حسنين العطوي.. نادته الحرية فهرول إليها مبتسماً، ليرقد بعيداً عن جبروت عبيد الأصنام

حسنين العطوي.. نادته الحرية فهرول إليها مبتسماً، ليرقد بعيداً عن جبروت عبيد الأصنام

 ماس القيسي
"لماذا تبتسم يا صديقي، ماذا رأيت في القبر؟!، هل تعلم ان امك لم توافق على رحيلك؟!، هل تعلم ان بشير لا يبكي لان الصدمة قتلته، لماذا لا تتحدث؟!"، فأجاب "يا صديقي اخبر بشير اني رأيت الحرية لأول مرة فذهبت مهرولاً لها، ولكني لم اكن اعرف اني سأنام بعيداً عن امي، فقد اختارني الله لأنام بجواره".

حسنين عبد الأمير عبد الهادي العطوي، من مواليد عام 1996، يسكن في قضاء الكوفة من محافظة النجف الاشرف، طالب في مرحلة السادس الثانوي العلمي، يعمل في مجال الاعمال الحرة (كاسب)، اعزب، ينتمي لأسرة من ذوي الدخل المتوسط، يهوى الأدب والشعر وبالأخص موضوعات الاخوة والولاء التي يميل لها، مرح بين رفاقه، طيب القلب، يرسم الابتسامة على وجوه الآخرين من حوله، متابع رياضي من الدرجة الاولى، وبهذا يحدثنا مؤمل عبد الامير (اخوه): "قد اسست الكثير من الفرق الشعبية في منطقتنا بطولات تحمل اسمه، واقاموا له العديد من المهرجانات الرياضية تمجيدا له بعد رحيله". اقصى طموحات حسنين العظيمة في مبتغاها، البسيطة في واقعها، ان يصبح جنديا محاربا، وبهذا الصدد يقول مؤمل: "كان اخي يتمنى ان يرتدي البدلة العسكرية، فقد سبق وقدم للتسجيل والالتحاق بشتى الطرق المدنية للتطوع بالجيش العراقي، لكن من دون جدوى"، لم تحقق الهيئة العسكرية حلمه، ولكنه الوطن بكبريائه، من قدم له وسام تلك التضحيات على ارض معركة مشرفة عاري الصدر مسلحا بالعَلَم!. اصطف حسنين في جموع الثوار الاحرار مع قيام ثورة تشرين قبيل اندلاعها للمرة الثانية بتاريخ 25/10/2019، وبهذا الشأن يقول مؤمل: "بقي اخي مرابطا في ساحة اعتصام الصدرين في النجف طوال ايام التظاهرات، ولم يغادرها، ولم يكن ينتمي الى أي حزب او جهة معينة"، مؤكدا على كون اخيه عراقي الانتماء فقط لا غير، تهمة حديثة العهد، تستحق ان يعاقب عليها المواطن لدينا في ارضنا المحتلة!. من سوء حظ حسنين الدنيوي هو تواجده في الليلة الدامية التي ارتقى فيها العديد من الشهداء، حين هاجمت عناصر مسلحة ثوار النجف بدعوى حماية مرقد الحكيم، وعن هذه الحادثة الاليمة يعقب مؤمل: "وصل يومها عدد الشهداء لأكثر من 25 شهيدا، حين قاموا بمباغتة المتظاهرين لأول مرة، وشنوا ضدهم حملة غادرة بإطلاق وابل من الرصاص الحي، ما اسفر عن كل اولئك الضحايا ومنهم اخي حسنين، في يوم الخميس المصادف 28/11/2019"، هكذا ارتقى حسنين شهيدا ليدفع ثمن تحرره من عبودية صنم!، ليكون رمزا للشجاعة يتغنى به احرار النجف، تشهد له جدران مجسرات مدينته التي زينها بريق وجهه.
يقول حسنين على منبره الشخصي: "جميعهم تنافسوا معي، حتى ذاك الذي لم يحفظ نفسه تفاخر، رؤوس خاضعة اصبحت ضدي رجال شرسة!"، يا لها من منافسة وضيعة تلك التي نالت من جسدك، ظنا منها ان الكيان مختزل بجسد بشري، افق منغلق لا يدرك ان الروح تسمو وترتقي غير آبهة بخطيئة ضعف الانسان الذي ينازع من اجل بقاء مؤقت هزيل. وها انت يا ذا الحسنين رحلت مبتسما تاركا رؤوس الخاضعين في طغيانهم يعمهون!.