ناشطون يرفضون استمرار وزير الثقافة بمنصبه في حكومة محمد علاوي

ناشطون يرفضون استمرار وزير الثقافة بمنصبه في حكومة محمد علاوي

 علي فائز
في 16 شباط أصدر الاتحاد العام للأدباء والكتّاب في العراق بياناً، طالب فيه رئيس الوزراء المؤقت محمد توفيق علاوي بأخذ رأيه في مسألة اختيار شخصية وزير ثقافة الحكومة السابقة، فيما بيّن رغبة الاتحاد بالإبقاء على شخصية وزير الثقافة الحالي عبد الأمير الحمداني، وهو مرشح كتلة "صادقون"، الجناح السياسي لعصائب أهل الحق بزعامة قيس الخزعلي، في حكومة عادل عبد المهدي.

وجاء في البيان "السيد رئيس الوزراء المكلف محمد توفيق علاوى المحترم.. نعلمكم في هذه اللحظات الحاسمة من تاريخ العراق السياسي، ومع اشتداد ثورات الساحات العراقية الباسلة، أن الثقافة الوطنية العراقية ذات التاريخ العريق، هي أسمى ما يفخر به المواطن على مر الأزمان، وأن الأحزاب السياسية المتنفذة التي سلبت الشعب حريته في الحياة والعيش الرغيد، عادت بالسوء لتحكم على الشعب المضحي، حين لم تستمع إلى أصوات المتظاهرين، وركنت إلى مصالحها بتسويف تحقيق المراد، ووضعتكَ في مواجهة مهمة تعهّدتَ أنت بأن تكون أمينًا في أن تديرها بعيداً عن الخراب الذي عمَّ الوطن".
تابع البيان "وها أنت في منتصف مهلتك المحددة، ومازلت غير آبهٍ بما يريده المثقف لوزارته، وزارة الثقافة، ذات السيادة المطلقة، وتتسرب الأنباء عن تكليف من لم يُشهد لهم بالمواقف الثقافية، ومن وقفوا ضد التظاهرات الشريفة للجماهير، ومن جعلوا من أفعالهم طريقًا للسياسيين ارتزاقًا وتملقًا، وتجاهلتَ أخذ رأي الأدباء ممثَّلين باتحادهم الذي استطاع أن يُخرج وزارة الثقافة من نفق المحاصصة المقيتة، وما زال ينادي بهذا التوجه، فالمحاصصة التي أكالت الوزارات لغير مستحقيها هي آفة العراق الكبرى".
أضاف أن "ثورة الساحات العراقية مازالت مستمرة ومكرسة بمئات الشهداء وآلاف الجرحى، وبالمختطفين والمعتقلين من الأبرياء، وللأدباء النصيب الكبير من كل هذا الألم، لذلك من غير المنطقي أن تستوزر على الوزارة الأقرب إليهم مَن لم تنطبق عليه مواصفاتهم، ومن غير وسطهم الثقافي المليء بالعقول المعرفية الباسقة".
أشار إلى أنه "سيظل صوتنا عالياً في مجابهة ما يجري من تجاهل، ولن نهادن جهة أو طرفاً على حساب الثقافة العراقية، وسنعد عدم الإصغاء لصوتنا فعلاً مقصوداً لتهميش شريحة الأدباء، التي تناضل بعقلها من أجل مستقبل الجميع، وعلى الرغم من كل الظروف الملتبسة في تكليفكم بتشكيل الحكومة، نبلغكم أن أدباء العراق لن يرضوا بوزير يُفرض عليهم فرضاً، فقد ولّى زمن القسر السابق، ولن يقبلوا بأقل من دورهم في قيادة وزارتهم، فاغتنم فرصة الاستشارة والسؤال، فلا مفر من قلم التاريخ الذي يخطّه الأديب حين غضبه وسخطه".
وأثار صدور البيان ردود أفعال عبرت عن غضب الكثير من كتّاب وأدباء وفنانين عبر صفحاتهم في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أطلقوا وسم "#لاصوت_يعلو_صوت_أبناء_تشرين" رداً على بيان الاتحاد الذي جاء بعنوان "لا صوت يعلو صوت الأدباء في اختيار وزارتهم"، متهمين الاتحاد بالمتاجرة بدماء شهداء الثورة، والاعتراف الصريح بشخصية محمد توفيق علاوي المرفوضة من قبل المحتجين.
