحوا بدمهم رفعوا الراية".
يقول حسـن: "الألم ليس في الفراق، بل في المراقبة ما بعد الفراق"، هذا هو حال من يرقبك، من رفاقك واحباؤك، حتى الغرباء نحن ممن لا نعرف عنك الكثير، لكننا أدركنا الأهم من صفاتك وهي عظمتك، بتنا نمر على منبرك لنشاهد كم هو حبك للعراق الذي دفعك لتكون أحد ابطاله ورموزه، شكرا بحجم السماء التي لا تسع نقاؤك، يقولها احرار بلادك، ورسالة حبذا لو تنقلها لرفاقك الشهداء في طريقك وانت محلقا إليهم، نقول فيها: (أنتم السابقون ونحن اللاحقون).