متابعة الاحتجاج
بعد ليلة عصيبة شهدت إصابة متظاهرين وحرق خيم اعتصام، ضمن سلسلة جديدة من أعمال العنف التي تطال المحتجين منذ أشهر، غصت ساحة التحرير بطلبة الجامعات بعد مسيرة رفعت هتافات حماسية.
وأظهرت صور التقطها مصور (الاحتجاج)، حشود المتظاهرين وهي تدخل ساحة التحرير، فيما استقبلهم المتظاهرون بالهتاف والتصفيق.
وتأتي المسيرة في توقيت حرج، حيث دعا ناشطون إلى مساندة المتظاهرين في ساحة التحرير، بعد هجمات تعرضوا لها على "يد عصابات"، بالتزامن مع "تضييق الخناق" على المحتجين من قبل قوات مكافحة الشغب.
ووصل الآلاف في ما يشبه "المليونية الطارئة" دون سابق إنذار إلى ساحة التحرير وسط العاصمة العراقية التي غصت بالشبان والشابات، والأهالي، للتأكيد على استمرارهم في الاعتصام.
وتعالت هتافات الطلاب مؤكدين أنهم "لن يخذلوا الثورة والشهداء"، وأنهم باقون في الساحة دون تراجع. كما صاح آخرون: "طلابية طلابية ضد أمريكا والبعثية، طلابية طلابية ضد إيران الجمهورية". وفي محافظة ذي قار انطلقت تظاهرة كبيرة مطالبة بالإصلاح بالقرب من قسم تربية الناصرية وسط المدينة، كما تم قطع بعض الطرق الرئيسة في المدينة من قبل المتظاهرين احتجاجا على معلومات تشير الى نية القوات الامنية فتح جسر الزيتون المغلق من اربعة اشهر.
وفي محافظة بابل أعلن المتظاهرون استمرارهم بالتظاهرات، مؤكدين عدم التفريط بدماء "الشهداء" ولا خيار دون التظاهرات حتى تحقيق كامل مطالبهم، وسط هتافات تندد بايران وتدخلاتها في تشكيل الحكومة. اما واسط، فقد شهدت توافد اعداد كبيرة من الطلبة، الى مكان الاعتصام وسط المدينة للتعبيرعن دعمهم ومساندتهم للمتظاهرين حتى القضاء على الفساد في الحكومة.
إلى ذلك، خرج المئات من الطلاب في مدينة كربلاء، في مسيرات حاشدة تنديداً بحرق خيم المتظاهرين في ساحة الخلاني. وصدحت أصوات المتظاهرين هاتفين: "فوق الغيم نضع الخيمة!". كما ارتفعت الهتافات منادية المرأة العراقية للمشاركة في التظاهرات.
وطالبت تظاهرات محافظة كربلاء، بتكليف ناشط بارز بتشكيل حكومة جديدة بدل محمد علاوي الذي اختارته الاحزاب الحاكمة ووعد بالاعلان عن تشكيلته الحكومية هذا الاسبوع.
وحمل المتظاهرون صور علاء الركابي الصيدلي المتدرب الذي تحول إلى أحد أبرز وجوه الحركة الاحتجاجية مع قيادته للتظاهرات في مدينة الناصرية جنوب بغداد، مهد الاحتجاجات في جنوبي العراق. وكان الركابي الذي يتابعه عشرات آلاف العراقيين على تويتر وينشر باستمرار تسجيلات مصورة تحظى بمشاهدة واسعة، أطلق مؤخّرا استفتاء بين المتظاهرين في الجنوب وفي بغداد لتحديد ما إذا كانوا يريدونه رئيساً للوزراء.
وقال الطالب سيف الحسناوي إنّه "شارك ليعلن عن تأييده لمرشح الشعب الدكتور علاء الركابي".
كما أكّد الطالب حسن القزويني أن لدى المتظاهرين "مجموعة مطالب بينها رئيس وزراء مستقل وغير تابع لأي حزب هو الدكتور علاء الركابي".
ويرفض المتظاهرون تكليف علاوي، الوزير السابق، باعتبار أنه قريب من النخبة الحاكمة التي يتظاهرون ضدها ويطالبون برحيلها ضمن حركة احتجاجية غير مسبوقة تعرّضت للقمع وقتل فيها نحو 600 شخص.
وكان ناشطون أفادوا مساء السبت، بأن قوة بزي مدني اقتحمت ساحة الخلاني وسط بغداد وأحرقت خيام المعتصمين.
وقد اندلعت نيران في وقت متأخر من مساء أمس الاول السبت، في عدة خيم للمعتصمين قرب نفق السعدون وسط العاصمة العراقية بغداد، ورغم عدم وجود بيان رسمي حول الحادث حتى الآن، لكن متظاهرين اتهموا القوات الأمنية بالوقوف وراءه.
وشوهدت البقايا المتفحمة لإطارات الخيام وغيرها من الحطام بالقرب من ساحة الخلاني. وقال المتظاهر كرار محمد: "لقد أحرقوا الخيام هنا بالأمس ونحن متظاهرون سلميون لم نتسبب في إلحاق الأذى بأي شخص كما ترون هنا". وأضاف: "هذه هي المرة الثانية التي يحرقون فيها الخيم. استغرقت فترة لنصب الخيمة وقاموا بإحراقها ثم نصبت أخرى لقد أحرقوها أيضًا".
وتابع: "الآن أحاول الحصول على خيمة أخرى للمرة الثالثة وسأبقى هنا حتى يستقر الوضع وتصبح بلادنا آمنة من هؤلاء الناس الفاسدين".
ويوم الأربعاء الماضي، أفاد علي البياتي عضو مفوضية حقوق الإنسان بتسجيل 72 حالة اختطاف ضد الناشطين والمدنيين، "تم الإفراج عن 22 منهم، فيما لايزال 50 آخرين رهن الاختطاف".
وأوضح البياتي أن "المفوضية سجلت 22 حالة اغتيال ضد المدونين والناشطين، من أصل 49 محاولة تسببت بإصابات لـ13 ناشطا ومدونا".
وكانت الأمم المتحدة اتّهمت جماعات مسلّحة بالوقوف خلف حملات الاغتيال والخطف والتهديد ضد الناشطين، في محاولة لقمع تحرّكات غير مسبوقة في العراق الذي يحتل المرتبة 16 على لائحة أكثر دول العالم فساداً.
وفي سياق متصل قالت صحيفة الاندبندنت البريطانية إن التوافقات السياسية بين أحزاب السلطة في العراق قد تحمي قتلة المتظاهرين وتتجاهل المطالب الشعبية بمحاسبتهم.
وأضافت الصحيفة في تقرير لها أن التوافقات السياسية في مسألة محاسبة القتلة لن تسمح بالإطاحة برؤوس كبيرة كانت لها اليد الطولى في قمع الاحتجاجات، ولذلك فإن المتظاهرين أكدوا مرارا رفضهم للتوافقات والمحاصصة الحزبية والطائفية التي أتت بكل الحكومات السابقة التي فشلت في تلبية مطالب العراقيين.