وكتب الدكتور قحطان جاسم وهو شاعر وناقد عراقي عبر صفحته في "فيسبوك"، إن "اتحاد الأدباء في العراق يقع في خطأين فاضحين، بطلبه أخذ رأيه، أو لا، عند تعيين وزير ثقافة في الحكومة القادمة: الأول: تبادل المصالح مع وزير صمتَ عن القتلة، بل و دافع علنًا عنهم، بحضوره مراسيم جنازة أحد مجرمي العصائب، والثاني، اعترافه الصريح بحكومة محمد علاوي التي رفضها المتظاهرون.. وفي كلا الحالين يبرر الاتحاد أفعال القتلة، بدلاً من رفضها جملة وتفصيلًا"، وختم جاسم منشوره بالقول "هل تحول الأدب والأديب عندنا إلى خادم للسلطة وطبّال للقتلة واللصوص".
فيما كتب النقاد الدكتور حمزة عليوي على حسابه في "فيسبوك"، "إذا صح أن اتحاد الأدباء والكتاب في العراق قد أصدر بياناً باسمه، وليس باسم رئيسه، يدافع فيه عن حقه بتوزير مثقف عراقي معروف، يكون بالضرورة عضواً نافذاً بالاتحاد. والبيان، من ثمَّ، يسرِّب ما يُفيد رغبة الاتحاد بالإبقاء على الوزير الحالي، لا سيّما أن رئيس الاتحاد، السيد ناجح المعموري، قد نشر مقالًا يؤيد فيه بقاء الحمداني وزيراً للثقافة".
وتابع عليوي "هذا الأمر يعيب كثيراً تاريخ اتحاد الأدباء، ويذكرنا ببياناته المعيبة والمؤيدة للسلطة في أزمنة عراقية سابقة".
وأضاف "كل من شهد المذبحة ولم يرفع أصبعه محتجاً لا يستحق أن ينتفع بمال العراقيين الفقراء، ولا يجوز لأحد، أياً كان، اعتماده في إدارة وزارة أو مؤسسة عراقية تتصرف وتنفق من مال العراقيين".
وعلق الشاعر أسامة غالي، وهو رئيس تحرير مجلة الثقافة العراقية على فقرة من فقرات بيان الاتحاد التي تقول "إن ثورة الساحات العراقية ما زالت مستمرة ومكرسة بمئات الشهداء وآلاف الجرحى، وبالمختطفين والمعتقلين من الأبرياء، وللأدباء النصيب الكبير من كل هذا الألم، لذلك من غير المنطقي أن تستوزر على الوزارة الأقرب إليهم مَن لم تنطبق عليه مواصفاتهم، ومن غير وسطهم الثقافي المليء بالعقول المعرفية الباسقة".
حيث كتب غالي في حسابه على "فيسبوك"، أن "هذه الفقرة من بيان اتحاد الأدباء، تؤكد استغلال الثورة بشكل مخجل، والمتاجرة بأبناء تشرين وتضحياتهم، لأجل بقاء وزير لم يكن مع هذه التضحيات لمرة واحدة، ثم انظروا (وللأدباء النصيب الكبير من كل هذا الألم)، أي ألم، أين هذا النصيب الكبير من الألم، هؤلاء الذين قتلوا وجرحوا وعانوا ما عانوا ما صلتهم بكم، لتصادروا كلّ هذا ويكون لكم النصيب الكبير؟!!".
في السياق، عد الشاعر محمود جمعة أن التمسك بالحمداني وزيراً للثقافة نوع من الاحتيال على الثورة، قائلاً إن "كلّ شخص تباركه السلطة الحالية، هو مرفوض، سيما وأن الحمداني الذي عاقب موظفي وزارة الثقافة في إثر التحاقهم بالمظاهرات، فضلاً عن شبهات الفساد التي تحيطه، وإن قدّم ردوداً أو مسوّغات حول ما أُثِير أخيراً، فهي غير كافية ولا تبرّئه من ذلك، (15) مليون دينار تكاليف ضيافة الوزارة، فقط هذا المُعلن، وما لا نعلمه قد يكون أكثر"، فيما تساءل جمعة بمنشور على صفحته في "فيسبوك" ورصده "ألترا عراق" "لماذا الإصرار على شخصيات حكومة عبدالمهدي؟ هم من الكابينة نفسها التي دمّرت العراق والعراقيين منذ 2006 وحتى الآن، الحكومة التي لم تُشكّل يوماً إلا بمباركة دول الجوار، كل ترشيحاتها مرفوضة، وكل شخصياتها غير مرحّب بهم في ساحات التظاهر".
وتابع جمعة "على السلطة الحالية، وكلِّ مؤسساتها أن تدرك جيدًا، أنّ الشعبَ العراقيّ لن يُخدع ثانياً كما فعلتم في السنوات السابقة، عليكم الإصغاءُ إليه بحذر وتمعّن، فهو المصدر الوحيد الآن لإقرار المصير".